انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الاثنين الموافق السادس من ربيع الآخر علم من اعلام الدعوة ليس على مستوى المملكة فحسب بل على مستوى العالم الاسلامي لقد خسر العالم الاسلامي في هذا العام الكثير من علمائه الاجلاء من امثال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ مصطفى الزرقاء، والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ عمر فلاتة، والشيخ مناع القطان (والذي انتقل الى رحمة الله تعالى يوم الاحد الموافق الخامس من ربيع الآخر) رحمة الله على هؤلاء العلماء الأعلام وجزاهم عن الأمة الاسلامية خير الجزاء.
لقد قضى الشيخ عطية محمد سالم عمره المديد في التعلم والتعليم فلقد درس في الستينات الهجرية من القرن الماضي في حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف بحضور حلقات المشايخ في تلك الفترة، ومن ابرزهم الشيخ محمد التركي والشيخ عبد الرحمن الافريقي رحمة الله عليهم، ثم انتقل الى الدراسة بالمعهد العلمي في الرياض في بداية عام 1370ه والتحق بعدها بكلية الشريعة وكلية اللغة العربية بالرياض وحصل على الشهادة الجامعية من هاتين الكليتين، ثم بدأ حياته الوظيفية كمدرس في المعهد العلمي في الاحساء ثم انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض وانتقل مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الى المدينة المنورة عند تأسيس الجامعة الاسلامية بالمدينة في عام 1381 هجري للمشاركة مع مجموعة من العلماء في ادارة الجامعة والتدريس فيها وكلفه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بادارة التعليم بالجامعة (وسميت فيما بعد (عمادة القبول والتسجيل) بالاضافة الى عمله بالتدريس، ثم انتقل الى المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة قاضياً بالاضافة الى عمله كمدرس بالمسجد النبوي في عام 1393 هجري.
وقد مارس التدريس بالمسجد النبوي الشريف منذ تأسيس الجامعة الاسلامية وحتى وفاته، ومن العلماء الذين تأثر بهم الشيخ عطية فضيلة الشيخ محمد الامين الشنقيطي حيث زامله مزاملة طالب علم اربع سنوات ثم بعدها زامله لمدة 18 عاماً ولقد تأثر فضيلته بمنهج الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وقام الشيخ عطية بتتمة تفسير اضواء البيان الذي توفي الشيخ الشنقيطي قبل اتمامه، كما تأثر الشيخ عطية بسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز اذ درس على يده بكلية الشريعة بالرياض ثم زامله خلال وجود الشيخ عبد العزيز بن باز كنائب لرئيس الجامعة الاسلامية.
كما رافق الشيخ عطية فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح، في المحكمة وحتى وفاة الشيخ بن صالح وقد تأثر الشيخ عطية تأثراً كثيراً بمنهج الشيخ بن صالح في الخطابة والتعامل مع الناس، وقد شارك الشيخ عطية في العديد من المحاضرات خارج المملكة في افريقيا وآسيا في مجال الدعوة لعدة سنوات، كما شارك في تأليف العديد من الكتب منها كتاب الدماء في الاسلام، وكتاب وصايا الرسول، والعديد من الرسائل، واكماله لاضواء البيان، كما شارك في التوعية في الحج منذ اكثر من 20 عاماً وحتى حج العام الماضي 1419ه وعرف الشيخ عطية باعتداله في منهجه في الدعوة وفي فتواه، وفي المسائل الفقهية التي يتطرق اليها، وعرف عنه معرفته بالفقه على المذاهب الاربعة وذلك من خلال تدريسه لموطأ مالك وقد عرف عنه بساطته في ملبسه ومأكله ولم يعرف عنه انه عاب طعاماً قط تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قضى الشيخ عطية الذي توفي عن 75 عاماً كل عمره في التعلم والتعليم والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والف الكثير من الكتب والرسائل، وهذه ليست سيرة ذاتية للشيخ الفاضل عطية محمد سالم لكنها ذكر لبعض ما اتصف به العالم الجليل -رحمه الله- رحمة واسعة وجعله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وألهم ابناءه وبناته وذويه الصبر والسلوان ووفق تلاميذه لكتابة سيرته التي يعرفونها، وانا لله وانا اليه راجعون .