عزيزتي الجزيرة
الحمد لله الذي يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور وصلى الله على امام الهدى والنور على آله وصحبه اما بعد,.
فقد جبل بنو البشر على محبة الاولاد ولا غرو في ذلك، فقد سماهم الله فتنة وجعلهم زينة الحياة الدنيا قال الشاعر:
وانما اولادنا بيننا اكبادنا تمشي على الارض لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمض |
ولكن الملاحظ على بعض الاحباب هداهم الله ان حب الاولاد يطغى على قلبه فيرى القبيح منه مليحاً والرذيلة فضيلة فلا ينهرهم عند الخطيئة، ولا يؤدبهم على الرزيئة وينساق في تلبية شهواتهم ورغباتهم وكأن ما فعلوه والفوه هو الحق بعينه قال الله تعالى يا ايها الذين آمنوا ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم قال العلماء: اي لا يحملكم حبهم على معصية الله وقطيعة الرحم فترضخون لرغباتهم ا,ه فكم من جار لاجلهم فقدوه وكم من عشير لاجلهم شنؤوه,, ولو تأملنا النظر فيمن خلوا من قبلنا لوجدنا ان الذي ادب صغيراً وكف عنه هواه وذاق مرارة الحياة وتكبد مشاقها هو الذي يبلغ المقامات العلية وليس ذلك الطفل المدلل.
فهذا سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه نشأ يتيماً وكانت امه تعوده على الصبر والجلد وشظف العيش وكانت توجعه ضرباً، فقيل لها ارفقي في الطفل لقد خلعت فؤاده، لقد قتلت الرضيع، فكانت تقول: انما اضربه ليدب ويجر الجيش ذا الجلد، وفعلاً جر جيش القادسية ضد اعتى دولة في ذلك الزمان وظفر بكونه اول من سل سيفاً في الاسلام، وهوالوحيد الذي فداه النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه وامه فقال له ارم فداك ابي وامي ، وقال عنه الفاروق عمر، سعد ركن من اركان الدين، وعمود من عمد الاسلام, اما اطفالنا المترفون اليوم فلا يتحملون ان يهب الهواء على خدودهم بل ان الواحد منا لو ذهب للجزار ومذابح الدجاج، لقال للجزار من فضلك لا يرى الاطفال ذبح الدجاج كي لا تؤرقهم الكوابيس والاحلام في النوم فرفقاً بالقوارير,, ورحم الله الفاروق عمر حيث يقول: اياكم والتنعم وزي الاعاجم وعليكم بالشمس فانها حمام العرب، واخشوشنوا وتعددوا ا,ه ولقد تربى اكثر العلماء والعظماء على الفقر واليتم وقسوة المعيشة فكان منهم ما كان، بل كانوا جبالا في مقام الرجال، واقرأ في سيرة الامام البخاري والشافعي واحمد بن حنبل وغيرهم، قال الشافعي رحمه الله:
ان الصبي مطيع لمن يؤدبه ولا يطيعك ذو شيب لتأديب |
وقال ايضاً
ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه اربعاً لوفاته |
هذا والله نسأل ان يقر اعيننا بصلاح نياتنا وذرياتنا انه ولي ذلك وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
علي بن محمد بن حسن الحماد
الرياض