Friday 23rd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 10 ربيع الثاني


نور الشريف,, لشرفات
أعمل لتاريخي كفنان بجانب النجاح الجماهيري

من أجل مختار العزيزي,, عاد نور الشريف الى التلفزيون بعد قراره بالابتعاد عن الفيديو مدة عامين، ومن اجله ايضا اجل اول تجربة اخراج سينمائي له,, اما مختار العزيزي فهي الشخصية التي يجسدها نور الشريف في المسلسل الجديد الرجل الآخر والتي يقول عنها انها ثيمة عالمية يتم تناولها بشكل جديد,, وعن المسلسل وبعض القضايا الفنية الاخرى كان هذا الحوار معه:
** ما الذي جذبك للرجل الآخر؟
- هذا المسلسل عرض علي منذ عام تقريبا، وكنت سعيداً بفكرته لانه ثيمة عالمية من المسرح العالمي ومشهورة جدا,, والذي جذبني فيها التناول الذي قدمه المؤلف مجدي صابر في الجزء الخاص بعملية فقدان الذاكرة للبطل مختار العزيزي وبعيدا عن سبب حدوث فقدان الذاكرة، فالغرض من اختياره مقارنة فكرة الخير والشر داخل الانسان,, اي ان الانسان وهو ناضج عمره (55 عاما),, فجأة لا يعلم اي شيء عن حياته السابقة، وعليه ان يختار حياة جديدة، وعندما يبدأ في اختيارها يريد ان يعرف نفسه ماذا كان في الماضي من خلال المحيطين به، والذين يحاولون ان يذكروه ولكنه لا يتذكر، فرحلة البحث عن ماضيه هي نفسها فكرة الميلاد الجديد والتي تؤكد ان طريق الخير في الحياة هو الاصح، وهو الذي يحمي من كثير من المشاكل التي يمكن ان تؤدي بنهايته إلى فاجعة.
العودة
** ولماذا كان قرارك بالابتعاد عن العمل بالفيديو؟
- فعلا كنت قررت الابتعاد عن العمل في الفيديو مدة عامين على الاقل ولولا حبي للمسلسل الذي اصوره الآن لابتعدت، لان العمل في التليفزيون عمل درامي مركب، والمسألة ليست في يد واحدة بل في عدة جهات، بمعنى لو احضرت اعظم مخرج في العالم ومعه سيناريو سيىء لن ينجح، ولو افضل سيناريو مع مخرج لا يشعر به، يصبح اسخف مسلسل، فأنت تختار موضوعا جيداً ومخرجاً متميزاً ولابد ان يكون توزيع الادوار الرئيسية صحيحاً، والا سيفشل العمل، اضف إلى ذلك عنصرا رابعاً مهماً جداً وهو الانتاج، خصوصاً إذا كان الموضوع يعتمد على امكانيات ضخمة، فبعض الاعمال التي فيها التمثيل بالذات مهما كانت قيمته الفنية,, لا تستطيع ان تحكم عليه هل يعجب الناس ام لا.
** ولكن هناك قواعد للنجاح؟
- هناك قواعد للمعرفة,, وإذا اتبعتها، يمكن ان يخرج العمل عادياً، لكن ان تصل للناس وتسبب لهم المتعة الحقيقية فهذا يستحيل ان يقوم به فرع واحد، فلابد ان تكون الافرع الاخرى متميزة لتحقيق حالة النشوة للمشاهد لكي ينتظر الحلقة الثانية, ولذلك فمن رأيي ان عوامل النجاح كالتالي,, السيناريو الاساس ثم المخرج بالأهمية والانتاج ثم الممثلين.
** وهل تفيدك الخبرة في اختيار الاعمال؟
- اعترف ان الخبرة تساعد في العمل، ولكن يحكمني انا كنور الشريف متعتي الشخصية فأريد ان اكون مبسوطاً وأنا أعمل، اقول بتأجيل التفكير في رد فعل المشاهدين,, لأن الفنان لو فكر في رد فعل الناس سيتحول بعد فترة الى ممثل يؤدي الدور نفسه، وانا لا أكرر نفسي بمعنى عندما نجحت لي مسلسلات مثل لن أعيش في جلباب أبي أو عمر بن عبدالعزيز وغيرهما كان ممكناً أن اعمل عبدالغفور البرعي وعمر بن عبدالعزيز واكرر الادوار المتشابهة نفسها لكي ابقى في النجاح، فمثلا في بداية حياتي انتجت فيلم دائرة الانتقام وحقق نجاحا جماهيريا كبيراً، ثاني تجربة لم اقدم فيلم اكشن بل كان قطة على نار ثم ضربة شمس وحبيب دائما ونجحت كلها.
سر النجاح
** إذن التغيير هو سر النجاح؟
- ممكن أن يستمر النجاح ولكن لفترة بسيطة إذا تم الاستمرار على نفس المنهج، إذا كان النجاح مدويا وساحقا، ولكن فترة من اربع إلى خمس سنوات، وانا لا يبهرني النجاح الفخم فأحبس نفسي داخله، فما يهمني هو متعتي الشخصية كممثل لان الممثل إذا استسلم للنجاح الجماهيري فقط يمكن ان يخسر نفسه بمرور الوقت.
** وهل الاحتراف يجيد عناصر النجاح؟
- العناصر عليها جزء من النجاح وليس الكل فقد عملت مع المخرج محمد فاضل في مسلسل طائر الاحلام وصور في لندن,, ولم ينجح، على الرغم من ان النص كان جيداً والمخرج متميزاً والابطال كباراً والانتاج ممتازاً,, ولكن المشكلة ان موضوع المسلسل يتناول حياة فنان تشكيلي غاضب بسبب أن لوحاته التي رسمها تستخدم كزينة في احدى الشركات والمشاهد البسيط المهموم برغيف العيش لا يفهم معنى ازمة فنان تشكيلي لوحاته تزين مدخل شركة فهم اي المشاهدين غير مدركين لمعاناته, فهي مشكلة خاصة وبعيدة عن المشاكل التي تمس الغالبية العظمى من الشعب ومعاناته.
ويضيف نور، فالشيء نفسه في اعمالي السينمائية المعتمدة على فكرة فلسفية وبالذات أعمالي مع نجيب محفوظ حيث لم تجد الصدى او النجاح الكبير الذي كنت اتمناه، ولكن عندما يمر الوقت يتم اكتشافها بعد عرضها تليفزيونيا.
** وما هي هذه الاعمال؟
- مثل قلب الليل,, الذي يستمتع الناس بمشاهدته الآن، عندما عرض في السينما لم يحقق النجاح لان مشكلة البطل لا تمس المشاهد في حياته اليومية، فقالوا ما هي مشكلة شاب يعيش مع جده في دعة ويرفض الاستسلام لاوامر الجد، ويريد الشاب ان يعيش في حارة مع كورس يغني,, فكان من الصعب فهمها.
** إذن النجاح معروف,, فلماذا لا تستمر مع النجاح الجماهيري؟
- الاصرار على تكثيف النجاح الجماهيري فقط سينهيني كممثل، فأنا اقدم هذه الافلام للتاريخ، مثل افلام يوسف شاهين وصلاح أبو سيف، فمثلا فيلم السقا مات سقط سقوطا مدويا,, على الرغم من رغم انه من اجمل الافلام التي اشاهدها في حياتي، مع انه عن الموت فيه ضحك وموعظة، وفكرة فلسفية تتعامل مع الموت، وأفلام أخرى لم تنجح إلا بعد عرضها في التلفزيون مثل باب الحديد، شيء من الخوف، الارض، حتى المومياء لشادي عبدالسلام لم ينجح مع انه من احسن مائة فيلم في العالم.
الفن ليس سلعة
** فما هو تقييمك للفن إذن؟
- الفن انعكاس ذاتي، والتذوق انعكاس ذاتي، والحياة لا تكن غنية إلا إذا قدمت انا عملاً مؤمن به، وغير ذلك سنكون جميعا كممثلين شبه بعض، ففي بداية حياة الممثل يبحث عن النجاح، وعندما يعطيه الله ويكون لديه رصيد من النجاح يساعده على الاختيار,, فلابد ان يختار.
** ولكن الفنان مثل لاعب الكرة يحب احراز الاهداف؟
- هذا هو المحك الرئيس,, هل تريد ان تكون سلعة ناجحة,, وبعد الممات ماذا ستترك؟ فأنا مشفق على اللاعب الذي يترك الملعب وهو في اوج شبابه وشهرته بلا ذاكرة لانها مرهونة بهدف، والذي يظل اكثر جاذبية المباراة الجديدة,, إذن مهما قدمت من قديم ناجح فإن الجديد الذي ينتظره الناس هو الافضل، ولكن اليوم عندما اشاهد نجيب الريحاني منذ 70 سنة وهو بسحره وجاذبيته نفسها، فقد مات قبل ان اشاهده في الحقيقة، وانا من عشاقه،الشيء نفسه مع الشاعر والكاتب والرسام والنحات,, ترتبط اعماله بالتاريخ,, فحقيقتها هي سر خلودها وشكسبير مات منذ عام 1616م,, وحتى الان مازال هو اهم كاتب مسرحي في العالم.
** ونور يعمل لتاريخه؟
- أعمل لتاريخي كفنان مع النجاح الجماهيري فلو عملت لتاريخي فقط سأجلس في بيتي بدون عمل، فلابد من عمل نوع من التوازن,, بين رغبتي كفنان اريد ان اترك فنا حقيقيا في تاريخي وهذا ليس ادعاء لان المنفعة هنا زائلة بمعنى أن تكون المنفعة الشخصية وأنا على قيد الحياة فأشعر بها، ولكن بعد الممات لاتوجد ولذلك فأنا اعمل عن حب، وأريد ان اقول للناس شيئا ما في هذا الوقت أما عدم نجاح الفيلم فهذا قدري، ولكني أعي ان هذا الفيلم بمرور الوقت سيحقق النجاح,, وعلى فكرة ليست الافلام الفلسفية فقط لا تنجح ففيلم آخر الرجال المحترمين لم ينجح وعندما عرض في التلفزيون كسر الدنيا.
** إذن التليفزيون مهم؟
- التليفزيون جزء من البيت وهو الذراع الايمن للسينما وهو ذاكرتها التي تجعل للسينما تاريخا مستمرا، فلو تخيلنا ان الافلام السينمائية لا تعرض في التلفزيون,, فالسينما ستخسر، وهناك افلام هابطة لا يشتريها التلفزيون ولا يعرضها انتهت وسقطت من الذاكرة.
التوازن
** وهل هناك افلام حققت المعادلة الصعبة؟
توجد افلام ذات قيمة فنية وحققت النجاح الجماهيري مثل سواق الاتوبيس، العار، الاخوة الاعداء، يارب توبة، قطة على نار، ضربة شمس، حبيبي دائما، السراب، زوجتي والكلب، المصير، مع سبق الاصرار، سونيا والمجنون، أهل القمة، الكرنك، غريب في بيتي,, وهذا هو الامتاع في وجود القيمة الفنية والنجاح الجماهيري.
** وهل هناك افلام تسقطها من تاريخك؟
- فيلمان هما بيت من البنات ، وعليه العوض الاول وافقت عليه لان مخرجه حسن الامام هو الذي قدمني في فيلم قصر الشوق وكان صعبا ان ارفض له طلبا، اضافة إلى انه أصر على ان اغني بصوتي البشع، والفيلم الثاني انتاج محمود المليجي واخرج مخرج ايراني مع عادل امام وبوسي,, والفيلم يعتمد على الحيل فاعتقدت ان المخرج سيقدمه باسلوب امريكاني، ولكن لعدم درايته بالحيل فشل وكان شيئاً فظيعاً، ولو كان مخرجه نيازي مصطفىلأصبح ناجحاً، مثل فيلم )E.T( الذي حقق نجاحا مهولا.
** ولماذا نحن بعيدون عن افلام الخيال العلمي؟
- افلام الخيال العلمي لا نجيد عملها، فكيف تقنع المشاهد بالخيال العلمي والبلاعات في الشوارع اعلى من مستوى الارض، والمواطن يمشي في الشارع ويسقط من كثرة المطبات، ولكن لدينا خيال علمي مصري عربي في ألف ليلة وليلة وبساط الريح جميل ومريح والعفريتة والجن يطلعوا من الزجاجة,, هذا خيالنا العلمي.
تربية صحيحة
** لماذا تهوي إعادة تصوير المشهد أكثر من مرة حتى ولو كان جيداً؟
- يمكن لاني تربيت على يد اساتذة علموني الفن,, لابد ان يكون له نوتة موسيقية مع احترامي للموهبة والانفعال الاول للممثل، فإذا كان الممثل يستطيع ان يمثل اول مرة صحيحاً والباقي سيئاً,, هذا لا يعتبر فناناً، لان الفن ليس بالصدفة، فلابد ان تكون هناك نوتة والايقاع متناغم ولا يأتي الا بالبروفات الكثيرة,, فأوقات لايكون الجهاز العصبي عند الممثل لا يحتمل اعادة المشهد لانه صعب، فتعطي له فرصة للراحة ثم يعاد، وتعلمت هذا في التليفزيون على يد د, علي فهمي، محمد توفيق، محمد فاضل ونور الدمرداش,, فكان فاضل يجعلنا نعيد المشهد 20 مرة من اجل التجويد، فعندما تكون بداية حياتك مع اساتذة فهموك التجويد مع التكرار والتناغم مع الزملاء والايقاع وغيرها من العناصر التي لاتخطر على بال أحد,, فضلاً عن تربيتي تربية صحيحة في السينما على يد حسن الامام وسعيد مرزوق وعاطف سالم وعاطف الطيب ويوسف شاهين فيما بعد,, لذا تعلمت ان اجد كل العناصر من حولي متميزة,, وما يهمني هو الكل وليس الفرد.
** هل هناك فرق بين العمل في الفيديو والسينما؟
- الفيديو مرهق للغاية، والسينما فن التجويد لان المشهد يتم تصويره على اجزاء فيحقق اعلى درجة في التمثيل والصوت والمكياج والاضاءة ولكن في التلفزيون لانه يصور بأكثر من كاميرا فمؤكد انه ستكون هناك زاوية على حساب زاوية وبالذات في الاضاءة وحركة الكاميرا.
ففي السينما نعمل 12 ساعة لكي نحقق 3 دقائق والمدة نفسها في التلفزيون لنحقق 12 دقيقة على الاقل لان هناك مخرجين يحققون اكثر.
** ومتى ستخرج للسينما؟
- عقب انتهائي من الرجل الآخر، سأبدأ حتى تصوير أول تجربة اخراج سينمائي لي من انتاج مدينة الانتاج الاعلامي بعنوان (العاشقان) تأليف كوثر هيكل وبطولتي مع بوسي وعبدالمنعم مدبولي وحنان ترك,, وهو فيلم رومانسي.
أيمن الشندويلي


رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved