Thursday 22nd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 9 ربيع الثاني


بلبس الأقنعة,,وازدواجية الشخصية
سياحة من أجل التسكع وعرض الأزياء

عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
في مثل هذه الايام من كل عام,, حيث نشاهد جحافل المصطافين وقاصدي السياحة إما للخارج أو الداخل,, وقد شدوا الرحال بقصد السياحة والترويح عن النفس والتنفيس وتغيير نمط روتين الحياة بعد جهد وعناء سنة كاملة,, وهذا مطلب قد يكون ضروريا لبعض الناس وقد يكون هواية لبعضهم وقد يكون شيئا آخر عند الكثير منهم خصوصا من يقصد السياحة الخارجية.
يقول الشاعر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفرجُ همٍ واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجدِ
ومن منطلق قول هذا الشاعر نقول وبالله التوفيق: قد تكون مثل هذه الفوائد التي ذكرها الشاعر لا نصيب وافر فيها عند من يسافرون للخارج منها,, واقصد بذلك بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا، فرنسا، سويسرا، ومعها أمريكا الشمالية وكذلك بعض الدول العربية مثل مصر، سوريا، لبنان، وغيرها من البلدان التي تستقبل سنويا آلاف السياح من أبناء مملكتنا الغالية.
حيث يذهب معظم هؤلاء السياح لهذه البلدان ليس طلبا للسياحة بمفهومها الذي يدل على أن السياحة وسيلة تجوال للكشف عن حضارات وثقافات وتاريخ ومعالم وآثار هذه الشعوب، وكذا الاستمتاع بمشاهدة المناظر الطبيعية البكر والهواء العليل، وغيرها من الأمور التي تنطوي تحت مفهوم السياحة بمعناها الحقيقي والمتعارف عليه عالمياً ودولياً.
ولكن ما الذي يحدث للكثير من هؤلاء السياح أو لهؤلاء الهاربين من بلادهم وأقصد هنا بالهروب كون معظم هؤلاء قد أجاد لبس الأقنعة وأصبح مخلوقاً آخر في سلوكياته وملبسه وعاداته وتقاليده وتقليعاته، ولكي أوضح الأمر أكثر أقول بصريح العبارة يجب علينا ألا نغالط واقعنا، فنحن وللأسف نشد الرحال ونصرف الكثير الكثير من المال ونبذل الجهد ونتحمل مشقة السفر والترحال وقد يذهب الحال ببعضنا لأن يتسلّف فلوس هذه السياحة من الآخرين,, ورغم ذلك نسافر إلى هذه البلدان ليس من أجل السياحة بمعناها الصحيح والسليم,, ولكن من أجل المظاهر والادعاء والتسكّع في شوارع ومقاهي الشانزليزيه والتجمهر والتجمع في حديقة الهايد بارك بلندن وعلى ضفاف بحيرة جنيف ومقاهي النيل، وكذا في لوبي الفنادق الفخمة في هذه الدول,, وقد يبقى الواحد منا نائماً طوال نهاره ولا يرى من معالم وآثار وجمال طبيعة هذه البلدان سوى ما يراه ليلاً إما في الفندق الذي يقبع به والله عليم بحالته أو في الملاهي الليلية التي يقضي معظم ليله فيها.
وهذه حقيقة مرة ولا يستطيع أحد أن ينكرها وحال ربعنا وسياحنا يقول ذلك ويترجم ذلك.
ثم لا يقف بنا الحد عند ذلك فحسب، فمفهوم السياحة يدخل ضمن مفاهيم حضارة الشعوب ولأن الحضارة سلوك فسلوك بعض سُياحنا وللأسف يختلف تماماً عن سلوك بقية الشعوب.
فبمجرد أن نركب الطائرة وبعد مضي فترة بسيطة نتجرد من سلوكياتنا وقيمنا التي تربينا عليها في هذه الأرض الطيبة المباركة ونبدأ بشيء من السلوك المغاير لطبيعتنا حيث تشاهد الرجل وقد لبس الشورت وارتدى القبعة والمرأة وقد تجردت من عباءتها وحشمتها ووقارها وظهرت بمظهر يوحي لنا بأنها في رحلة عرض أزياء وقد لبست أغلى الحلي والألماسات وكأن واقع حالها يقول للناس: شوفوا بنت النعمة والموضة والثراء والحرية!
ولأن هذه السلوكيات طبعا لا تمثل من يمثل بلاده بالخارج خير تمثيل ولكنها في مجملها لا تخلو من خلل في تركيبة وتنشئة هؤلاء الناس وشعور بالنقص يجعلهم يتقمصون شخصيات هلامية مجردة كل التجرد من تعاليم ديننا الحنيف ومن عاداتنا وتقاليدنا الراسخة والممتازة.
ومهما يقول ويدعي أصحاب هذه التقليعات بأن ظروف البلدان التي يقصدونها تتطلب منهم أن يظهروا بهذه المظاهر,, نقول يا أخي أنت ذهبت للسياحة وفلوسك هي التي تفرض وجودك على ساحة هذه البلدان فلماذا لا تفرض أنت ومن معك سلوكك الحقيقي وقيمك وأخلاقك التي يحتم عليك دينك وعروبتك أن تلتزم بها وتفرضها عليهم.
والحق يقال إن حال هؤلاء البشر ممن يرثى لهم قد وصل إلى درجة تجعلهم لا يدركون مفهوم السياحة والترويح عن النفس بما لا ضرر ولا إضرار,,, وأتمنى أن يعي كل شخص دوره في هذه الحياة وأن يعلم بأن الله سبحانه موجود في كل شبر على هذه الأرض وان كل شخص سيحاسبه الله.
علي عبدالرحمن الحصوصة القحطاني
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved