Friday 30th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 17 ربيع الثاني


سمو الآداب الإسلامية 2 - 2
د, محمد بن سعد الشويعر

في حديثنا السابق كانت الاشارة الى جوانب من نظرة الاسلام الشمولية، لاصلاح النفس وتربية المجتمع، يمكن ان يأخذها ابناء الاسلام، في لقائهم مع فئات من المجتمعات الاخرى غير الاسلامية، سبيلاً لتعريفهم بما يجهلون عن هذا الدين، واهتمام تعاليمه بأمور مختلفة من جوانب الحياة تنبىء عن حرص هذه التعاليم على تهذيب الطباع، وتأديب النفوس بأحسن الآداب,, وكشفها عن اسرار علمية لم يعرف بعضها الا في هذا الزمان: طبياً وكيميائياً وفلكياً وصناعياً وتربوياً وسلوكياً,, وغيرها.
والتعريف بذلك فتح لأذهان الآخرين عن كوامن دين الاسلام، ومخاطبته العقول بما يلائم مداركها في كل شؤون الحياة التي أولاها الاسلام اهتماً كبيراً، لأنه يتفاعل مع متطلبات النفس البشرية، ويخاطب القلوب بما يريحها,, وفيه اجابة شافية عن كل تساؤل قد يطرح: كيفاً وكماً.
ورغم ما في ذلك من فتح لمغاليق القلوب، ورد للشبهات، فإن في هذه المعرفة، مع الحوار الهادىء حجة تقوم على من سمع وناقش حتى قنع، لماذا لم يدخل في حظيرة هذا الدين، اما من استجاب بعد القناعة، فهذا فوز عظيم يسره الله له، واخراج من الظلمات الى نور الدعوة كسب أجرها من دعا حتى وعى قلب المدعو، لأن الله لا يقبل من البشر ديناً سوى الاسلام، كما قال سبحانه: ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ]آل عمران 85[ وقال: ان الدين عند الله الاسلام ]آل عمران 19[ وسوف يكون حديثنا في هذه الزاوية عن بعض الأمور التي اعطى الاسلام عنها نظرة خاصة تمثل التآلف والترابط بينما جانبتها طباع بعض شعوب الأرض، فصار بينهم التنافر والانفصام مثلما قال الله سبحانه: تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ]الحشر آية 14[, وما ذلك الا ان بأسهم بينهم شديد لفقدان العقيدة التي تربطهم بخالقهم ومحبة الايمان التي تؤلف بين القلوب وتقضي على الشحناء والأثرة.
من تلك الامور: حقوق الوالدين والترابط الأسري، وحقوق الجار وآداب الأخوة وحسن التعامل واثر السلام في صفاء النفوس، وصلة الرحم وغيرها من أمور اجتماعية وسيكون الحديث في حدود ما يسمح به الحيز بما يبرز دور الاسلام في تكوين المجتمع المترابط المهذبة أخلاق بنيه، بتربية دين الاسلام الذي ينبذ كل امر سيىء ويدعو الى الخيرية في كل امر, فعن حقوق الوالدين: نقول: لئن كانت حقوقهما مهدرة لدى كثير من البشر على وجه الارض، وبعضهم يتبرأ منهما ويعقهما، بل يسلمهما في حال الكبر الى دور العجزة، دون ان يكلف نفسه عناء السؤال عنهما، فإن دين الاسلام قد جعل لهما حقوقاً، واكدت تعاليمه واجب التعامل معهما، لما قدماه للانسان ايام ضعفه من عناية ورعاية، ولما تحملته الأم من آلام وأوهان في الحمل والرضاعة، وفي الولادة والتربية بل هما سبب وجود الانسان في هذه الحياة ولعظم حقهما فان الله جلت قدرته، قد قرن طاعته بطاعتهما والاحسان اليهما، وجعل رضاه موقوفاً على رضاهما عن ابنائهما، يقول سبحانه: وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احساناً، اما يبلغن عند الكبر احدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً , ] الإسراء 23 - 24[.
فالوالدان هما اللذان اهتما بأبنائهما في حالة الضعف الى ان كبروا واشتد عودهم، في صحتهم وفي تعليمهم، وفي توجيههم وفي الانفاق عليهم، وفي كل ما يصلح من شأنهم، ولذا فإن من سوء الأدب من الابن مقابلة الاحسان بالاساءة، ومعصية الله في حقهما، حيث اعتبر علماء الاسلام: ان عقوق الوالدين من كبائر الذنوب وسبب لدخول النار والخسارة الابدية، وفق ما جاء من نصوص شرعية فقد جاء في حديث شريف: رغم انف امرئ ادرك والديه او احدهما ولم يدخلاه الجنة , وأخبر صلى الله عليه وسلم ان الجنة تحت اقدام الأمهات .
ومن أدب التعامل معهما: عدم التأفف أو التضجر منهما، والنطق أمامهما بما يشعر بذلك فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما والتأفف هو أقل مراتب القول السيىء، والنهر هو الفعل القبيح ونفض اليد عليهما، ولما كان الاسلام ينهي عن ادنى مراتب التعامل مع الوالدين، فإنه يأمر بالمقابل باللين معهما والقول الحسن، والتأدب وتعظيم حقهما، والتواضع بالقول والفعل والنفقة، وخاصة بعدما يكونان في حاجة الى الأبناء للانفاق على الوالدين ورعايتهما لأن ذلك حق في اموالهم من دون الزكاة للوالدين.
وهذا التواصل مع الوالدين، لا ينقطع بوفاتهما بل اخبر صلى الله عليه وسلم ان للوالدين على ابنائهما خصالاً أربع هي من البر فيهما بعد موتهما وهي: الصلاة عليهما - الدعاء - والاستغفار لهما، وانفاذ وصيتهما - عهدهما - واكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم للانسان الا من قبلهما هذا ما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصاري الذي سأل النبي الكريم عما بقي عليه من حقوق لوالديه بعد وفاتهما,, وهذا الجواب عام للمسلمين الى ان يرث الله الارض ومن عليها, فالاسلام فرض للوالدين حقوقاً وواجبات على الأبناء، حتى الجهاد في سبيل الله لمكانته امر رسول الله معاوية بن جاهمة ان يفضِّل عليه لزوم والدته فان الجنة تحت رجليها, واكد صلى الله عليه وسلم الوصية بالوالدين: بالأب مرة وبالأم ثلاث مرات ولذا فان الواجب على كل من ادرك والديه ان يحترمهما,, وان يتأدب معهما فهما يرضيان بالقليل من ابنائهما، وعلى كل فرد ان يخصص من وقته مهما كانت مشاغله جزءاً في كل يوم للجلوس معهما والحديث في الأمور التي تعجبهما لان هذا مما يسرهما ويريحهما وتقديم ما يرغبانه اليهما من مال أو صلة رحم وغير ذلك مما يريحهما وفيه أجر عظيم من الله.
وعن صلة الرحم التي هي امتداد لحقوق الوالدين وعدم قطيعتها بالتدابر والشحناء فان من صلة هذه الرحم المشتق اسمها من اسم الرحمن سبحانه زيارتهم وهم الأقارب واستمرار التآلف معهم وزيارة مريضهم وصلة المحتاج منهم بالمال الذي يحبه الانسان، وإيثارهم به حتى تقضى به حوائجهم ويكفيهم عن سؤال الآخرين، مع تفقد احوالهم، كل هذا من صلة الرحم التي امر الله بها ان توصل، فقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه ابو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ان الله تعالى خلق الخلق حتى اذا فرغ منهم - اي كمل خلقهم - قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم اما ترضين ان اصل من وصلك، واقطع من قطعك؟ قالت بلى: قال: فذلك لك,, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى ابصارهم متفق عليه وفي رواية البخاري فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته .
وقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم كمال الايمان بصلة الرحم حيث جاء في حديث رواه ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه , وفي قوله تعالى: وآتى المال على حبه ذوي القربى قال بعض المفسرين: ان تعطيه وانت صحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ,, وذوو القربى هم قرابات الرجل وهم اولى من يعطى من الصدقة كما ثبت في الصحيح: الصدقة على المساكين صدقة وعلى ذوي الرحم اثنتان: صدقة وصلة فهم اولى الناس ببرك واحسانك واعطائك، وقد امر الله بالاحسان اليهم في غير موضع من كتابه العزيز,, وما ذلك الا ان الاسلام علاوة على كونه عبادة لله واداء حق الله في هذه العبادة فان دينه يدعو للتواصل والبر والاحسان، والترابط والمحبة بين افراده وجماعاته ويثيب على ذلك وينهى بل يحذر بشدة من قطيعة الرحم، وعن كل ما يترتب عليه تفكك المجتمع والشحناء والحسد والتدابر بين ابناء الأمة ومع ذوي القرابات اشدى وانكى ويترتب على ذلك عقاب من الله وسيئات ترصد في السجل حتى يوم الجزاء والنشور.
- وللجار في تربية الاسلام حقوق اغفلتها كثير من أمم الأرض، وتساهل فيها فئات في المجتمع الاسلامي ممن قصر فهمهم لتعاليم دينهم، فكانوا مسلمين بالاسم دون الاهتمام بالتطبيق وما ذلك الا ان تعاليم الاسلام في مصدري التشريع الاساسيين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لم تأت الا للتطبيق والاهتمام بالمتابعة للتنفيذ على الواقع,, فكتاب الله الكريم تأتي فيه آيات توصي بحقوق كثيرة مطلوب من المخاطبين بها - وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم - ان يهتموا بها ويولوها جل عنايتهم، تبدأ بحق الله سبحانه في العبادة والاخلاص له ثم يتبع ذلك الامر بالاهتمام بالحقوق الاخرى: للوالدين وذوي القربى واليتامى والمساكين والجار القريب والجار البعيد وابن السبيل وما ملكت اليمين، وغير ذلك من امور نجدها شاملة لأمور الحياة رعاية واهتماماً وتعريفاً بما يجب وتسامحاً حتى يمكن التغلب على اثرة النفس والسيطرة على شحها.
وفي تلك الوصايا الكريمة العالية في قدرها التي اوصى الله بها سبحانه عباده في سورة النساء: والجار ذي القربى والجار الجنب قال ابن عباس: والجار ذي القربى يعني الذي بينك وبينه قرابة، والجانب الجنب الذي ليس بينك وبينه قرابة وقال نوف البكالي: والجار ذي القربى يعني الجار المسلم والجار الجنب يعني اليهودي والنصراني,, وقد وردت احاديث توصي بالجار وتعظم حق المحافظة على حسن الجوار ورعاية المجورة سواء كان الجار مسلماً او غير مسلم منها ما رواه الامام احمد رحمه الله عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ما تقولون في الزنى؟, قالوا: حرام حرمه الله ورسوله، وهو حرام الى يوم القيامة فقال: لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من ان يزني بحليلة جاره , قال: فما تقولون في السرقة؟ قالوا: حرمها الله ورسوله فهي حرام الى يوم القيامة قال: لان يسرق الرجل من عشرة بيوت ايسر عليه من ان يسرق من جاره .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه متفق عليه.
وعلاوة على الاحسان للجار وحسن التواصل معه بالسلام والهدية وازالة الأذى القولي والفعلي، وكف اذى الاولاد عن اولاده واهله فان الأمر بذلك عبادة مع الله او طاعة له سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ودعوة الى دين الله جل وعلا فقد روي ان جاراً يهودياً كان يؤذي سهل التستري وفي رأي انه يؤذي جاره ابا حنيفة وقد تحمله وفي مرضه زاره هذا اليهودي ولم يجد جاره المسلم متأثرا من أذيته فظنه لم يدرك وكانت الأذية تسليط الروائح الكريهة عليه، فسأله اليهودي: منذ متى وهذه الرائحة عندكم؟ وكان اليهودي مجاورا له منذ عشر سنوات,, فرد عليه منذ جاورتنا,, فقال اليهودي, وصبرت على ذلك؟ قال: نعم لأن ديني يأمرني بالاحسان الى الجار وتحمل أذاه,, فقال اليهودي: دين هذه اخلاق أبنائه يجب ان ادخل فيه: ثم شهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم واسلم وحسن اسلامه.
- وللأيتام مكانة في ادب الاسلام، وسمو تعاليمه فقد انزل الله في كتابه الكريم: ثلاثاً وعشرين آية يبين للمسلمين الآداب التي يجب ان تراعى في احوال اليتامى، والقيام على شؤونهم ورعاية مصالحهم، وحماية اموالهم وهم في حال الضعف وعدم المعرفة عن اخذ شيء من اموالهم، او استبدال الجيد والثمين من اموالهم بالردىء الرخيص من مال اليتيم وعدم وقاية مال القيم بشيء من اموال اليتامى والاحسان الى اليتيمات وعدم هضم حقوقهن في اموالهن ومهورهن فالاسلام يرعى احوال المستضعفين ويدعو الى حمايتهم ورقة القلوب للحنو عليهم احتساباً لما عند الله من اجر وخشية ان يقع للانسان يتم على أولاده ليدرك هذه الدور,, اما لمن ضعف ايمانه وتغلب طمعه، فان دين الاسلام بمصدريه قد جعل الزاجر القوي والعقاب الاليم ينتظره وعليه الموازنة بين الحالين: اجر وجزاء وتوفيق من الله او عقاب ووعيد وخسارة ابدية.
وقد رغّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفالة اليتامى والاحسان اليهم بأحاديث كثيرة منها قوله: خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعيه هكذا - اي حرك اصبعيه الكريمتين - كما قال راوي الحديث ابو هريرة وقال صلى الله عليه وسلم: انا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ,, وقد اعتبر الذهبي رحمه الله في كتابه الكبائر: أكل مال اليتيم من كبائر الذنوب والذي يأكل اموال اليتامى ما هو الا مؤتمن خان امانته وقوي استغل ضعف اليتيم ومتحايل يفاتر مال اليتيم لمصلحته والله جل وعلا اقوى منه واعدل منه عندما فرض في آيات كثيرات المحافظة على اموال اليتامى وقد ادخر العقاب الشديد لمن يخون اليتيم في ماله فقال سبحانه: ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلماً، انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيراً واي عقاب اشد وهل هناك خسارة انكى من ذلك وحتى الملاحظة بالكلام والمسح على رأس اليتيم رغب الاسلام في ذلك وهو عمل لا جهد فيه ولا خسارة مالية وانما حسن النية مع هذا الصغير الذي فقد والده ليجد في هذه اللمسة حنواً يعوضه عن حنو الأب، وليشعر بأن في قلوب الناس من الرحمة ما ينسيه الم اليتم حيث قال صلى الله عليه وسلم: من مسح على رأس يتيم لم يمسحه الا لله, كان له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن احسن الى يتيمة او يتيم عنده كنت انا وهو في الجنة كهاتين ,, وهذه الآداب التي يحث عليها الاسلام في شؤون الحياة كلها ادب رفيع يوجه اليها ابناءه لتكون بينهم وشيجة المحبة والعاطفة مستمرة مما يعطي الآخرين دروسا في الحياة اهتم بها الاسلام وفقدت في بيئاتهم وبتوضيحها لهم فإنها مدخل للدعوة لدين الاسلام,, ينفذ الى القلوب وتتجاوب اصداؤه مع متطلبات النفوس في بحثها عن السعادة فيدخل من اراد الله له الخير والهداية في حظيرة الاسلام,, ودور ابناء المسلمين امامهم حسن التبليغ والقدوة الصالحة بالتطبيق والامتثال لأمر الله ورسوله.
المتكلمة بالقرآن: جاء في ذيل ثمرات الأوراق: ان عبد الله بن المبارك قال: خرجت حاجاً الى بيت الله الحرام، وزيارة مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام فبينما انا في طريقي واذا بسواد فتميزته فاذا عجوز عليها درع من صوف وخمار فقلت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: سلام قولاً من رب رحيم فقلت لها: رحمك الله ما تصنعين في هذا المكان؟ فقالت: ومن يضلل الله فما له من هاد فعلمت انها ضالة عن الطريق, فقلت لها: اين تريدين؟ قال: سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى فعلمت انها قضت حجها وهي تريد بيت المقدس فقلت لها: انت منذ كم في هذا الموضع؟ فقالت: ثلاث ليال سوياً فقلت: ما ارى معك طعاماً تأكلين؟ قالت: هو يطعمني ويسقين فقلت فبأي شيء تتوضئين؟ قالت: فان لم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فقلت لها: ان معي طعاماً فهل لك في الاكل؟ قالت: ثم اتموا الصيام الى الليل فقلت قد ابيح لنا الافطار في السفر, قالت: وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون فقلت: لم لا تكلمينني مثلما اكلمك؟ فقالت: ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد فقلت فمن اي الناس انت؟ قالت: ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا , فقلت قد اخطأت فاجعليني في حل؟ قالت: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم .
فقلت: فهل لك ان احملك على ناقتي فتدركي القافلة؟ قالت: وما تفعلوا من خير يعلمه الله قال: فأنخت الناقة فقالت: قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم فغضضت بصري عنها, وقلت لها: اركبي فلما ارادت ان تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها, فقالت: وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم , فقلت لها: اركبي قالت: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون ,, فأخذت بزمام الناقة وجعلت اسعى واصيح: فقالت: واقصد في مشيك واغضض من صوتك فجعلت امشي رويداً رويداً واترنم بالشعر فقالت: فاقرءوا ما تيسر منه فقلت لها: لقد اوتيت خيراً كثيراً, فقالت: وما يذكر الا اولو الألباب ,, فلما مشيت بها قليلا قلت لها: الك زوج؟ قالت: يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم فسكت ولم اكلمها حتى ادركت بها القافلة فقلت لها: هذه القافلة فمن لك فيها؟ قالت: المال والبنون زينة الحياة الدنيا فعلمت ان لها اولاداً فقلت: وما شأنهم في الحج, قالت: وعلامات وبالنجم هم يهتدون فعلمت انهم ادلاء الركب, فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟ قالت: واتخذ الله ابراهيم خليلاً وكلم الله موسى تكليماً يا يحيى خذ الكتاب بقوة فناديت: يا ابراهيم يا موسى يا يحيى فأقبل ثلاثة شبان فلما جلسوا قالت: ابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر بها ازكى طعاماً , فمضى احدهم وقدم الطعام بين يدي فقالت: كلوا واشربوا هنيئاً بما اسلفتم في الايام الخالية فقلت: الآن طعامكم عليِّ حرام حتى تخبروني بأمرها فقالوا: هذه امنا لها اربعون سنة لم تتكلم الا بالقرآن مخافة ان تزل فيسخط عليها الرحمن فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ]ذيل ثمرات الأوراق 243[.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
أفاق اسلامية
تقارير
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved