تعد النقود أداة التعامل بين الناس والدعامة الأساسية التي تقوم عليها المبادلات التجارية ورمز القيم الحقيقية للأموال فلقد احتكرت الدولة إصدار العملات على اختلاف أنواعها واصبحت حقاً خالصاً لها ونصت عليها في الدساتير فكل اعتداء على حقها في إصدار النقود يمس سيادتها ويزعزع من كيانها.
إن جريمة تزييف العملة ذات طبيعة خاصة تميزها عن سائر الجرائم الأخرى حيث قد يحدث التزييف في بلد ويتم التوزيع والترويج لها في بلد آخر ويترتب على هذه الجريمة عدة جرائم ويكون المزيفون خليطا من أجناس مختلفة تجمعهم رابطة الجريمة.
انتشرت جريمة تزييف الأموال بعد الحرب العالمية الأولى من خلال تزييف بطاقات التموين,, حيث تيسرت لهم طرق حديثة كالفوتو ميكانيكية وعلى الأخص طريقة الأوفست حتى أصبح مصنع التزييف في بعض الأحيان يشبه استديو أكبر الفنانين.
لم يقتصر التزييف على الأفراد بل شمل الدول فقد قامت هنغاريا المجر عقب الحرب العالمية الأولى بتزوير العملات الفرنسية, كما قام هتلر رئيس حكومة ألمانيا وقتها بتزييف عملات بعض الدول المعادية وتشير الإحصاءات انه كان في سبع وعشرين دولة ثلاثة ملايين دولار مزيفة خلال الفترة مابين 1924- 1927م, وانتج المزيفون وقتها في مختلف أنحاء العالم مالا يقل عن مليون دولار في العام الواحد.
في عامي 1946و 1947م اكتشف المكتب الدولي حوالي 127 حالة تزييف للأموال وتبيّن أنه كلما كان للعملة شأن كبير دولياً ازداد اهتمام تلك العصابات بتزييفها واتضح أن جريمة التزييف للأموال أصبحت في مقدمة الجرائم الدولية وهذا لا يعود فقط إلى طبيعية انتشارها بل أيضاً إلى زيادة الوسائل التي تسهل عملية التزوير في العصر الحديث.
في 5يوليو 1926م شكت فرنسا على لسان مندوبها مسيو بريان في عصبة الأمم من أن تزييف العملات ليس خطراً على دولة واحدة فقط بل على كثير من الدول وأن الاجراءات المحلية غير فعالة وبذلك شكلت لجنة من عدة دول انتهى بها الأمر إلى عقد الاتفاقية الدولية لمكافحة التزييف والتزوير وقعت عليها في جنيف ثلاثون دولة في ذلك الحين.