قال الله تعالى عن إبراهيم: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لربّ العالمين, ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) سورة البقرة الآيتان 131، 132.
قوله تعالى لإبراهيم: (أسلم) اي: كن منقادا لاوامر الله واخلص عبادتك لله واجعلها سليمة من الشرك واستقم على الاسلام واثبت على التوحيد، فقال إبراهيم: (أسلمت لرب العالمين) ثم ان إبراهيم عليه السلام وصى بها اي: بكلمة (أسلمت لرب العالمين) بنيه، وهذه الوصية لبنيه بضرورة الإسلام لله رب العالمين: تدل على عظم اهتمام إبراهيم بمضمونها وبيان ذلك من وجوه:
الأول: أنه تعالى لم يقل: وامر إبراهيم بنيه بل قال: (ووصى بها إبراهيم) ولفظ الوصية أوكد من الأمر لأن الوصية تكون عادة عند الخوف من الموت وفي ذلك الوقت يكون احتياط الإنسان لدينه أشد وأتم فإذا عرف أنه - عليه السلام - في ذلك الوقت كان مهتماً بهذا الامر كان القول الى قبوله اقرب.
الثاني: أنه - عليه السلام - خص بنيه بتلك الوصية وذلك لأن شفقة الرجل على ابنائه أكثر من شفقته على غيرهم فلما خصهم بذلك في آخر عمره دل ذلك على عظيم اهتمامه بمضمون هذه الوصية.
الثالث: أنه - عليه السلام - اطلق هذه الوصية غير مقيدة بزمان معين ومكان معين ثم زجرهم أبلغ الزجر عن ان يموتوا غير مسلمين وهذا يدل على شدة اهتمام إبراهيم بمضمون هذه الوصية.
فعلى الداعي الى الله: ان يؤكد في خطبه ودروسه ومواعظه للناس على مضمون (وصية ابراهيم لبنيه) اي: على عقيدة (التوحيد) والالتزام بشريعة الاسلام.
سؤال وجوابه:
قد يقال: ان الداعي المسلم يخاطب المسلمين فما الحاجة الى التوكيد على التوحيد؟ والجواب: ان من وصاهم ابراهيم - عليه السلام - بوصيته هذه وهم بنوه كانوا مسلمين ومع هذا وصاهم بهذه الوصية، وحذرهم من الغفلة عنها والموت على غيرها.
ثم ان معاني الاسلام كثيرة والالتزام بها والثبات عليها يوجب التذكير بها دائما.
ثم ان التوحيد هو الاساس الذي بني عليه الاسلام ولهذا اكد عليه جميع المرسلين من نوح الى محمد - عليهم الصلاة والسلام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في فيد بمنطقة حائل