فوجئت برحيل الاستاذ الدكتور شكري عياد الذي رحل ضمن عدد من الاعلام فقدناهم في هذا العام، وشكري عياد قد لا يكون معروفاً كثيراً لدى الجمهور العام لكنه نجم ساطع في سماء الأدب والنقد ولدى الدارسين والباحثين، وهو مبرز في مجال الدراسات الأدبية والابداع الأدبي وهو من كوكبة من نقادنا الأدبيين في العصر الحديث امثال محمد مندور والشايب ومحمد غنيمي هلال وغيرهم ممن تخرج على ايديهم او على ايدي تلاميذهم اجيال من المتخصصين في الدراسات الادبية وبخاصة اساتذة الجامعات.
شكري عياد مبدع أدبي في مجال القصة القصيرة، وله ست مجموعات قصصية ويوجد له عدد منها مسجل في اذاعة الرياض في برنامج قصة قصيرة اعطاها للاذاعة عندما كان استاذاً في جامعة الملك سعود، وقد عرفته عن هذا الطريق والتقيت به كثيراً عندما كان في الرياض حيث كان يشارك في البرامج الادبية، وكان يتسم باللطف ودماثة الخلق، ومما اذكره في هذا المجال انه اتصل بي مرة لمعرفة تقدير ابنه في الثانوية العامة عندما كانت الاسماء تبث من الاذاعة وحدد لي الثانوية، ولكنني لم اجد اسم ابنه وبقيت في حرج بين ان اتصل به او لا اتصل، ولكنني حزمت امري واتصلت به واخبرته انني لم اجد اسم ابنه فضحك ضحكة وقورة يعرفه من يعرفه ثم اخبرني ان اسمه الثقافي يختلف عن اسمه الحقيقي واظنه ان لم تخني الذاكرة محمد عبد الفتاح ولكنه كغيره من المثقفين اختار شكري عياد ليكون اسماً مميزاً.
شكري عياد استاذ جامعي مميز في ثقافته، وفي شخصيته وفي حرصه على العلم وفي حرصه على طلابه، وفي نهجه العلمي،
كان من ضمن اساتذة أعلام وفدوا للتدريس في جامعتي الملك سعود والامام محمد بن سعود في التسعينيات الهجرية، وسعدت بالاتصال بكثير منهم والاستفادة منه، ومن هنا فان شكري عياد يحظى بتقدير كبير ومنزلة عالية لدى الدارسين وهذا شأن العلماء المتخصصين لا يعرف فضلهم الا لدى المثقفين، فالدراسات الادبية والنقدية المتخصصة لا يعرف حق قدرها الا النخب الثقافية.
لقد تخرجت على يديه اجيال في جامعات المملكة ومصر والسودان واستفاد من دراساته مئات الدارسين وستبقى كتبه كما بقيت كتب محمد مندور وغنيمي هلال والشايب مصادر للدارسين والباحثين وحسبه تقديراً ومعرفة لفضله نيل جائزة الملك فيصل العالمية في الآداب في مجال الترجمة عام 1992م.
كان باسماً انيقاً في ملبسه، لبقاً في كلامه انيساً في حديثه، شامخاً في خلقه، رفيعاً في ادبه محلقاً في دراساته، مبدعاً في قصصه منهجياً في بحثه، متواضعاً مع علمه عصرياً في منهجه مرتبطاً بالتراث ارتباط الأصيل بأصله، انه بايجاز احد اعلام الأدب المعاصرين الذين تحس الساحة الثقافية بفقدهم، رحمه الله رحمة واسعة.
د, عائض الردادي