Monday 26th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 13 ربيع الثاني


من الإثنين إلى الإثنين

فوجئت بناتها الاربع انها تترك بيتها الواسع والمحبب لقلبها والذي اهداه لها زوجها قبل وفاته بسنوات، واستغربن ان تفرط فيه بسهولة وتذكرن قولها الذي تردده دائما (لو طلعت من هالبيت يمكن اموت) كيف يمكن ان تنسى تلك النخلتين المدللتين وحديثها معهما وكأنهما صديقتان,, وجيرانها الذين يحسون ان الشارع يخلو من الناس اذا سافرت ليوم او يومين عند احدى البنات وعلاقاتها الحميمة مع نساء وبنات واطفال الحي,, وكيف تستطيع ان تعيش في هذه الشقة الصغيرة جدا وهي التي تقضي اغلب وقتها في حديقة المنزل,, لابد وان يكون هناك سر لا تعرفه بناتها,.
يا غايبٍ كنه عن القلب ما غاب
متصورٍ في روح روحي خياله
تسألها احدى البنات عن سبب بيعها للبيت وتدعي انه بعد سفر ابنها كرهت ان تجلس في البيت لوحدها,, وتتهادى دمعة على ذلك الخد المتجعد وتقبل ابنتها رأسها متأسفة,.
ما قربت بعده كثيرات الاسباب
ولا قويت اسلا وادور بداله
وكلما سئلت عن ابنها الغائب غابت عمن حولها متحصنة بصمتها الرهيب وتنبهت انها قد سئلت عنه واجابت باربع كلمات لا تزيد عليها حرفاً واحدا (ان شاء الله بخير).
المحبة لها شانٍ عظيم
تملك الحر لو انه حرام
لوه فالنار يشعر بالنعيم
يعتبر حرها برد وسلام
الغريب ان جيرانها في سكنها الجديد عندما سألوها بم تحب ان تنادى قالت احب ان يقال لي الخالة لولوة وليس كما كانت تحب ان تدعى ب(ام ناصر).
كما لم تتعامل مع جيرانها كما كانت تتعامل عادة مع الجيران اذ لا توافق على الذهاب اليهم سوى مرة او مرتين في الشهر وبعد الحاح شديد وقد وضعت بهذا التصرف حدا بينها وبينهم واكتفت بوحدتها وألمها الذي لا ينقضي,.
فرقا جرت لي ما جرت للمحبين
فرقا كما روح تفارق جسدها
تلك المرأة التي عرفت بتمام الصحة والعافية والنشاط والحيوية بدأت تضمر شيئا فشيئا,, كما بدأت بعض امراض الشيخوخة تحوم حولها,, وكثرت مراجعاتها للاطباء وهي التي تمر بها السنة والسنتان لم تقابل طبيبا او تتناول علاجا.
اللي يودك لا تسوقه للاتلاف
جازه على حبه وصبره سنيني
ان ما تساوى الحب من كل الاطراف
صبرت لو مالك بقلبي وزيني
وعندما تجتمع عندها في بعض المناسبات او الاعياد بناتها الاربع يستغربن ان تعامل ابناءهن بعدم الاهتمام ويتذكرن كيف كانت تفضلهم عليهن ولا تسمح لاحداهن ان تنهر واحدا منهم حتى وان كان مخطئا ,, ولم تعد تلك المتحدثة الرائعة التي لا يمل حديثها حيث تقضى جل وقتها بين فراشها وسجادتها,, تناجي ربها وتلوك احزانها,.
ياناس ما تدرون ياناس,, ياناس
ان الفرج بابه علي متغلق
متعلقٍ لي في رجا يشبه الياس
في مثل خيط العنكبوت متعلق
اتفقت بناتها الاربع على ان تذهب احداهن وبدون اولادها الى والدتهن لتعرف منها سبب تركها للبيت وسر همها ودموعها التي لا ينقطع سيلها وبالفعل ذهبت كبراهن مدعية ان زوجها واولادها قد ذهبوا الى جدتهم وفضلت هي ان تنام عندها,, وبعد ان تناولت معها العشاء جلست وهي مصممة ان تعرف السبب فيما حصل لوالدتها,,راوغت كثيرا وصمتت كثيرا وبكت كثيرا,.
تكفون منزل حبيبي لا تمرونه
اخاف اشوفه وتذرف دمعة العيني
اصرت البنت على ان تعرف ما حصل واخيرا انطلقت قائلة: تعلمين ان ناصر قد دخل في اكثر من مشروع تجاري وفشل فيها جميعا وفي احد الايام طلب مني ان ابيع بيتي ليدخل في قيمته بمشروع يقول على حد زعمه انه مشروع ناجح ومضمون رفضت بشدة وغضبت منه وغاب كعادته لمدة شهرين وقال انه تصرف وبعدها اقترح على ان نرمم البيت فوافقت واوحى إلي انه لابد من وكالة عامة امنحها له ليستطيع التصرف بالبيت وللحصول على موافقة البلدية على الترميم وكم كنت ساذجة حين صدقته ولم تمض ايام على ذلك حتىنقلني هنا وذهبت معه الى المحكمة ووكلته على البيت وكالة عامة,, وكان يقول ان البيت يرمم ويحتاج لعدة اشهر على ترميم البيت وفوجئت بان البيت يسكنه اناس لا اعرفهم افادوني انهم قد اشتروا البيت منذ اكثر من سنة,, وها انا ذا لا اعلم اين هو منذ ثلاث سنوات وقد خسرت بيتي وابني,.
عساه لي تكفير ما شافت العين
عساه امانٍ عن عماها رمدها
اشارة :الابيات من شعر,, سعود بن محمد.
علي المفضي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved