* الرياض- الجزيرة
قدّم الدكتور علي بن سعيد الغامدي رئيس اللجنة الوطنية لسلامة المرور والاستاذ المشارك بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود، دراسة مهمة بعنوان بعض الخصائص التشغيلية لخدمة الأجرة العامة وحجم تورطها في حوادث المرور في مدينة الرياض تضمنت دراسة شاملة للخصائص التشغيلية وخصائص السلامة المرورية لسيارات الأجرة العامة في مدينة الرياض, في هذا الجزء نلقي الضوء على الجانب التشغيلي بعرض أبرز ما طرحته الدراسة حول هذا الجانب.
وعلى الرغم مما أتاحته خدمة الأجرة العامة من بديل حضاري أمام الراكب، إلا أن انتشارها الواسع وكثرة تكرار حوادثها المرورية وممارسات سائقيها جعلت من هذه الخدمة هاجساً يؤرق مستخدمي الطرق.
ويلاحظ أن عدد سيارات الأجرة العامة تجاوز 26 ألف سيارة، وأن مدينة الرياض تستحوذ على النسبة العظمى من هذه السيارات.
خصائص اجتماعية للسائقين
توضع أرقام الدراسة تفوق الجنسية الباكستانية على غيرها من الجنسيات بنسبة 57,69% في سوق هذه الخدمة في مدينة الرياض يليها الجنسية البنجلاديشية 14,49% وتشكل الجنسيات الباكستانية والبنجلاديشية والهندية والمصرية نحو 93% من سوق العمل, وتجدر الاشارة إلى أن عينة الدراسة خلت من السعوديين، علماً أن البيانات جمعت في 1995م، أي قبل السماح للأفراد بالحصول على تراخيص الخدمة, وبالنظر لأعمار السائقين نجد أن النسبة العظمى منهم 32,69% أي نحو الثلث تتفاوت أعمارهم بين 31 و35 سنة غير أن اللافت أن ما يزيد على الثلثين يشكلون الفئة العمرية من 35 سنة فما دون, ويقدر متوسط أعمال السائقين بنحو 34 سنة بانحراف معياري مقداره 6,48 سنة.
وفي حين أن 15% من السائقين يصنفون بالأمية، بيّنت الدراسة أن 15% يحملون مؤهلات جامعية وظهر من التحليل أن 84% من السائقين متزوجون مما يعني أنهم يحملون أعباء أسرية في بلادهم.
نوع رخصة القيادة:
لقد كشفت الدراسة أن ما يقارب نصف السائقين 43% لا يحملون رخصة قيادة عمومي كما تتطلب الأنظمة مما يشير إلى وجود خلل في تطبيق أحكام هذه الخدمة ومعاقبة المستهترين في الالتزام بها، وتبيّن من خلال اجابات السائقين ان سببين رئيسين وراء ذلك وهما:
1- أن معظم السائقين لم يستقدموا اصلاً للعمل في هذه الخدمة.
2- غياب تطبيق الأنظمة منح هؤلاء السائقين الفرصة بعيداً عن أعين الرقابة.
ساعات العمل:
أكدت بيانات الدراسة أن سائق الأجرة العامة في مدينة الرياض، في المتوسط يعمل يومياً بمعدل 14,7ساعة، وهذا مخالف لأنظمة العمل في المملكة التي تحدد وقت العمل اليومي بثمان الى تسع ساعات، يقطع السائق خلالها ما يزيد على أربعمائة كيلومتر 407 .
وتعد هذه النتيجة مهمة جداً في فهم سوق العمل لهذه الخدمة، إذ إن العمل طوال اليوم تقريباً من دون أخذ قسط كاف من الراحة يجعل السائق يقع تحت وطأة الاجهاد والشد العصبي والارهاق الجسماني وهي كلها عوامل تساعد على الدخول في دائرة الوقوع في الحوادث المرورية.
ولكن ما السبب الذي يدفع السائق للمكوث في الطريق معظم ساعات الليل والنهار، هناك أسباب عدة من أهمها المبلغ المقطوع الذي على السائق دفعه لصاحب الشركة في نهاية كل يوم، وعدم وجود آلية رقابية للكشف عن ساعات العمل الطويلة.
المبلغ المقطوع:
للتحقق من أسباب بقاء السائق زمناً طويلاً يصل في متوسطه إلى ما يزيد على 14 ساعة يومياً، فقد تبيّن أن الاتفاق على مبلغ محدد المبلغ المقطوع يجب على السائق دفعه في نهاية كل يوم لصاحب الشركة مسؤول مباشر عن ذلك, وأسلوب الاتفاق بين السائق والشركة يمكن تقسيمه على وجه العموم إلى ثلاثة أقسام هي:
1- مرتب شهري + الربح الصافي بعد المبلغ المقطوع 60% من السائقين .
2- فقط صافي الربح بعد المبلغ المقطوع 37% من السائقين .
3- 15% من الإيراد اليومي 3%من السائقين .
يتضح من ذلك أن 97% من السائقين تعتمد دخولهم على الإيراد اليومي بعد خصم المبلغ المقطوع لذلك يندفعون باتجاه العمل أطول وقت ممكن.
الإيراد للكيلومتر:
لا يزيد متوسط عدد الرحلات الإيرادية المشوار بالراكب يومياً لسيارة الأجرة العامة في مدينة الرياض على تسع عشرة رحلة 18,64 وتعرف بأنها رحلات إيرادية لكون السيارة مشغولة براكب زبون على الأقل اثنائها, ويعكس عدد الرحلات معدل انشغال سيارة الأجرة الذي يقدر ب1,4راكب/ رحلة، أشارت دراسة أخرى إلى أن هذا المعدل يصل إلى 1,52 وهي مقاربة لما وصلت إليه هذه الدراسة, كما تبيّن أن معدل عمل السائق أسبوعياً يتجاوز ستة أيام ما يشير إلى عدم تمتعه باجازة اسبوعية، وهذا لا يتوافق مع أنظمة العمل في المملكة على الإطلاق.
وبتحليل لحجم سوق هذه الخدمة فإن الدراسة قدرت عدد الرحلات السنوية لسيارة الأجرة العامة في مدينة الرياض 6744 رحلة لخدمة 9442 راكبا, ومن ذلك يمكن تقدير عدد الركاب سنوياً الذين يتلقون خدمة الأجرة في مدينة الرياض بما يزيد على مائتين وثمانين ألف راكب 288439 ، مقابل 97000 راكب تنقلهم حافلات النقل الجماعي 8 .
غير أنه من الجدير بالقول إن حجم المعروض من سيارات الأجرة في مدينة الرياض يفوق الطلب عليها، وتبيّن ذلك عندما نشير إلى أن 28% من المسافة المقطوعة يومياً تمثل مسافة إيرادية والمتبقي 72% يجوبها السائق من دون راكب, وقد توصلت دراسة أخرى إلى نتيجة مماثلة تقريباً مما يؤكد بجلاء الخلل في التوازن بين العرض والطلب في سوق هذه الخدمة, وربما يتضح ذلك أيضاً حين نشير إلى أن معدل عدد السيارات لكل ألف ساكن بمدينة الرياض يقدر ب3,68 على الرغم من أن هذا المعدل لا يتجاوز 2 في معظم مدن العالم التي تشتهر بالسياحة وكثرة الزائرين.
|