Monday 26th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 13 ربيع الثاني


في ذكرى تأبين ابتسامة!!

الليالي مزيج من الخيال والشعور المتكررين، في اوقات نادرة احس بنشوتها تتراقص في خلجات الذاكرة الا انها تصبح في لحظات من التأمل كالحلم الاسود الذي يشعرني بمؤشرات خطيرة.
ذات انتظار كنت اقبع - كالعادة - على عتبة اسمنتية الفتها، وجسمي الملتصق بذلك الجدار الاصم قد اغتنم شيئا من الدفء ولعله شعور كاذب,, فموجة البرد كانت هي الاعنف.
كان بالقرب مني قطة رمادية تداعب يدي تارة وتارة تلج في صمت فيه من الحكمة ما يردع فضولي عن مشاكستها.
لا تلبث طويلا هذه القطة حتى تبادلني نظرات اختلطت فيها الشفقة بالغبطة اما انا فقد ادركت تماما ان عقلها الصغير فيه مساحات كبيرة مغمورة بالاحاسيس والمشاعر ومع هذا لم اترجم ذلك بانه تأكيد على روحانية القطط كما يرى الفراعنة، او ان القطط مخلوقات مقدسة كما يعتقد الهولنديون القدامى,كنت في ذلك الوقت اتقن فن التداعي واجيد التخيل والسباحة في فضاءات الحس الا ان ثمة شعوراً (زئبقياً) يجعلني اعيش في غموض رمادي اللون لكن لحسن الحظ لا يلبث طويلا حتى يزول.
,, وفجأة:
- ياه,, يالك من روح شفافة، معذبة، محطمة، مظلومه,.
- أصمت,, بل يالك من تافه مزق فيك اليأس كل شيء فلم يبق فيك الا فكر يكبو في اليوم الف مرة، ولسان متجمد في فمك، واذنان تطرقان سمعا لتلك الغرب الحائمة فوق رأسك!!,, كفاك من هذه الافكار الطاوية التي تعشقها منذ ان عرفت شفتيك النطق,, ولتفهم انك من اردت ان تكون كذلك.
- لكن اسألك بالذي يعلم سرك الا تتحسسين لذتها,.
- اي لذة تلك التي تنم عن مستقبل غابر ينتظرك اذا ما طال السقم في عقلك, ثم هل جربت السعادة هل جربت ان تعيشي اوقاتاً سعيدة؟!
- السعادة,, انها تعبير واهم لا يوجد له تفسير في ظروفنا الطبيعية.
- وماذا تقصد بالطبيعية!؟
- اقصد ان (التعاسة) عنصر نفسي (فلزي) في هذا المركب الآدمي,, ولا يمكن فصله الا بنشوة عابرة او محرمة.
,, عندها ادركنا سويا اننا نجوب فضاءات فسرت المعنى الحقيقي للغموض.
,, بات خيالا فأصبح حقيقة، ثم امسى شعورا يجتر ما يجتره من آلام فكر مقطع الاسباب، وتختزلها روح في بكائية تصور مشاهد الهلع في عقل مكتئب.
مكامن التيه تغشى كل اوعيتي
فتغرب الشمس شرقا في شراييني
انا الذي قد تهاوت جل ازمنتي
واستوطن الهم قلبي واقتذى عيني
لم تكن فلسفة النهاية قد تبلورت في خيالي السابح كما هي عليه الان، لكنني كنت اذكر ان لدي هاجساً يقتل الكثير من الطموحات قبل ولادتها، والتي يبقيها تلد معاقة يلازمها الاحساس بالعجز طوال الحياة,احسست ان من بوادر النهاية تسارع الخمول المعرفي والشتات الذهني، اما العاطفة فقد اصبحت رمزا ممغنطاً يقبل دون ان يقبل ويتأثر دوان يؤثر، لكنها في نفس الوقت كبش افتدي به من اجل تبرير منطقي لاعتلال مزاج خريفي الطابع.
لقد ادركت ان ما بين (الانسان لحم ودم) و(الانسان عقل مفكر) مساحات لا يدركها الا ذلك الصنف الذي يعيش من اجلها ويتألم خوفا منها وعليها، فهي المعنى الاسمى لديهم، وهي الحياة الحقيقية برغم قسوتها ومرارتها.
نايف عبد العزيز الحسين

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved