الرئيس بوتفليقة حرص على المشاركة في تشييع الراحل الكبير العاهل الشاب يواجه صراعاً قديماً,, فماذا يخفي المستقبل لبلدان المغرب العربي؟ |
* الجزائر- كلوديا ألتمان- د,ب,أ
جاء تولي ملك جديد مقاليد الحكم في المغرب وهو متأهب لكسر الجمود السياسي في منطقة بلدان المغرب العربي مقاليد الحكم في المغرب، في اعقاب الانتخابات في الجزائر في وقت سابق من العام الحالي، ليحيي بارقة امل حول امكان التقارب بين البلدين اللذين ظلا لعقود طويلة في شقاق مر.
وقد ظهرت بوادر تغيير هام في الوقت الذي كانت تتلى فيه الصلوات على نعش الملك الحسن الثاني في نهاية الاسبوع الماضي.
اذ لم تفصل سوى امتار قليلة بين ابن العاهل الراحل، محمد السادس، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.
لقد كان بوتفليقة هو الوحيد بين المشيعين الكبار الكثيرين الذين وفدوا الى الجنازة الذي اتخذ موقعه في الصف الاول جنبا الى جنب مع الاسرة المالكة لنعي الفقيد، في بادرة علنية واضحة الى ان وفاة العاهل السابق قد آذنت بمقدم عصر جديد بين البلدين الجارين، وربما حقبة جديدة لمنطقة المغرب العربي بأسرها.
ويتفق المراقبون على ان التقارب بين البلدين الاكثر اهمية في منطقة المغرب العربي ليس من شأنه الا ان يعود بالنفع على المنطقة الواهنة اقتصاديا والمزعزعة سياسيا, فطالما كان الشقاق بين البلدين لعقود طويلة نتيجة التنافس السياسي والعديد من الحروب التي خاضها الجانبان.
علقت صحيفة لا تريبيون الجزائرية المستقلة يوم الاثنين على الوضع الراهن قائلة لقد تعارك كل من الحسن الثاني والرئيس الجزائري السابق هواري بومدين عراك الجبابرة جهرا وفي ساحة امتدت من جبال الريف الى جبال اوروس، وهي المنطقة التي تطاول في اتساعها اوروبا الغربية .
ولم يطرأ تغيير على هذا الوضع اثناء حكم الكثيرين ممن جاءوا بعد بوميدين، ولكن ما ان تولى بوتفليقة المحنك دبلوماسيا والمولود في بلدة اوجدة غربي المغرب مقاليد السلطة في الجزائر في نيسان ابريل الا وبدأ الجانبان يبعثان بالبوادر الحذرة في محاولة للتغلب على العداوة بينهما.
وقد بدأ الاستعداد لاجراء قمة في اعقاب زيارة وزير الداخلية المغربي ادريس بصري الى الجزائر في حزيران يونيو .
واليوم يجد العاهل المغربي الشاب نفسه في موقع متحرر نسبيا من الانفعالات والبغض الشخصي، بما يمكنه اكثر من القيام بتلك المسئولية، في الوقت الذي ما كانت نفس العاهل القديم لتطاوعه على فعل ذلك.
ومن المتوقع ان تتمثل الخطوة الاولى في اعادة فتح الحدود بين الجانبين والمغلقة منذ عام 1994، حينما اتهمت الرباط الاسلاميين الجزائريين بزرع قنبلة في مراكش مما ادى الى مصرع سائحين اسبانيين, وقد رأت الجزائر ان اغلاق الحدود فرصة مواتية حيث انها طالما اتهمت المغرب بالسماح للمتطرفين الجزائريين باستخدام البلاد كقاعدة لتهريب السلاح والمخدرات.
كما سيتعين على العاهل المغربي الجديد المواءمة بين سياساته والبيئة السياسية العالمية التي لم تعد كما كانت, لقد كان ينظر الى ابيه على انه الحليف الاهم لمنظمة حلف شمال الاطلنطي الناتو في المنطقة، غير ان الولايات المتحدة قد بدأت في مد نفوذها في الجزائر ناظرة اليها على انها بلد هام استراتيجيا واقتصاديا.
فقد حلت الشركات النفطية الامريكية محل فرنسا في موقع المستثمر الاكبر على مدار الاعوام العشرة الماضية، مما احال الجزائر الى منافس خطير وجعل العلاقات الطيبة امرا لازما, كما ينعكس افول نجم المغرب بالنسبة لامريكا ايضا على صراع الصحراء الغربية طويل الامد.
فمنذ ان اخذت واشنطن في تأييد خطة الامم المتحدة للسلام لعام 1991 واخذ وزير الخارجية الامريكية السابق جيمس بيكر يعمل كوسيط، وقد انتهجت الرباط خطأ أكثر تعاونا استعدادا للاستفتاء المخطط له والمعني بتقرير المصير في تموز يوليو العام المقبل.
ومن جانبها اكدت الجزائر على حيادها في الصراع المستمر منذ عام 1975، في اعقاب خطة الامم المتحدة للسلام، وان واصلت امداد معسكرات اللاجئين التابعة لجبهة تحرير البوليساريو في جنوبها الغربي.
ويأتي هذا الموقف مناقضا لموقف الجزائر السابق المتمثل في تقديم الدعم، دون تحديد نوعه، للبوليساريو، بل والانخراط المباشر في العمل العسكري.
وتذكر الصحف الجزائرية ان بوتفليقة سوف يحاول اقناع القيادة المغربية بالفصل بين العلاقات الثنائية ومسألة الصحراء الغربية.
كما يمكن ايضا ان يؤدي تقارب دائم بين الجزائر والمغرب الى التوصل اخيرا لانجاح اتحاد المغرب العربي الذي طال التخطيط له، والذي بقي حتى هذا الوقت حبرا على ورق.
فبعد عشرة اعوام من تأسيس الاتحاد الذي يضم الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، لم يأت الاتحاد بأي ثمار تجنيها شعوب المنطقة فيما عدا الزيارات الشكلية بين زعماء بلدانه.
كانت المغرب قد قامت بتجميد كافة انشطة الاتحاد في عام 1994 بينما ادارت ليبيا ظهرها للمنظمة حينما لم تلق اي تأييد فيما يتصل بحادث لوكيربي, وتحطم حلم الحدود المفتوحة وحرية انتقال الناس والبضائع والاتحاد الاقتصادي على صخرة المصالح القومية.
وبدلا من ان تناظر بلدان المغرب العربي الاتحاد الاوروبي ككتلة واحدة، اخذت تلك البلدان باتفاقات فردية مع الاتحاد الاوروبي كل على حدة، او ماتزال تتفاوض مع الاتحاد، كما هو الحال مع الجزائر.
|
|
|