مجموعة شعرية للاستاذ الشاعر المبدع خالد بن محمد الخنين، الذي تنقل في عدة وظائف تربوية، واعلامية وادارية، ويعمل حاليا ملحقا ثقافيا بسفارة المملكة العربية السعودية في دمشق,ان الشاعر جسد في ديوانه هموم القضية العربية، ولا ينسى ابدا ان يبرز تعاطفه العربي مع اشقائه العرب، وهو يعبر بوضوح عن وحدة الصف العربي والتلاحم الاخوي بين الرياض ودمشق في قصيدته المجد والحسام حيث يؤكد الشاعر على وحدة الموقف وانسجام الرؤية، ووحدة المصير والامل اذ يتآخى الفخر بين ربوع نجد وغوطة دمشق عبر تاريخ مشرف مخضب بعبير العروبة والانفة والشمم والكبرياء يقول:
هذي ربا نجد وتلك الشام مجد تآخى في العلا وحسام ودم يوحد بيننا ووشائج تزهو، وما خفقت به الاعلام وجبين عز لم يطأطىء هامه الا لخالقه وليس يضام |
وعلى عادة الشعراء الذين يمنحون القصيدة وساما خاصا بهم، حيث تقوم العلاقة الثنائية بين المبدع وبين (النص) وبذلك تتناثر بذور الوجدان في حقول الكلمة، ويخرج البوح من صدر الشاعر ليعبر عن مكنونات ذاته من خلال تعامل هو اقرب ما يكون الى الرومانسية ومحاكاة الذات والوقوف على اسرار الكلمة الخاصة بصاحبها، وان كانت هناك رؤية متفردة لكل شاعر من خلال انفراد نفسه بالايحاء والتعبير تلميحا وتصريحا يقول الشاعر في قصيدته بوح القصيدة :
أنا لولاك ما معنى وجودي وما طعم الحياة بلاورود وماجدوى سنين العمر إن لم تكن في بهجة الألق المديد وبكفّي منك دفء اشتهيه وعقدك مايزال هنا بجيدي وحين غداً سيجمعنا لقاء غداً فاطرب لبوحي من قصيدي |
وتصطرع العواطف وتتداعى الذكريات، ويكر شريط الذاكرة وتتماوج اصداء الحنين، ويعود الشاعر باحاسيسه الى سنوات خلت من حياته قضاها في مسقط رأسه، حيث لا يمكن لأية قوة ان تمحي آثار السنين او ما خلفتها معها آنذاك في ملاعب الطفولة والشباب في الدلم منطلق الشاعر، ومدرج صباه، تلك المدينة الوادعة الغافية عل اطلالات السحر والجمال والروعة، ولعمري ان الشاعر يقدم لوحة شعرية جميلة أخاذة وهو يقف وراء التلال ثم يستل قلمه ليقيم علاقة مجازية رائعة بين مفردات الطبيعة حيث يلملمها ويعيد صياغتها من خلال قريحته المتوقدة وذلك في قصيدته الدلم في مقلة الحلم المفتون :
هناك في فلك ناءٍ جناحاها سمراء فوق غمام الصبح تلقاها ألقت الى ملكوت الله جبهتها والكبر عبر ذرى هذا المدى تاها مهد الاحبة في ارجائها درجوا فكم سقتنا من الاحلام انداها وقت كأن نسيم الفجر صاغ بها هذا الجمال، وهذا السحر حلّاها مر الزمان بها شوقا فأشعله شوقا اليها ضراما في حناياها |
وتتدفق من وجدان الشاعر مشاعر الغربة، حيث تكتوي النفس بالوحدة بعيدا عن الوطن والاهل، ومن الطبيعي ان ترفل هذه المشاعر بحنين جارف، فابن المدينة حين ينتهي من اجازته يشعر بالسرور وهو يهم بالسفر الى قريته التي احتضنته طفلا، وتركت في اعماقه ذكريات لا تنسى بالرغم من كر السنين، واذا كان ابن المدينة يشعر بالارتياح والسعادة وهو يزور قريته فكيف بالبعيد عن اهله واصدقائه ومحبيه ووطنه، واقرب الناس اليه، وهنا تزداد معادلة الحنين ضراوة مع قاسم مشترك بالغربة، ولكن هذا القاسم نسبي في لوعته وراحته، ولعلنا نلمس ذلك في قصيدته نداء الضفاف :
هذا المساء,, وقهوتي والزنجبيل
وجلسة عند الغدير، وتمتمات الساقية
هذا المساء ونخلة تبكي فتوقظ في دمي اشواقيه
هذا المساء، وقبرات الحي يحملن النخيل على الغناءان الشعراء عندما ينظرون الى واقعهم الذي تعصف به رياح التجزئة والتفرقة والشتات يلوذون بالماضي العريق فيستشرفون ابعاده المجيدة، وهم في ارجوحة التصور بين الامس واليوم، وهاهو الشاعر المبدع الاخ خالد الحنين يذرف الدموع على صروح الماضي العريقة، حيث كانت بصمات العرب الحضارية منقوشة في جدران الغرب علما وحكمة وثقافة وحضورا وحضارة في قصيدته اندلسيات :
أنا غرناطة العرب
أنا التاريخ والرايات والامجاد في الحقب
أنا صبح الفتوح وفورة الغضب
تناسى من اصبهم مجدي وتاريخي
وتأتي قصيدة جراح الزيتون لتكون مسك الختام في ديوان حداء الصحراء قمة تلتئم هذه الجراح العربية، ان التفاؤل من سمة الادباء، والشاعر يؤكد على حتمية الانتصار فالمستقبل سيكون للعرب من خلال لم الشمل والشعور بالهدف النبيل السامي وهو وحدتهم، حيث يرفرف علم الشموخ العربي، يقول الشاعر:
هو الصبح الذي يأتي
سيشرق من دمانا,, والبراكين
ألا مدي جناحك
ان هذا الفجر من زمن يجيء
وان هذا الوعد ترقبه الملايين
لقد سرنا مع قافلة حداء الصحراء فكان الغناء، غناء السعادة والفرح والسرور، وغناء الحزن والكآبة والآهات في مجموعة شعرية ضمت ما بين دفتيها تسعا وعشرين قصيدة عمودية وحديثة، وبلغت صفحات الديوان مئتين واربعا وخمسين صفحة من قطع الوسط، صدر هذا الديوان عام 1998م دمشق.
أعمال الشاعر
1 - نجد ومفاتنه الشعرية الجزء الأول صدر عام 1993م
2 - الرياض العشق الأول صدر عام 1995م.
3 - حداء الصحراء صدر عام 1998م
4- نشر الكثير من قصائده في المملكة العربية السعودية وخارجها.
جاك صبري شماس