Thursday 22nd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 9 ربيع الثاني


قبل التعجل في استخدام العقاب
ثلاث فئات تحتاج إلى تفهم في التعامل

عزيزتي الجزيرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من خلال هذه الصفحة الموقرة عبر كثير من المهتمين والمعنيين بشؤون التربية والتعليم عن العقاب البدني للطالب كوسيلة تربوية وتعليمية وتباينت الآراء حول هذا الموضوع ما بين مطالب ومعارض ومستنكر فالبعض يرى بأنه ضرورة حتمية تقتضيها المصلحة العامة للطالب في ظل تواضع دور بعض الاسر في تربية ومتابعة ابنائها وتوفير الحد الادنى من الاستعداد وتحمل المسؤولية بينما يرى آخرون بأنه مخالف لأبسط قواعد التربية الحديثة فالحكمة والموعظة الحسنة كفيلتان بتحقيق الأهداف المرجوة من وراء التعليم والتعلم وذهب آخرون الى ابعد من ذلك فاعتبروا العقاب البدني بحد ذاته ورجساً من عمل القساة والجلادين الذين خانتهم الدراية والقدرة في معالجة هفوات ومواطن الضعف لدى طلابهم مما دفعهم الى اللجوء الى هذا الاسلوب كوسيلة تحفظ لهم ما تبقى من هيبتهم واعتبارهم, من هذه المعطيات وحول هذا الموضوع احببت هنا ان اوضح للقارىء والمعني الصورة الواقعية لما يدور داخل الفصل الدراسي وفق متابعتي ورؤيتي الشخصية بصفتي احد العاملين في هذا المجال وتحديدا متى ومن يستحق العقاب البدني؟ وكيف يتم ذلك؟.
اقول وبالله التوفيق: يقبل المعلم على مدرسته متسلحاً بسلاح العلم والصبر يحدوه الأمل في تأدية رسالته بالصورة التي ينشدها المسؤولون ويؤملها المؤملون فيجد تلاميذ فصله ينقسمون في وعيهم واستعدادهم وسلوكهم الى ثلاث فئات وهذه الفئات تتفاوت نسبها في الفصل وفي المدرسة عموماً حسب سكان الحي ووعيهم وامكاناتهم الثقافية وظروفهم الاجتماعية والأسرية.
1 - الفئة الاولى وجدت العناية الاسرية المطلوبة في جوهرها ومظهرها فالأسر هنا تدفع ابناءها الى التفوق: والتميز من خلال مناقشتهم والاطلاع على اعمالهم ومتابعة دفاتر الواجبات اليومية ناهيك عن الزيارات المستمرة للمدرسة ومناقشة المعلمين حول مواطن الضعف والقوة في ابنائها لذا تحظى هذه الفئة باحترام وتقدير كافة العاملين في المدرسة والمدرسة بدورها لا تتردد في تشجيعهم ودعمهم وتوجيه خطابات الشكر لهم والاشادة بهم امام زملائهم اضافة الى الجوائز والمكافآت التي تنهال عليهم من معلميهم فهم في الحقيقة مصدر عون وفخر للمعلم في تجاوبهم وتفاعلهم اثناء الحصص وهم مكسبه الحقيقي حينما يراهم في يوم من الايام وقد وصلوا الى المراتب العالية والمناصب الرفيعة ليخدموا بذلك دينهم ومليكهم ووطنهم.
الفئة الثانية: تنتمي الى اسر اقل طموحاً وتطلعاً من الفئة الاولى فهي لا تسعى الى التفوق والتميز بقدر ما تهتم بالنجاح والانتقال من مرحلة الى اخرى فاهتماماتها نظرية اكثر منها عملية وغالباً ما تكون متابعتها لأبنائها عبر اسئلة روتينية تتعلق بالمذاكرة واداء الواجبات دون التحقق من ذلك بمناقشتهم والاطلاع على اعمالهم وزيارة المدرسة للوقوف على مستوياتهم ومدى جديتهم فهي على ما يبدو لا تستعجل النتائج لكن حينما تتوالى عليها اشعارات الضعف والتدني من المدرسة ويقترب موعد الاختبارات الفصلية فانها تهب لنجدة ومتابعة ابنائها وكثيراً ما يفاجأ المعلمون بحصول بعض عناصر هذه الفئة على درحات عالية لا تقل عن درجات الفئة الأولى.
الفئة الثالثة: هذه الفئة لها الله ثم جهود المعلمين المخلصين والمحتسبين فهي عبء ثقيل على المدرسة في سلوكها وانضباطها ومصدر شقاء ومعاناة للمعلم في اهمالها وتهاونها ولو بحثت عن الظروف الاسرية المحيطة بهذه الفئة لوجدتها: يتيماً فقد اباه فهام على وجهه في الشوارع والساحات وخالط الصالح والطالح او مسكيناً ينتمي لأسرة فقيرة آثرت البحث عن غذائه وكسائه على حساب تربيته وتعليمه، او طفلاً ضحية اب كثير السفر والترحال متجاهلاً اسرته وأولاده لاهياً باشباع رغباته ونزواته، او ابنا مدللاً لا يميز بين تطاوله على اسرته واحترامه لمعلميه وزملائه وقس على هؤلاء, من هنا يبدأ دور المعلم في التعامل مع هذه الفئة وذلك بتهذيبهم وتلقينهم آداب الجلوس والحديث والاستئذان والنظافة واحترام الآخرين ثم ينتقل الى مرحلة اشعارهم بأهميتهم وحاجة اسرهم ووطنهم لخدماتهم وانهم لا يقلون عن غيرهم في عطائهم وقدراتهم فالجوائز والهدايا بانتظارهم اذا ما جدوا واجتهدوا وابتعدوا عن قرين السوء ونظموا اوقاتهم بين اداء الواجبات واللعب والترفيه البريء,, الخ النصح والتوجيه.
هذا التحفيز والتشجيع نادراً ما يجدي في اصلاح هؤلاء وتقويمهم فلسان حالهم يقول كما قال الشاعر:
لقد انلتك أذناً غير واعية
ورب مستمع والقلب في صمم
لقد اعتادت هذه الفئة التمرد واللامبالاة ومع شفقة المعلم عليهم وتعاطفه معهم الا ان واجبه وخبرته في التعامل معهم وامثالهم تحتمان عليه اللجوء الى العقاب البدني لأسباب منها:
1 - من خلال العقاب البدني يجد المعلم تقدماً ملموساً في تحصيلهم وسلوكهم وهذا مطلب الجميع.
2 - العقاب هنا للتأديب والاصلاح وليس للتعذيب والانتقام ولا يصل في اشد حالاته الى كسر الايدي وذهاب العيون كما يصفه المرجفون ويمقته المنظرون.
3 - العقاب هنا فيه حماية ومحافظة على مكتسبات بقية التلاميذ فالطفل غالباً لا يعي ولا يقدر مصلحته فأحياناً تجد تلميذاً مثالياً انتقل من مقعده الى جوار زميل دون ذلك محاولاً الاقتداء به من باب التقليد والمحاكاة.
4 - العقاب وقتي ولا يترك جفوة او كراهية بين المعلم وتلاميذه فالمعلم بحبه وعطفه الأبوي سرعان ما يبدأ بالاشادة بهم ومكافأتهم بعد تحسن وضعهم اسوة ببقية زملائهم.
5 - يبقى تلميذان او اقل يتحسن سلوكهما ويتعثر مستواهما لعامل الفروق الفردية فيتم التنسيق مع ادارة المدرسة والمرشد الطلابي لوضع الخطة المناسبة لتقويتهما.
في الأخير لا يفوتني ان اشير هنا الى انه بالرغم من امكانية اصلاح وتهذيب هذه الفئة الا انها ليست في منأى او مأمن من الانضمام الى اخوانها في دور الملاحظة والاصلاح فالظروف الاسرية والاجتماعية متقاربة الا ان اصحاب الدور هناك اخفقت المدارس بكوادرها ومناهجها في تربيتهم وتقويمهم والمساجد ممثلة بحلقات الذكر والوعظ لم تتمكن من احتوائهم وغرس الوازع الديني في نفوسهم والاندية والمنشآت الرياضية لم تبذل الجهود الكفيلة باستقطابهم وتفريغ طاقاتهم والكتاب والمثقفون هنا اكتفوا بنعتهم بالصقور والبوم والديكة.
هذا التقصير والتجاهل من الجميع آل بهم الى ما آل اليه.
اسال الله الهداية والتوفيق للجميع والله من وراء القصد.
محمد عبد الله الداود
مدرسة فلسطين ببريدة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved