Friday 23rd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 10 ربيع الثاني


من وحي المنبرر
الشيخ الدكتور/صالح بن عبد الرحمن الأطرم *
وجوب المحافظة على الأمانة

الحمد لله القائل ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى اهلها، احمده سبحانه حمداً يوافي نعمه واشكره واتوب اليه واستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا واشهد أن لا إله إلا الله أمرنا بالمحافظة على الأمانة، وحذرنا من الخيانة فقال: (يا أيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون 27 ) وأشهد ان محمدا عبده ورسوله الصادق الامين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله واصحابه وسلم تسليما كثيرا.
اما بعد:
ايها الناس,, اتقوا الله واعلموا ان الله ائتمننا على اداء ماكلفنا به من الاوامر وترك ما نهانا عنه من المحرمات والمكروهات التي هي وسيلة الى ارتكاب المحرمات، واعلموا ان الدافع والحامل والباعث الى العصيان وعلى العصيان اتباع شهوات النفس الامارة بالسوء والانسياق وراء الشيطان المحسن والمزين لسوء الاعمال قال تعالى: (أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا) وبهذا يصد الانسان عن الصراط السوي والطريق المستقيم ويتولاه الشيطان اللعين فيحق عليه العذاب الأليم، فالله جل وعلا خلق ذوات الارواح فكانت ذات شهوة خالصة او عقل خالص او ذا عقل وشهوة فالأول البهائم والثاني الملائكة والثالث الثقلين الجن والانس, فمن رجحت به شهوته كان في حساب البهائم، من رجح به عقله ونفسه كان حساب الملائكة، وهؤلاء هم صالح المؤمنين الذين قال الله فيهم (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار 22 جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
وهذه ثمرات التقوى , والقول الرشاد، وطاعة الله وطاعة رسوله قال تعالى: (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا 70 يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
لما ارشد الله المؤمنين الى مكارم الاخلاق وادبهم باحسن الآداب بين ان التكليف الذي وجهه الله الى الانسان امر عظيم فقال: إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا 72 ) فالأمانة هي التكليف، وسميت امانة لان من قصر فيها فعليه الغرامة ومن وفى فله الكرامة وقوله تعالى (فأبين أن يحملنها) لم يكن إباؤهن كإباء ابليس في قوله تعالى: (أبى ان يكون مع الساجدين31 ) من وجهين,, احدهما ,, ان السجود كان فرضا وهنا الامانة كانت عرضا، ثانيهما,, ان الاباء هناك كان استكبارا وهنا كان الاباء استصغارا,, استصغرن انفسهن بدليل قوله تعالى: (وأشفقن منها) ولأنهن مسبحات لله قال تعالى: (وإن من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا 44 ) والانسان من شأنه الظلم والجهل فيظلم بالعصيان ويجهل ما عليه من العقوبة كما ظلم ادم نفسه ولم يعلم ما عليه من العقوبة وهو اخراجه من الجنة ولما علم رجع وتاب وقال: (ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين 23 ) وانقسم الناس في حمل الامانة الى ثلاثة اقسام:
قسم حملها في الظاهر دون الباطن وهم المنافقون، وقسم لم يحملها لا ظاهرا ولا باطنا وهم الكفار والمشركون والزنادقة والملحدة،وقسم حملها ظاهرا وباطنا وهم المؤمنون، فكان جزاء المنافقين والمشركين العذاب المهين الأليم، وثواب المؤمنين قبول توبتهم ومغفرة ذنوبهم والرحمة بهم كما قبلها من ابيهم ادم وامهم حواء ومن الراجعين الى ربهم المنيبين المخبتين، قال تعالى: (قل ياعبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم 53 وأنيبوا الى ربكم واسلموا له من قبل ان يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون 54 ).
وقال تعالى: ( ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما 73 ).
وعرض الله الامانة على هذه الجمادات لانها اشد الامور واحملها للاثقال اما السموات فلقوله تعالى: (وبنينا فوقكم سبعا شدادا 12 ) والارض والجبال لا تخفى شدتها وصلابتها ثم ان هذه الاشياء لما كانت لها شدة وصلابة عرض الله الامانة عليها واكتفى بشدتهن وقوتهن فامتنعن وان كن اقوياء الا ان أمانة الله تعالى فوق قوتهن, وحملها الانسان مع ضعفه الذي قال الله فيه (وخلق الانسان ضعيفا), لما اودع الله فيه العقل وقوة الادراك والحواس ووعده بالاعانة عل حفظ الامانة بقوله: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
وجاء ان الله يقول أنا أعين من يستعين بي ويتوكل عليَّ ، والكافر والمنافق لم يرجع الى الله تعالى فتركه مع نفسه.
فاتقوا الله ايها المسلمون، وحافظوا على الامانة، واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها الذين امنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون 27 وأعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم 28 ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
* عضو هيئة كبار العلماء

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved