Friday 23rd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 10 ربيع الثاني


سلوكيات سيئة تمارس أمام الجميع
أوضاع الشباب تلح بمعالجة سريعة

يعتبر الشباب في اي مكان من العالم حماة اوطانهم وبناة مجتمعاتهم، وبدونهم لا يمكن لأية امة مهما كانت ان تنهض وتبلغ المجد والرفعة, لأنهم يمثلون قوة للمجتمع ككل، اذ هي شريحة اجتماعية تشكل وضعا متميزا في بنية المجتمع، لأنهم اقدر الفئات العمرية حيوية وقدرة على العمل والنشاط، اضافة الى ان بناءهم النفسي والثقافي يمكنهم في الغالب من التكيف والتوافق والتفاعل والاندماج والمشاركة للمساهمة في تحقيق اهداف المجتمع وتطلعاته وآماله، كما يتسمون بقدر وافر من المرونة التي تجعل منهم اشخاصا يتكيفون مع الظروف والمعطيات الجديدة التي يشهدها المجتمع, لذلك نجد ان حكومة المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد بانيها وموحد الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز آل سعود وحتى وقتنا الحاضر في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين تبذل الغالي والنفيس وتعد الخطط المستقبلية والبرامج التأهيلية في سبيل جلب الخير والرفاهية لشبابها، فهي توليهم جل اهتمامها لتحقيق الرقي والتطور لهم في مجالات الحياة المختلفة, وعلى الرغم من هذا الاهتمام مازالت هناك سلوكيات سيئة ومنحرفة لبعض هؤلاء الشباب تشغل بال المسؤولين واولياء الامور والعلماء في مختلف الفروع لم يتم التوصل الى حل جذري او معقول يوصل هؤلاء الشباب الى بر الامان, من هذا المنطلق وفي هذه العجالة سأورد بعضا من هذه السلوكيات السيئة او المنحرفة التي يمارسونها على مسمع ومرأى من الناس دون خوف او حياء او مراقبة وبالتالي ينتج عنها هدر للطاقات البشرية والمادية وعبء على المسؤولين والتي منها:
اولا: ارتياد الشباب وصغار السن بصورة لافتة للنظر لمقاهي الدخان والشيشة المنتشرة وبكثرة في كافة مدن ومناطق المملكة، بحيث صارت في نظر الكثير منهم في حكم العادة والتعود، متجاهلين بذلك المخاطر الصحية والاجتماعية والمادية التي تجلبها لهم مثل هذه التجمعات، واحتكاكهم والتعرف على فئة من الناس ذوي اخلاقيات منافية تماما للاخلاق، ليتطور الامر بعد ذلك لانجراف البعض منهم الى هاوية المخدرات التي بدأت في غزو عقول واجسام شبابنا بصورة مخيفة جدا, والشاهد على ذلك ما تشهده وتكتظ به مستشفيات الامل في الرياض وجدة والدمام والتي كلفت الدولة حفظها الله الكثير من المال والمتابعة وتوفير الادوية والكوادر المؤهلة من اطباء وممرضين وعاملين خدمة لهؤلاء المرضى من بعض الشباب والذين احسوا بضرورة العودة الى الصواب ومجانبة هذه الآفة ومروجيها ومتعاطيها.
ثانيا: السفر الدائم والمستمر بغرض السياحة لبعض الشباب لبلدان الشرق والغرب دون رقيب او حسيب على تصرفاتهم من قبل اولياء امورهم، والتي تتغير بمجرد وصولهم الى ارض مطار الدولة الثانية حوالي مائة وثمانين درجة من دون وعي او تخطيط منهم لمستقبلهم او مستقبل بلدهم وسمعته، فتجدهم يقابلون الاستغلال من قبل اناس كثيرين هناك بكل رحابة صدر وكأنهم يدفعون من جيوب غيرهم، اضافة الى ارتيادهم الى اماكن مشبوهة مثل الكازينوهات والمراقص التي يكلف الجلوس على احد مقاعدها الموبوءة الكثير من الاموال ناهيك عن اسعار المأكولات والمشروبات المبالغ في اسعارها والتي تقدم اجباريا لهؤلاء الزبائن، والتي لو دفع جزءا بسيط من قيمتها لأهل بيته لكفاهم مؤنة شهر او اكثر من اللباس والغذاء, ولا ينتهي الامر عند ذلك فقط وانما تجد هناك من ينتظره من اصحاب الضمائر الميتة، حيث انه وبمجرد وصوله يكون لقمة سائغة لهم لتجريدهم اولا من قيمهم ودينهم ومن اموالهم وهو المقصود بطرق بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الاسلامي وما تربينا عليه في بلادنا من تقاليد وعادات محافظة, ليرجع بعدها خالي الوفاض وفي حالة يرثى لها من الانهيار والتفكك والذل، واحيانا الانجراف الى امور لا تحمد عقباها.
ثالثا: الاستمرار وللاسف الشديد من قبل بعض الشباب المراهق المتجرد من المسؤولية بالاتصال بخط الصداقة الدولي خط الرذيلة والتفكك ، اذ يهدف هذا الخط وبمباركة من القائمين عليه وهم في الحقيقة اعداء الله ورسوله واعداء لكل مافيه خير للامة الاسلامية وشبابها الى زعزعة اخلاقيات المسلمين بشكل عام والى فئة الشباب المسلم بشكل خاص، عن طريق ما تصوره لهم من افكار واخلاقيات وسلوكيات سيئة لم يكن يعرفها شبابنا من قبل، مما يحدو بهؤلاء الشباب للانخراط في هذا المسلك وما يسببه ذلك من خسارة للدين والاخلاق والعفة والمال.
ثالثا: التفحيط وسرقات السيارات: حيث يلاحظ لجوء بعض الشباب ممن تستهويهم لعبة الموت وهي التفحيط الى سرقة السيارات من امام المنازل او عن طريق تأجيرها من احد مكاتب التأجير او حتى بسيارته الخاصة ليجوب بها شوارعنا المنظمة الفسيحة والتي صرفت عليها الدولة الكثير من الاموال والجهد لتزينها بالارصفة والانارة والتشجير والنظافة من اجل راحة كل مواطن ومقيم، ليحولوها بقدرة قادر الى مرتع للازعاج والخطر عن طريق اللعب بالسيارة داخل هذه الاحياء وعلى مقربة من المنازل الآهلة بالسكان وبجوار المدارس عند خروج الطلاب منها، غير آبهين بأرواحهم وارواح الآخرين من حولهم، واقرب شاهد على ذلك ما نشاهده باستمرار من حوادث انقلاب وتصادم ودهس، كان آخرها وفاة احد الشباب الابرياء قبل فترة قصيرة في حي الشفاء وآخر في حي النسيم دهسا بسيارات هؤلاء المفحطين.
رابعا: التسول: امتهان بعض الشباب وللأسف الشديد التسول ولكن بطريقة مؤدبة ومحرجة لهؤلاء الذين يريدون استخدام ماكينات السفر الآلي او بجور المستشفيات او بالقرب من مواقف السيارات العامة، وربما يصل الأمر الى قرع ابواب المنازل، ومن ثم سرد قصة او عدة قصص وهمية عن حالته وحالة اهله المأساوية، او بحجة تعطل سيارته على الطريق وهو من مدينة اخرى، ليستدر عطف هؤلاء الناس وسلب مافي جيوبهم من نقود عن طريق الاقناع، لتراه بعد فترة ليست بالطويلة مع شخص آخر يسرد عليه نفس القصة, وهو في غالب الاحيان غير صادق فيما يدعي، ولكنه وجدها اقرب طريقة للكسب المادي السريع والتي لا تحتاج منه الى خبرة او لغة اجنبية او حاسب آلي.
خامسا: التسكع في الشوارع القريبة من مدارس البنات، ومطاردة النساء والبنات في الاسواق ومضايقتهن بالكلام الفاضح او التغنج، مما يجعل المرأة تحبس انفاسها داخل السوق خوفا على نفسها من مطاردة ومضايقة هذا الشاب واشكاله من غربان الاسواق, واستمرارا لعملية المضايقات من بعض الشباب نرى كل فترة في شوارع احد الاحياء موكبا لأنواع السيارات ابتداء من (ابو غمارة) وحتى الشبح يقودها بعض الشباب اللامسئول، وهم يجوبون بها ليلا في صورة مطاردات مثيرة ومقززة لسيارة عائلة كبيرة تقل عدداً من النساء والاطفال، والسائق بالطبع من جنسية اخرى وذلك بغرض المعاكسة واستخفاف الدم ورمي الارقام.
من هذا الاستعراض القصير للسلوكيات، الخاطئة لدى بعض الشباب اورد فيما يلي بعضا من الاسباب التي يرى الكثيرون منا انها تساعد على استفحال هذه الظواهر وتطورها منها:
أ- التفكك الاسري، وهو شعور الابناء بقلة الرعاية لهم من قبل والديهم، اما لانشغالهما عنهم او لكثرة المشاكل بينهما، مما يدفع بعض هؤلاء الشباب الى اللجوء خارج المنزل والتعرف على اصدقاء السوء ومحاولة كسر الطوق الاجتماعي والذي يعتبرونه كابحا لتطلعاتهم وامنياتهم.
ب- الشعور بالاحباط: وهذا يحدث لفئة من الشباب نتيجة لما يصادفونه ويواجهونه من عقبات ومشاكل تعترض طريقهم للقيام بأدوارهم الطبيعية خدمة لأنفسهم ووطنهم منها على سبيل المثال: 1- صعوبة حصولهم بعد تخرجهم من الجامعات على وظيفة تناسب تطلعاتهم وتخصصاتهم 2- صعوبة التحاق خريجي الثانويات العامة بقسميها العلمي والادبي ممن هم دون النسبة المئوية المطلوبة بأية كلية تقنية او عسكرية او جامعة من جامعات المملكة الثماني، مما يسبب لهم الاحباط ويولد لديهم الرغبة في التغيير السلبي في نمط حياتهم لقلة خبرتهم في الحياة، مما يجعل هذا التغيير ضارا بهم وبمن حولهم.
ج- عدم الثقة في فئة الشباب: وخصوصا المقبلين منهم على الحياة بجد وحماس ولديهم القدرة على العطاء والابداع ويحملون مؤهلات علمية مناسبة، اذ تجد انه وللاسف الشديد ان الكثيرين من المديرين واصحاب المناصب العالية في كثير من القطاعات الحكومية والأهلية من عديمي الثقة بأنفسهم وزيادة خوفهم على كراسيهم، يحدون دائما من طموح هؤلاء الشباب، ويقفون حجر عثرة في طريق تقدمهم وطموحهم من تضييع الفرص عليهم الى محاولة التقليل من كفاياتهم وشأنهم، مما ينعكس سلبيا على ادائهم ومن ثم التنفيس عن ذلك بسلوك سيىء داخل وخارج العمل.
د: قلة المؤسسات الشبابية وانعدام وجود مراكز اجتماعية او شبابية صغيرة داخل الاحياء السكنية، مما يحرم هذه الفئة من مختلف الاعمار الفرصة لممارسة هواياتهم وابداعاتهم لصقلها وتطويرها, مما يشعرهم بأوقات فراغ كثيرة لا يعرفون كيف يستثمرونها في انتاج ايجابي، لذلك يتجه البعض منهم الى سد الفراغ بخلق اجواء غريبة وجديدة لكنها سلبية.
ه- المحاكاة والتقليد: وهذا يأتي وللاسف الشديد عبر وسائل الاعلام المختلفة ويخرج من هذه القاعدة تلفزيون المملكة العربية السعودية وبعض القنوات الفضائية المحافظة والتي تقدم عن طريق القائمين عليها البرامج الاخبارية والعلمية والثقافية والرياضية والترفيهية المفيدة للفرد والمجتمع، اما عدا ذلك فهي وللاسف الشديد تعرض كثيرا من البرامج واللقاءات والافلام ذات التوجه المنافي للشريعة الاسلامية كأفلام الاثارة، السطو، عصابات المخدرات، الجنس والاغراء، الاغتصاب، مما يجعل هذا الشاب الضعيف الذي لا يعرف كيف يتعامل معها بالتنفيس عما به من هموم ونقاط ضعف بالتوجه الى اقرب مثل او نموذج من النماذج التي شاهدها ويفتقدها ويبدأ بمحاكاته وتقليده وهذا ملاحظ من خلال بعض التصرفات مثل قصات الشعر الغريبة وطريقة لبسهم، اضافة الى بعض الحركات والتصرفات لبعض من قلدوهم.
ز- ضمور الوازع الديني ومجانبة التقاليد والعادات التي تربينا عليها، ويرجع ذلك الى امور كثيرة منها عدم التوجيه الصحيح للناشئة من قبل الوالدين، اضافة الى قلة القراءة والاطلاع على الكتب الارشادية والمراجع الدينية التي من شأنها تقوية هذا الجانب الروحاني, مع الاعتراف بأن الشباب لدينا يعيش حياة مجتمع اسلامي له تقاليده وقيمه الدينية والاجتماعية الصالحة، الا انه ليس من الضرورة تقيد الجميع بتلك التقاليد والقيم، خصوصا عندما تتوافر مناخات الانحراف، وتزداد اغراءاته.
من هنا اتوجه ومن هذا المنبر الاعلامي المتميز والذي يملك اكبر قاعدة قراء في المملكة العربية السعودية الى كل ولي امر ومتخصص ومسؤول عن فئة الشباب في بلدنا الغالي واخص بذلك وزارة العمل والشئون الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المعارف وكل جهة او مؤسسة حكومية او شبه حكومية بالاهتمام اكثر بهذه الفئة من المجتمع، لأنهم يحتاجون فقط قليلا من الدعم والتوجيه والمتابعة واتاحة الفرصة لهم بفتح المجالات المناسبة لتطلعاتهم وآمالهم وقدراتهم وابداعاتهم، ليستمروا في تطوير مسيرة البناء والعطاء التي رسمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين، لنصل باذن الله تعالى الى مجتمع شبه متكامل تتضافر فيه الجهود جميعا للرفع من مستوى الوعي لدى هذه الفئة من المجتمع، ونودع بلا رجعة كثيرا من السلبيات والعادات السيئة التي مللنا مراقبتها فقط.
والله من وراء القصد
عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز الزير
ملحق ثان دبلوماسي- مجلس التعاون لدول الخليج العربية - ماجستير مكتبات ومعلومات- عضو جمعية المكتبات المتخصصة

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved