هناك نوع من السيبيا، او السبيط يعيش في اعماق البحار، وتنتشر على جلده بقع مضيئة تشع مرة ضوءاً ازرق عميقاً، ومرة ثانية لون لازوردي اصفر، ومرة ثالثة يختلط هذان اللونان المضيئان كل منهما بالاخر وقد تنفجر هذه البقع المتلالئة الا ضوء فوسفوري,ويوجد نوع آخر يسكن في القاع، وله عينان كبيرتان، ويحيط بكل عين خمسة مصابيح صغيرة ليشع كل مصباح منها ضوء ابيض، وقد يتحول الى ازرق عميق، وكأن هذه المصابيح تضيء للكائن الطريق في ظلمات البحر، وتنتشر عشرة مصابيح اخرى على اماكن مختلفة من جسمه، مصباحان منها في مؤخرته يشعان ضوءاً احمر ناصعاً كأنهما مصباحا خطر مثبتان في خلفية السيارة.
وهكذا يسير سبيط الاعماق في الظلام بأضوائه لتنيرله الطريق وكأنما هو عربة من عربات المهرجانات التي نراها في عالمنا اليوم.
اما السيبيولا، فهو كائن بحري دقيق، يعيش في الضوء، وبالقرب من الماء، ولذلك كان لابد له من ساتر داكن يختفي خلفه، ويحجب عنه الانظار الجائعة بما يتمشى مع مطالب الحياة والدفاع عن النفس، ولذلك نجده قد استطاع ان يربي بكتريا جديدة ينشرها في وجه المتربصين به على هيئة ساتر من الضوء يغشى به عيون الاعداء فلاتراه وتقف حائرة لاتدري كيف تنقض على الفريسة، بينما يسارع هو الى الهرب في ظلمات القاع، وبذلك ينجو من الموت بفكرة رائعة.
وقد اوجدت هذه الفكرة نوعاً من التعاون بين سيبيولا، وبعض انواع مضيئة من البكتريا لتسكن في القاع، فأخذها السيبيولا وزرعها ورباها في جيب خاص به من انسجته الحية، وعرف كيف يسيطر عليها ويوجهها، ويمدها بما تحتاج اليه من حماية وغذاء، وكأنه عالم صنديد من علماء الميكروبات، كيف لا؟ وهي حيلته الوحيدة التي يدافع بها عن نفسه، فيطلقها من جيبه لتعشى العيون من حوله، ويتركها تتخبط في وهج الاضواء.
|