خبراء متخصصون : الحل الوحيد ,, تكثيف الجهود ومواجهة الإعصار الجرائم الدولية قنابل موقوتة تهدد العالم !! |
* كتب - محمد العيدروس
صنف عدد من الخبراء والاكاديميين الجريمة الدولية، بأنها احدى الكوارث المحدقة بالمجتمع الدولي من خلال تنظيمها واهدافها واختراقها للدول وتعرضها للسيادة القانونية.
واعتبروا في تصريحات لالمحرر الأمني ان ضرر الجريمة الدولية شامل وأشد فتكا واحدى الوسائل التي تخلخل امن واستقرار المجتمعات.
واكدوا على ضرورة ان يتكاتف المجتمع الدولي والحكومات لمحاربة هذه الجريمة وتوحيد السبل والجهود لمكافحتها والوقوف صفا واحداً في مواجهتها.
وفي الاسطر التالية رصد تحليلي حول هذه الظاهرة.
د, العتيبي: الجريمة الدولية مسخرة لأهداف وإن اختلفت المسميات
يؤكد الدكتور العميد ابراهيم العتيبي,, ان الجريمة الدولية هي التي تتجاوز نطاق الدولة واقليمها ويكون ضررها خارج محيط الدولة، ويشترك بها افراد من خارج الدولة ذاتها وتدار بكفاءة وتخطيط وتنظيم، وغالباً ما تكون خارجة عن القانون ومنافية لمبدأ العدالة,ويضيف: وقد تميز النصف الأخير من هذا القرن بظهور الجريمة المنظمة بمسميات مختلفة وان كانت ترفع شعارات براقة مثل التحرير او مقاومة الظلم، وهي بحد ذاتها مسخرة وموجهة لخدمة فئة معينة تغلب عليها الانانية وحب الذات.
كما انها تنتشر في المجتمعات التي يغلب على تنظيمها التفكك الاجتماعي والاداري.
وبيّن الدكتور ابراهيم العتيبي ان ديننا الاسلامي الحنيف يحارب إلحاق الضرر بالغير والمجتمع الاسلامي عبر تاريخه الطويل لم يعرف الجريمة المنظمة وان برزت في بعض الفترات التاريخية نتيجة ضعف الدولة الاسلامية الا ان التنظيم الحديث أنشأه الغرب وبعض منها انشىء بمبادرات من المنظمات الاجرامية وبعضها بغطاء سياسي استعماري لتحقيق اهداف معينة.
وقال: ان بعضاً من انواع الجرائم الدولية وان اختلفت مسمياتها تحظى بدعم بعض الدول خاصة اذا كانت تهدف لاطماع سياسية، كما ان اليهود هم أول من بدأ الجريمة المنظمة عن طريق الجمعيات السرية.
وأكد الدكتور العتيبي ان للمملكة العربية السعودية مبادرة واضحة في مكافحة الجريمة المنظمة والدولية، وهي اول دولة نادت بعقد اتفاقيات دولية لمكافحة الجريمة المنظمة.
وقال,, ان لسمو الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية فضلا لاينكر في التصدي لمثل هذه الجرائم.
د, السقا: الجريمة الدولية,, شبكات متكاملة
يقول الدكتور محمد السقا استاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة القاهرة: في عصر العولمة وتخطي الحدود، شهدنا عولمة الجريمة، بمعنى ان الجريمة الدولية تجاوزت نطاق الدول ونطاق الحدود الجغرافية واخترقت السيادات الدولية، ورأينا مافيا جرائم المخدرات في امريكا اللاتينية، يملكون الطائرات والسفن والبوارج واستطاعوا اخراج احد بارونات المخدرات من قلب احد السجون الحصينة في كولومبيا بواسطة طائرة هليكوبتر.
ويضيف الدكتور السقا قائلا: ان الجريمة الدولية لم تعد جريمة افراد - اي جريمة افراد خارج النطاق الدولي بل اصبحت شبكات اجرامية لها اهداف مخطط لها، وغالباً ماتعمل خارج الحدود الدولية,وتحاول هذه الجريمة المنظمة اختراق الدول والحصول على منافع غير مشروعة او ترويج تجارات غير شرعية مثل جرائم المخدرات او تزييف العملة او التهريب.
الانتربول لم يستطع الوصول
وعلى الرغم من وجود الانتربول الدولي الذي يطارد هذه العصابات الا ان امكانياته مازالت محدودة والتعاون معه مازال في نطاق ضعيف، فهناك الكثير من افراد العصابات يجتمعون في مناطق معينة لم يستطع حتى الان الانتربول الدولي الوصول اليها.
كيف تتعامل الدول مع الجريمة الدولية
ورداً على سؤال حول كيفية تعامل الدول مع الجريمة الدولية، أوضح ان ذلك يتم عن طريق تفعيل دور الانتربول الدولي وتقديم كافة المعلومات عن الاشخاص المشتبه فيهم بتورطهم بجرائم والاحكام النهائية الصادرة نحوهم.
وقد خطت الدول العربية خطوة كبيرة بتطبيق وتوقيع اتفاقية مكافحة الارهاب لمطاردة المجرمين، للحد من هذه الظاهرة عربيا, الا انه حتى الان لم توقع سوى ثماني دول على هذه الاتفاقيات فقط وأولهم المملكة العربية السعودية.
علماً بان تجارة المخدرات على المستوى العالمي وصلت الى 8% من اجمالي التجارة الدولية وهو مايوازي ضعف حجم التجارة العربية من التجارة الدولية.
د, راتب: إنها تشكل
خطراً على سيادات الدول
وتؤكد الدكتورة عائشة راتب استاذة وخبيرة القانون الدولي، انه في زمن تدويل القضايا اي خروج القضايا من النطاق المحلي والاقليمي، تم تدويل الجريمة بشكل اوسع، واصبحت الجريمة الدولية تشكل خطراً على سيادات الدول واقتصادياتها في المقام الاول، بل ان المافيا الدولية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وضعف الحالة الامنية وسوء الاستقرار تفشت عصابات الجريمة الدولية في هذه المنطقة واتخذت من تجارة الرقيق الأبيض والمخدرات وسائلها في الثراء الفاحش.
بل ان بعضها حاول سرقة اسلحة نووية استراتيجية وضبط في المانيا بعض الاشخاص القادمين من روسيا ولديهم بعض المواد الاشعاعية المستخدمة في السلاح النووي.
استغلال لضعف قدرات الدول
وتمضي د, راتب قائلة: وتستغل عصابة الجريمة الدولية,, ضعف قدرات الدولة في السيطرة الامنية ولذلك نشطت العصابات الدولية في القوقازواوروبا الشرقية وتنشط اكثر في المناطق التي تعاني من اضطرابات وقلاقل، اما في الدول التي يسود فيها الاستقرار والامن فتأثير العصابات الدولية محدود.
الجرائم الدولية ثلاثة أقسام
ويقول الاستاذ الدكتور محسن عبدالحميد مدير إدارة التعاون الدولي باكاديمية نايف للعلوم الامنية
المجرم الدولي هو من يرتكب جريمة دولية أي الفعل الذي يرتكب اخلالا بقواعد القانون الدولي ويكون ضارا بالمصالح التي يحميها ذلك القانون مع الاعتراف بأن هذا الفعل يمثل جريمة يستحق فاعلها العقاب.
وبيّن د, عبدالحميد ان المادة السادسة من لائحة محكمة نورمبرج، التي حاكمت مجرمي المانيا النازية بعد الحرب العالمية الثانية قد قسمت الجرائم الدولية الى أقسام ثلاث:
- جرائم ضد السلام: ومن ذلك تدبير وتحضير وابتداء حرب اعتداء او حرب مخالفة للمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
- جرائم الحرب: وتنمثل في المخالفات التي ترتكب ضد قوانين وعادات الحرب، مثل قتل المدنيين، والاجهاز على الاسرى,, الخ.
- جرائم ضد الانسانية: وتتمثل في القتل والإبادة والابعاد وكل عمل غير انساني ارتكب ضد شعب من الشعوب قبل الحرب او اثنائها سواء كانت هذه الاعمال تعد اثنهاءها للقوانين الداخلية للدول التي ارتكبت فيها أم لم تكن كذلك.
وحول التعامل التشريعي مع الجريمة الدولية,, اوضح د, عبدالحميد قائلا: ويكون التعامل التشريعي مع الجريمة الدولية داخل الدول وبين الدول بإبرام اتفاقيات بين الدول كصورة من صور التعاون الامني للتغلب على المعوقات والعقبات القانونية والقضائية والفنية التي تواجه الدول عند التصدي لهذه الجرائم منفردة وابرز مثال على ذلك محكمة العدل الدولية في لاهاي التي يحاكم امامها الآن مجرمو الحرب في البوسنة والهرسك وفي كوسوفا.
ويؤكد الدكتور جمعان بن رشيد ابا الرقوش مساعد رئيس أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية ان لا الامم ولا الاديان ولا الثقافات المختلفة عبر العصور لم تجتمع مثل ما اجتمعت عليه الآن من نبذ الجريمة وتحريم السلوك الاجرامي بشتى صوره وأشكاله.
فلقد خاضت جميع شعوب الارض معارك ضارية ضد الانماط السلوكية المنحرفة واستنفذ ذلك منها كثيراً من الارواح والاموال فمنذ ان وطئت أقدام ابني آدم هذه الغبراء ارتكبت الجريمة فقتل احدهما أخاه ولازمت الجريمة منذ ذلك الحين المجتمع البشري فأين يكون الانسان تكون الجريمة ولا نستطيع القول بان هناك وعبر التاريخ وجدت مجتمعات تخلو من الجريمة إلا في خيال ابن خلدون ولذا يجب علينا التسليم اولا بأن الجريمة حتمية في المجتمعات البشرية ونسبية, -واضاف: ولنا ان نقول بان هناك مجتمعاً تكثر فيه الانماط الاجرامية وتتخذ شكلا ومضمونا يختلف عن المجتمع الآخر في النمط والحجم,, فمتى استطاعت اجهزة الأمن تقليل او تحجيم الخريطة الاجرامية في المجتمع فإنها بذلك تحقق انجازا يحسب لها اخذة بعين الاعتبار الزيادة المضطردة للسكان وتنوع الاحتياجات وتعارض المصالح البشرية لهم, فقطع دابر الجريمة نهائيا من المجتمع امر تكتنفه الصعوبة البالغة إن لم يكن ضربا من المستحيل.
وفي ظل ثورة المعلومات التي يعيشها العالم اليوم فإن زيادة استشراء الانماط السلوكية المنحرفة يكون مصاحبا لذلك وتنعدم الصورة النمطية للجريمة في مجتمع ما، فالجريمة المعاصرة اصبحت عابرة للقارات والحدود والاجواء والمياه الاقليمية فما كان يوما من الايام سمة اجرامية لمجتمع دون آخر اصبح اليوم يشكل جزءاً من الثقافة الاجرامية لشعوب الارض قاطبة، فكما اصبح تبادل الثقافات المجتمعية سمة عصرية للقرية الكونية فإن تبادل الثقافات الاجرامية يشكل جزءاً من هذا النقل الثقافي المعاصر.
ومضى د, ابا الرقوش في هذا الصدد يقول: ولم تدخر الاسرة الدولية وسعا في مكافحة السلوك الإجرامي فتجسد هذا الاهتمام من خلال:
- تأسيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية التي انجزت الكثير من المهام الاقليمية والدولية في سبيل ضبط الجناة والمجرمين الفارين من وجه العدالة المحلية للدول الاعضاء.
- تنفيذ عدد من المؤتمرات الدولية التي يشترك فيها عدد من الدول والمهتمين وذوي العلاقة ونفذ عدد منها تحت اشراف الامم المتحدة ممثلة بفرع العدالة الجنائية بفينا.
- تنفيذ عدد من الاتفاقيات والاستراتيجيات الدولية والاقليمية والعربية في عدد من الميادين الجنائية مثل مكافحة المخدرات ومكافحة الارهاب ومكافحة الجريمة وتسليم المجرمين ومكافحة جرائم القتل عبر الحدود والمنافذ.
- إنشاء إدارات تهتم بالتعاون الدولي في المجال الجنائي ترتبط بالاجهزة الامنية في عدد من الدول الاعضاء في المنظمة الدولية.
- انشاء محكمة لمحاكمة مجرمي الحرب الذين يمارسون اعمالا اجرامية تتنافى مع الاعراف الدولية اثناء الحروب.
- قيام أجهزة عليا للاشراف على الاعمال الامنية المشتركة في عدد من الدول مثل مجلس وزراء الداخلية العرب واجتماعات وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون ومجلس وزراء العدل العرب.
واضاف: ولا شك ان انماط السلوك الاجرامي المعاصر قد اتخذت شكلا ومضمونا ابتعد كثيرا عن الجريمة التقليدية التي ألفتها المجتمعات البشرية خلال العقود الماضية وذلك تبعا لتطورات العصر وتنوع خدمات التقنية التي تقدم للإنسان المعاصر فجرائم الحاسوب والمعلومات وجرائم البيئة والنصب والاحتيال والتزوير والتزييف والمخدرات والشلل عبر الحدود والمنافذ وغسيل اموال الجريمة كلها جرائم معقدة وتحتاج لممارستها قدرا من المهارة والتقنية وهذا ما يتوفر من سمات للمجرم المعاصر وبالتالي فإن عملية ضبط هذا النوع من المجرمين تحتاج الى قدر من المهارة الموازية في رجل الامن.
ومما يؤخذ على كثير من الانظمة الجنائية الدولية بطء المعالجة القانونية لهذه الانماط المستجدة التي تفوق سرعة استشرائها سرعة التكيف القانوني لها.
ومع ان القانون الدولي عالج بعض القضايا ذات العلاقة بالخريطة القانونية الدولية إلا أن ذلك لم يكن في يوم من الايام ليردع الكثير من الممارسات الدولية والفردية للخارجين على القانون العام ونستطيع القول بان الصبغة المعاصرة للخريطة الاجرامية الدولية قد اختلفت كثيرا عن الثوابت الاجتماعية السابقة لها وبالتالي فإن السيطرة القانونية والادارية على حركة الجريمة الدولية ليست بالعمل السهل وذلك تبعا لعدة متغيرات لعل من اهمها:
1- نصوص بعض الدساتير الدولية التي لا تشجع على الانضمام لبعض الاتفاقيات الدولية الخاصة بتسليم وتبادل المجرمين.
2- سهولة الحصول واستخدام التقنية المضادة من قبل المارقين على القانون مما يفقد فاعلية تقنية المكافحة.
3- جمود بعض القوانين الجنائية الدولية عن المسايرة العصرية للانماط الاجرامية.
4- استغلال تقنية المعلومات والاتصالات الحديثة كأوعية للممارسة الجنائية.
5- استغلال العائد المادي في ممارسة الجريمة وتنظيم مؤسساتها من خلال اعادة توظيف اموال تجارة المخدرات المحرمة شرعا وقانونا.
تتم عبر أكثر من دولة
ويقول الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان الأكاديمي والكاتب المعروف:
يقصد بالجريمة الدولية الجريمة عبر الدول )Transnationel Crine( أو )International Crine( أي ذلك النوع من الجرائم المنظمة الذي يتم عبر أكثر من دولة, ولا شك ان انهيار النظام العالمي القديم قد جعل العالم في وضع تتنازعه قوى العولمة )Globalization( والعولمة تنشىء عالماً متزايد الترابط تتضاءل فيه أهمية الحدود وهذه تتيح فرصاً ولكنها تثير مشاكل ايضا,, واضاف: ان العولمة تعتني من ضمن ما تعتني به بتخفيف القيود على حرية الانتقال للسلع والافراد، ولم يعد باستطاعة دولة دخول المنافسة الاقتصادية والاعلامية العالمية الا بدرجات معقولة من الانفتاح لتسهيل دخول المستثمرين والسياح والمستهلكين,, إن تخفيف القيود المتبادل من دول العالم يتيح فرصا كبرى ولكنه كما اسلفنا يثير مشاكل تتعلق باستغلال المجرمين لتسهيل انتقال الافراد والسلع لاغراض اجرامية.
|
|
|