Thursday 22nd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 9 ربيع الثاني


العلامة الفقيه القانوني الشيخ مصطفى أحمد الزرقا

فجع المسلمون عصر السبت 19/3/1420 بوفاة عالم من اكبر علمائهم في العصر الحاضر هو علامة الدنيا وفقيه العصر الشيخ مصطفى الزرقا.
ولد الفقيه في حلب سنة 1904م في أسرة معروفة بالعلم والوجاهة فوالده الشيخ أحمد معروف بعلمه وفضله، وجده الشيخ محمد الزرقا كان من كبار علماء عصره كما حدثني بذلك الدكتور ناظم القدسي رحمه الله.
أتمّ دراسته الابتدائية والمتوسطة في حلب ثم التحق بالثانوية الشرعيةالخسروية وتخرج منها، وقد تردد كثيراً على حلقات العلماء ونهل منها العلوم الشرعية واللغوية كما قرأ على والده كثيراً من الكتب.
اما العلوم العصرية فقد درسها دراسة ذاتية حيث نجح في البكالوريا الأولى ورحل بعدها الى دمشق والتحق بمكتب عنبرالثانوية الوحيدة في سوريا آنذاك وحصل على شهادة البكالوريا الثانية علماً ان هذه الثانوية خرّجت عدداً من النوابغ أمثال علي الطنطاوي وظافر القاسمي ومصطفى الزرقا.
ثم التحق بكلية الحقوق وجمع معها الدراسة في كلية الآداب وتخرج من هاتين الكليتين في 1933 كما سافرالى مصر وحصل على دبلوم الشريعة الاسلامية من جامعة فؤاد الأول.
كان يتكلم الفرنسية بطلاقة كما كان له إلمام بالانجليزية، وقد عمل في مستهل حياته مدرساً فمحامياً وفي عام 1944 قام بتدريس الشريعة الاسلامية والقانون المدني في كلية الحقوق بدمشق.
عهدت إليه كلية الشريعة بدمشق برئاسة لجنة مشروع الموسوعة الفقهية ثم استعارت الكويت خدماته من جامعة دمشق ليقوم على مشروع الموسوعة الفقهية هناك، وبعد ان تقاعد من جامعة دمشق قام بالتدريس في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية من 1971- 1989.
بعض مشاركاته العملية
- كان عضواً بارزاً في لجنة وضع مشروع الاحوال الشخصية المستمد من الشريعة الاسلامية.
- في عهد الوحدة بين سورية ومصر اختير رئيساً للجنة وضع مشروع قانون الاحوال الشخصية في القطرين.
- اختارته الامانة العامة لجامعة الدول العربية عام 1981 خبيراً في لجنة وضع مشروع القانون المدني الموحد للبلاد العربية على اساس الفقه الاسلامي.
- شارك في وضع القانون المدني الاردني.
- اختير عضواً في مجمع الفقه الاسلامي بمكة المكرمة.
- كان عضوا في المجلس الاستشاري للجامعة الاسلامية بالمدينة.
- كُلّف اكثر من مرة للعمل في لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل.
مُنح جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الاسلامية.
- انتخب نائباً عن مدينته حلب في مجلس النواب السوري في دورتين.
- تولى وزارة العدل ووزارة الأوقاف مرتين في عهود دستورية.
بعض آثاره العلمية
اعظم مؤلفاته على الاطلاقالفقه الاسلامي في ثوبه الجديد المدخل الفقهي العام في مجلدين كبيرين.
هذا الكتاب جهد كبير ضخم قال عنه العلامة الحقوقي الكبير المصري الاستاذ عبدالقادر عودة مامعناه:
هذا عمل لا يمكن ان يقوم به فرد الا ان يكون الشيخ الزرقا بل لا تقوى جماعة على القيام به.
- في الحديث النبوي,,, تشرفت بالتلمذة عليه عندما درسنا هذه المادة في كلية الآداب بالجامعة السورية 1953.
- الاستصلاح والمصالح المرسلة في الفقه الاسلامي.
الفعل الضار والضمان فيه.
- نظام التأمين والرأي الشرعي فيه,, خالف فيه كثيراً من العلماء وأجاز نظام التأمين.
- عظمة محمد مجمع العظمات البشرية.
- التمهيد لقانون مدني إسلامي.
- كان يحسن الظن بأبي العلاء ويكاد يكون حافظا اللزوميات وسقط الزند فضلاً عن حفظه قدراً كبيراً جدا من الشعر العربي الجميل من مختلف العصور.
كان شاعراً مُقلاً مجيداً نشر ديوانه قوس قزح في عام 1416 ومن شعره المترع بالعواطف الصادقة قوله في رثاء زوجته:
تلجلج بي لسان لم يخني
ولم يك قط يعييه الأداء
ولكني بفقدك عدت طفلاً
أضاع البيت إذحلّ المساء
فليس لديه غير الدمع نطق
ولا صبر لديه ولا اهتداء
وبات الكون في عينيه غولاً
وليس له سوى ماما نداء
أسرته
له اربعة اولاد هم: نوفل وأنس وعامر ومازن وبنت واحدة اسمها رفيدة,, فجع في حياته بولديه نوفل ومازن وكنت الى جانبه في هذين الحدثين الأليمين فكان قمة في الصبر والاحتساب,,, كنا نجلس معه في العزاء وكان هو الذي يعزينا ويقرأ علينا الآيات والشعر والمواسي.
براعته المعرفية
- عاش عصره بكل أبعاده الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وعالج الاوضاع الطارئة التي لم تكن على عهد السلف.
- كان يميل الى التسهيل على الناس ويحسن تبسيط المسائل وتوضيحها وقد أعانه على ذلك أمران هما: تمكنه من المادة العلمية، وقدرته البيانية التي هي حصيلة اطلاعه الأدبي الواسع.
- انتقد كتب الفقه السابقة لزمانه فنقّح وقسّم ورتب وبّوب فجاءت كتابته الفقهية واضحه سهلة الفهم، ولو رجع احدنا الى المسائل نفسها في الكتب القديمة لأعياه فهمها ولوجدها غاية في التعقيد.
- كان يتقن كثيراً من الامور العملية البعيدة عن العلم النظري، كان يقوم بنفسه بإصلاح ما يحتاج إليه في المنزل، وبلغ من براعته العلمية ماحدثني به الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، ذلك ان الشيخ الزرقا ساعد مصمم مدافئ المازوت على صنعها، وكان المصمم يعود للشيخ مصطفى كلما اعترضته عقبة او مشكلة لحلها له.
- كانت له خبرة فريدة في انواع المآكل وطبخها وإعدادها.
-- كانت له معرفة طبية هائلة حيث كان يصف اعراض كثير من الأمراض ويعرف الادوية المناسبة لها لكنه كان يفضل استشارة الطبيب المتخصص في كل حالة مرضية.
ورد في الأثر: اذا مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة لاتسد إلى يوم القيامة فبالأمس فجع العالم الاسلامي بعلامته الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله- وبعده بوقت قصير فقدنا استاذنا وشيخنا علي الطنطاوي غفر الله له واليوم نودع بالحسرة فقيدنا وفقيهنا الشيخ مصطفى الزرقا جعل الله الجنة مأواه.
ماأعظمها من خسارة موت العباقرة الأفذاذ رحمهم الله، وإني اذ أتقدم إلى اسرة الفقيد وإلى علماء المسلمين بالتعزية لأسأل الله أن يعوض المسلمين خيراً وإنا لله وإنا إليه راجعون.
د, محمد بن لطفي الصباغ

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved