Friday 30th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 17 ربيع الثاني


رياض الفكر
سلمان بن محمد العُمري
الإشاعة,, نار تحرق صاحبها!

اذا كنت تعمل في مؤسسة او قطاع ما، فلابد انك سمعت ذات يوم خبرا فيه بعض الغرابة التي تخلط بين الحقيقة والزيف، والافتراء والمبالغة وتراه بعينك يسري كالنار في الهشيم تتناقله الالسن، لا يعلم احد مصدر هذا الخبر او هذا الكلام، اما عن النتائج فقد يكون لتلك الرواية تأثير بالغ على سمعة شخص ما، وقد تمتد ليشمل تأثيرها ابناء المؤسسة او القطاع بكامله، او على مسيرة العمل وطبيعته، بل قد يؤدي مثل هذا الخبر الكاذب، او المبالغ فيه الى توجيه الاتهامات الباطلة او اتخاذ قرارات ظالمة أو تعسفية خطيرة قد تسيء او تدمر الشخص او المؤسسة المعنية بهذا الخبر، فاذا كان ذلك يمكن ان يحدث على مستوى المؤسسة او الفرد فما بالك ان كان الامر على مستوى المجتمع والامة، فالنتائج اكبر والخسائر افدح,,!!
تلك هي (الاشاعة) التي تعد نوعا من الكذب لا بل هي من اخطر وجوهه لانها قد لا تلقى بمحض الصدفة او لمجرد التسلية وانما قد يقصد بها اهداف خطيرة تسعى لاثارة البلبلة، وتشويش الناس وزعزعة الثقة فيما بينهم كما انها تنطلق بين الناس وتتناقلها الالسن عن سوء نية - وربما عن حسن نية - مما يجعل انتشارها سهلا وسريع التأثير.
والاشاعة الصادرة عن سوء نية قد تصدر عن انسان من طبعه الكذب، كي يقال عنه: انه انسان هام او مسؤول او عارف بدقائق الامور وخبير بمجريات الأحداث وتوقعاتها، كما انها قد تصدر عن انسان يحمل في نفسه غايات دنيئة وقد تكون من خلفه فئات معينة لها مآرب سيئة.
اما الاشاعة العشوائية التي قد تصدر عن حسن نية، او عن مجرد اجتهاد او توقع لحدث ما، وتتناقلها الالسن على انها حقائق، فان خطرها اقل كثيراً، ويمكن احباطها.
لقد سخرت بعض الدول والمنظمات الصهيونية للاشاعة وسائل اعلام بأنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية، ورصدت لها امكانات هائلة حول العالم لتحقيق اغراضها واستخدمت الاشاعات كثيرا في الحروب النفسية بين الامم والدول، وكم من حروب حسمت لمجرد اشاعة كاذبة!
ان مجتمعنا - والحمد لله - من المجتمعات الحصينة ضد الاشاعة، فالكذب في المجتمع المسلم حرام، والمؤمن لا يكذب كما ان ديننا الحنيف يحضنا على اهمية التحري عن الحقائق قبل تصديق الافتراءات اذ يقول الله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) كما ان المثل الاجتماعية وعاداتنا العربية الموروثة التي يحسدنا العالم عليها تعتبر من الوسائل التي تساهم في تربية ابناء هذه الامة على الحق، فعاداتنا واعرافنا تنبذ الكاذب، وتبعده اجتماعيا ويبغضه ويتجنبه الناس كما يتميز مجتمعنا الاسلامي بانه يتمتع بثقافة ومُثل لا يستهان بها تمنعه من الانحراف، او الانقياد وراء الاقاويل الكاذبة والهدامة.
ورغم ذلك يجب ان نقول: انه علينا الآن، وفي المستقبل الابقاء على تلك القيم والمثل العظيمة التي تميزنا عن غيرنا، وعلى رأسها التمسك بديننا الاسلامي الحنيف حتى يحفظنا الله تعالى من قالة السوء واصحاب الاهواء من اعداء الاسلام.
وعلينا ان نلتف حول علمائنا ونطيع ولاة أمرنا، وان نثق بهم، فدولتنا - بحمد الله تعالى - تقوم على كتاب الله الكريم وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - واتباع نهج السلف الصالح، وعلينا ايضا ان نعمل على احباط الفتن والاشاعات في مهدها بمنع ترديدها او نشرها، والاخذ على يد مروجيها بالنصيحة والمنع فالاشاعة (نار تحرق صاحبها).
واخيرا دعوة مخلصة الى الله تعالى ان يحمي بلادنا من كل سوء، وان يجنبنا شرور الاشاعات والفتن ما ظهر منها وما بطن، وان ينير بصائرنا، ويحفظنا بفضله وكرمه من الاختلاف والفرقة، وان يرد كيد الماكرين في نحورهم، انه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
أفاق اسلامية
تقارير
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved