عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على ما نشر بعزيزتي الجزيرة في العدد 9787 يوم الجمعة 3/4/1420ه ما كتبه الاستاذ المهندس ناصر علي الصبيح تحت موضوع مواجهة شبح البطالة حيث ابدى وجهة نظره حول وضع استراتيجية شاملة انطلق من خلالها بعدة محاور قال انها في مجملها قد تكون من الحلول التي يمكن بواسطتها ان تسهم في ايجاد بعض الحلول للبطالة.
ومن هذه المحاور التي اقترحها الاخ ناصر: القبول في المعاهد والكليات والجامعات والتوظيف بشركات ومؤسسات القطاع الخاص والتقاعد المبكر لموظفي القطاع العام وغيرها من الامور التي قد لا نختلف مع كاتبنا العزيز فيها، بل نقدر ونثمن له هذا الطرح والذي يهدف من ورائه خدمة الصالح العام.
ولكن ليسمح لي مهندسنا الكريم ومعه معشر القراء بالمداخلة التالية حول هذا الموضوع والذي يعتبره البعض وللاسف شبحاً مخيفاً اسمه البطالة فمن المعروف والدلائل تشير الى ان ظاهرة البطالة وبأشكالها المختلفة تعم جميع دول العالم الغنية والفقيرة,, اذاً يجب علينا ادراك هذه الحقيقة وعدم اغفالها خاصة اذا علمنا بأن هناك نسبة لا يستهان بها من القوى العاملة في معظم بلدان العالم المتقدم معطلة او شبه معطلة اما بدون عمل او انها لا تستخدم الاستخدام الكامل.
وينطبق القول نفسه على كثير من دول العالم الثالث ولكنه يختلف من دولة لاخرى حسب اشكال هذه البطالة ونسب معدلاتها.
ولو عدنا للحديث عن وضعنا في المملكة العربية السعودية فيجب علينا عدم المبالغة والتضليل والادعاء بأننا نعيش في ازمة بطالة.
خاصة اذا ادركنا بأن مسيرة وتجربة التنمية في بلادنا تحقق افضل النتائج المطلوبة وتسعى جاهدة لتحقيق الاهداف والخطط المرسومة والتي تكفل بدورها تحقيق ما يرضي وينمي المواطن فيها.
وما نراه ونحن نتابع نمونا الاقتصادي لدليل على نجاح هذه المسيرة في ظل ما نراه من تعثر وتباطؤ لمعدلات النمو الاقتصادي في البلدان الاخرى والذي عمل بدوره الى انتشار آفة البطالة في هذه البلدان.
ومع احترامي لمن يقول ويفسر ان شبح البطالة قد حل بنا فذلك رأي ومنطق لا يكون قريب الصلة بالعقل والرؤية,, لانني من وجهة نظري لا اظن ابداً ان الفرد منا سيذهب للبحث عن عمل في بلادنا ولا يجده,, فالميدان وساحة العمل مليئة بمئات بل بآلاف الوظائف والتي قد يشغلها غير السعوديين من العمالة الوافدة.
ولذلك فالمشكلة هنا لا يطلق عليها بطالة بمفهومها الحقيقي,, ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية اقناع هؤلاء البشر ممن يدعون انهم لا يجدون فرصاً للعمل,, بالعمل مكان هذه العمالة الوافدة.
ولاننا بصريح العبارة لا يعجبنا العجب ولا يقنعنا ويرضينا ان نعمل في اعمال متوسطة وحرف اخرى,, وليس لدينا الاستعداد للعمل في اي موقع شاغر على خارطة بلادنا,, لكننا نرغب فقط العمل في المدينة التي نعيش فيها.
اذاً اذا عرف السبب بطل العجب,, والسبب هنا ناتج عن عزوفنا وهروبنا من البحث عن أي عمل وفي اي موقع.
فهل نسمي ذلك بطالة؟ البطالة يا اخوان هي عدم وجود اي فرصة عمل كافية لطالبي العمل في اي مكان وموقع.
ويجب الاشارة هنا بأن ظروف الحياة والزمان والمكان قد تغيرت، كذلك النمو السكاني المتزايد لسكان المملكة في السنوات الاخيرة خاصة اذا علمنا ان تركيبة الهرم السكاني للمملكة يستحوذ الشباب النصيب الاكبر منها وهذه من الامور التي يجب ان نعلمها ونعيها,, وهي امور طبيعية تحدث في مسيرة ونمو اي دولة في العالم.
ولكن رغم ما يقال عن البطاله السافرة والتي عادة ما تكون مرتبطة بالمدن الكبرى في دول العالم والتي جاءت نتيجة لعدم التكافؤ بين الزيادة السريعة للسكان واليد العاملة من جهة ونمو فرص العمل من جهة اخرى.
فنحن لا نشك بأن لدينا نمواً سريعاً في السكان ولكن في المقابل لم نصل بعد ما وصلت اليه الكثير من الدول والتي يتوفر لديها اعداد هائلة من العمالة ونمو وفرص العمل فيها قد يكون معدوما.
فمازلنا بخير، وخير دليل على ذلك ما نشاهده من عمالة وافدة قد تكون هي المسيطرة على سوق العمل لدينا,, وماذا يدل عليه ذلك، هل يدل على ان خريج الجامعة او الثانوية لابد ان تتوفر له الوظيفة المناسبة والمكان المناسب.
ماذا لوجرب احدنا ان يقوم بمهنة واحد من هذه العمالة ولو بفتح محل خضار بسيط على سبيل المثال؟ ماذا لوجرب احدنا ان يعمل موظف استقبال في احد فنادقنا,, الخ,, متى ادركنا واهملنا هذه العقدة عندها سنكون عاملين واعضاء لنا فاعليتنا ودورنا وانتاجنا في هذا المجتمع, ولانني لا ارى ان اسباب البطالة في بلادنا ترجع الى تباطوء معدلات النمو الاقتصادي فنحن ولله الحمد مازلنا ننعم بنمو اقتصادي جيد مقارنة بالدول الاخرى والسبب الحقيقي من وجهة نظري سبب اجتماعي ونفسي فالكثير الكثير من طالبي العمل لا يقبلون العمل من اجل ان يؤمن له ولافراد اسرته دخلاً ومستوى معيشة مقبولاً يحفظ له كرامته ولقمة عيشه ويشعره كانسان ومواطن عضو فعال ومنتج في مجتمعه.
فالكثير من هؤلاء ينقصه الخبرة في معرفة تغيرات الحياة, فالزمن لا يبقى على وتيرة واحدة,, وزمن الطفرة خلاص انتهى وبدأ زمن اثبات الذات بالقول والعمل, وليس بالخمول والكسل والاعتماد على الآخرين .
وانا متيقن ان الشخص متى ما شمر عن ساعديه ونهض مثل الحصان للبحث عن اي عمل فسيجده ولكن بدون شروط, فالزمن يحتم علينا ان نعمل من اجل ان نعيش,, والعمل الشريف شرف للانسان وخير له من البقاء عالة على اهله ومجتمعه واقصد بذلك ان اعمل في اي عمل ولو بديلاً للعامل الهندي او البنغالي والذي يعمل ليل نهار وهو يدير عدة محلات تجارية وهذا مطلب لمن يظن اننا نعيش حالة من البطالة والعمالة من حولنا يقومون بكل الاعمال التي حان الوقت لكي نعمل فيها ونرضاها,,ومتى مارسنا هذه الاعمال واصبحنا نحو القائمين على عملها والاشراف والمتابعة عليها فلن يكون لدينا باذن الله كما يدعي البعض اي نوع من البطالة.
واما ان نبقى نندب حظنا ونتحسف على سنين عمرنا وشهاداتنا وكأننا محبطون مقعدون لا حول لنا ولا قوة,, نعيش وراء الجدران نتابع ونطالع القنوات الفضائية ونجوب الشوارع عرضاً وطولاً وننتظر ما يعطى لنا من الاب او الاخ او الصديق ما نملأ به بطوننا في المطاعم والمقاهي فذلك شيء,, والجد والاهتمام والرضاء بالعمل الشريف والسعي وراء لقمة عيش شريفة ولو كانت بسيطة شيء آخر والله اعلم.
علي عبدالرحمن الحصوصة القحطاني
الرياض