Wednesday 21st July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 8 ربيع الثاني


هل يعيد الاتحاد الأوربي توحيد قبرص؟
قرية على الخط الأحمر يتعايش فيها الأتراك واليونانيون

* قبرص- ا,ف,ب
يعتبر القبارصة اليونانيون ان احتمال الانضمام الى الاتحاد الاوروبي عامل اساسي لتشجيع جهود الامم المتحدة وواشنطن لاعادة توحيد الجزيرة التي تحتل تركيا قسما من شمالها منذ 25 عاما.
وبانتظار الاستحقاق الاوروبي، دعا مجلس الامن الدولي بناء لطلب مجموعة الثماني الى عقد لقاء في الخريف بين الزعيمين اليوناني غلافكوس كليريديس والقبرصي التركي رؤوف دنكطاش لايجاد حل في اطار القرارات الدولية حول قبرص.
وقال وزير الخارجية القبرصي يناكيس كاسوليديس لوكالة فرانس برس انها المرة الاولى التي تعلن فيها الدول الكبرى دعمها التام للامين العام للامم المتحدة كوفي انان وتعد بالتحرك بنشاط لمساعدة الجانبين على التوصل الى تسوية .
واضاف الوزير اننا في مرحلة انتظار وترقب مشيرا الى انه يفضل ان يبقى حذرا حتى الخريف , وتابع على الوضع الحالي ان يتغير خصوصا مع اقتراب موعد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي .
واشاد كاسوليديس خصوصا بموقف فرنسا التي دعت في نهاية حزيران/ يونيو الماضي المجموعتين القبرصيتين الى العمل على اساس القرارات الدولية لاقامة فدرالية بمنطقتين ومجموعتين .
وقال كاسوليديس كل شيء رهن بتصميم الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة خصوصا على التأكيد لتركيا اننا بحاجة الى بعضنا البعض لكن هذه المرة علينا ايجاد حل وسنجده .
ويعتبر سفير غربي معتمد في نيقوسيا ان رهان القبارصة اليونانيين الاوروبي لتعجيل ايجاد حل شجاع ومحفوف بالمخاطر .
ومنذ بدء عملية انضمام قبرص الى الاتحاد الاوروبي يطالب الزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكطاش بكونفدرالية مؤلفة من دولتين تتمتعان بسيادة ويرفض التفاوض من دون الاعتراف مسبقا ب جمهورية شمال قبرص التركية التي اعلنت في 1983 ولا تعترف بها سوى انقرة.
واكد الرئيس كليريديس لوكالة فرانس برس ان دنكطاش يعرف جيدا ان احدا لن يعترف به كرئيس دولة قبل ان يشارك في المفاوضات لكنه يحاول الحصول على اكبر قدر من الاعتراف بوضعه .
وتابع في حال تركت مجموعة الثماني انان وحده من دون ممارسة نفوذها على انقرة فلن يتم التوصل الى نتائج .
ويقول ارغون اولغون مستشار دنكطاش ان المشكلة الحقيقية هي ان الجمهورية القبرصية لم تعد تمثل كامل الجزيرة بل القبارصة اليونانيين فقط .
واعلن اولغون لوكالة فرانس برس لن نقبل بأي شيء اقل من اعتبارنا دولة تتمتع بسيادة, لقد اختبرنا خلال ربع قرن الحرية والعلم والسلطة ونريد ان نعامل ككيان شرعي مستقل .
وذكر سفير الاتحاد الاوروبي في نيقوسيا دوناتو كياريني ان اوروبا هي بالتأكيد المؤسسة التي تعطي ضمانات لكل مجموعة ثقافية لتتمكن من التمتع بحرية التعبير وحيث لا يعتبر حجم الامم معيارا اساسيا .
واشار الى الطريقة التي ينظر فيها الاتحاد الاوروبي الى الامور اننا نعمل ونقوم بالتجارة وسنتمكن من سد الثغرة السياسية عبر اجراء تقارب بين المجتمعات بواسطة الحوار والمبادلات والثقافة .
وقال كياريني ان الامن الذي هو في صلب القلق السياسي يقدم كهدية عندما تؤمن هذه الشروط وخصوصا احترام حقوق الانسان .
احتلال,, أم حرية؟
ومنذ خمسة وعشرين عاما من الاحتلال بالنسبة للجنوب هي نفسها ربع قرن من الحرية بالنسبة للشمال، لكن الذكرى احتلالا كانت او تحررا تمر دون غضب او حبور في قرية بيلا او ما يسميه القبارصة اليونانيون جمهورية التعايش .
القرية النموذج كما يصفها السرجنت غريغ مولي احد العناصر الستة في الشرطة المدنية ثلاثة استراليين وثلاثة ايرلنديين التي تتولى امور القرية تحت علم الامم المتحدة، توحي بالوداعة والاسترخاء وتتوسطها كسائر قرى المتوسط ساحة كبيرة تحيط بها المقاهي التي لا يسمع في ارجائها سوى اصوات النرد واحجار طاولة الزهر تحركها بكسل اصابع اللاعبين.
والقرية التي تقع على تخوم قاعدة ديكيليا العسكرية البريطانية هي الاستثناء الوحيد في الجزيرة المقسمة منذ العشرين من تموز/ يوليو 1974 عندما اجتاح الجيش التركي شمالها, ففي الوقت الذي فر الاخرون من قراهم المختلطة، طوعا او قسرا، في هذا الجانب او ذاك، ظل اهالي بيلا معا ليشكلوا نموذج الامر الواقع.
لكن السكان يعترفون بأن الجغرافيا وحدها واعتبارات اقل اهمية هي التي فرضت هذا الاستثناء, فالقرية كما يوضح انور نجادي وهو قبرصي تركي في الخمسين لا تبعد سوى مئات الامتار عن قاعدة ديكيليا الممتدة على مساحة واسعة ولا تبعد سوى كيلو مترين اثنين عن نقطة الحدود للشطر الشمالي الذي اعلنه القبارصة الاتراك منذ 1983 ومن جانب واحد جمهورية شمال قبرص التركية ولم تعترف بها سوى انقرة.
وقد اختار السكان، كما يضيف انور، البقاء لان الجيش التركي الذي احتل ثلث الجزيرة بعد خمسة ايام على الحركة العسكرية الانقلابية لالحاق قبرص باليونان في الخامس عشر من تموز/ يولي 1974 لم يدخل القرية وانما احتل مرتفعا صخريا يشرف عليها، ولان القرية ظلت بعيدة ايضا عن ايدي الانقلابيين.
لكن انور يعترف ايضا بأن الذعر استولى على اهالي القرية مع بدء تحرك القوات التركية فالتجأ القبارصة اليونانيون الى القاعدة البريطانية فيما اتجه القبارصة الاتراك شمالا نحو اول المواقع التركية, ومع اعلان القرية جزءا من الخط الاخضر الذي يتسع ليبلغ اكثر من كيلو متر في المنطقة عاد الجميع اليها تحت علم الامم المتحدة.
ولا يتوقع انور، العاطل عن العمل في القرية التي يعيش معظم اهلها من الزراعة والعمل في القاعدة البريطانية، ان تستعيد الجزيرة وحدتها, ويتساءل كيف لنا ان نعيش في بلد نعتبر فيه غرباء ، ويضيف في بيلا نفسها انا بحاجة الى تصريح من الشرطة الجنوبية للذهاب الى لارنكا لكن التصريح لا ينفعني في ايجاد عمل, فهم لا يرحبون بنا كثيرا الا امام عدسات المراسلين.
ويشرح ستافروس ستافرو 28 عاما وهو مساعد المختار اليوناني في القرية الوضع بطلاقة من تعود الحديث مع المراسلين من كل لون اننا نعيش هنا كما كنا قبل 1974 وبالنسبة نفسها تقريبا حوالي 900 قبرصي يوناني و300 قبرص تركي .
ويشدد ستافروس على اجواء الوئام في القرية التي نادرا ما تشهد مشكلة والتي لم تفرز الاحياء فيها وظلت مساكنها مختلطة, ويستشهد بالسرجنت كريغ الذي يؤكد الامر مشيرا الى انه طوال الشهور الثلاثة منذ وصوله الى القرية لم يشهد اخلالا بالامن.
لكن اجواء الوئام تعود في معظمها، كما يوضح حسين محمد 43 عاما ، الى ان فرص الاختلاط قليلة بين المجموعتين على الرغم من انهما تعيشان جنبا الى جنب فلكل مجموعة مختارها ومدرسته ومقاهيها ومعبدها ولغتها وامنها ايضا.
ويضيف حسين ان الشرطة القبرصية اليونانية تدخل القرية في كل مناسبة ولكن من دون سلاح وبلباس مدني وكذلك الشرطة القبرصية التركية, ولكل مجموعة مرجعها الامني مع مراعاة المرور بالشرطة المدنية الدولية.
وضع فولكوري
ويعترف حسين ان الوضع الذي يصفه بالفولكلوري يبدو ملائما لسكان القرية التي تحولت الى معلم سياحي ومركز للتهريب باتجاه الشطر الجنوبي بصورة خاصة, وهو ما يردده ايضا بتروس فاسيليو صاحب مطعم السمك المعروف في القرية التي تجتذب السياح.
ويقول حسين اين تجد في غير بيلا بسكانها الذين لا يتجاوزن 1200 نسمة هذا العدد من المقاهي ومن المتاجر التي تعرض الذهب والحلي والجلود والثياب والمنتجات ا لتي لا تتوفر الا في مخازن المدن الكبرى, ويضف بيلا تختصر بثلاثة: سياسة وسياحة وتهريب وهذا يناسب الجميع.
اندرياس فاسيليو 45 عاما صاحب المقهى اليوناني على الزاوية الشمالية لساحة القرية اختصر الوضع قائلا وكأنه يكرر شعارا طالما ردده لا مشاكل في بيلا مع القبارصة الاتراك,, المشكلة هناك ، مشيرا الى العلم التركي الاحمر فوق المرتفع الصخري المطل على القرية.
لكن اندرياس نفسه لا يخفى استياءه من جهة اخرى من مواطنيه القبارصة الاتراك الذين يستفيدون من كل الخدمات التي توفرها الحكومة القبرصية اليونانية ولا يدفعون الضرائب او ما يستلهكون من الماء والكهرباء على عكسنا نحن مع تأكيده الحازم ما نريده هو العودة الى ما كنا عليه قبل 1974 .
لكن العودة هذه هي المشكلة، كما يرى انور الذي يقول ساخرا كيف يمكن ان نعود الى الوضع الذي كان وراء الانفجار ويضيف بيلا تبقى على وحدتها الوهمية طالما استمرت الامم المتحدة, اما الجزيرة ككل فلا اعتقد انها ستعود الى وحدتها ولعل ذلك لمصلحة الجميع فالتعايش ليس سوى خدعة وربع القرن الذي انقضى كرس الانقسام ولم ينل منه .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
ملحق الطائف
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved