Monday 9th August, 1999 G No. 9811جريدة الجزيرة الأثنين 27 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9811


حقيقة إسرائيل 9
صهيونيون أكثر من الصهيونيين
سعد بن خلف العفنان

كان صدور فرمان السلطان العثماني عبد المجيد بن محمود عام 1856م باعطاء اليهود حق تملك الأراضي في فلسطين بحد ذاته خطوة تاريخية خطيرة جداً كان الهدف منها ترغيب اليهود في الهجرة الى فلسطين ومحاولة لايقاظ مشاعرهم نحو هذا الهدف الذي لم يكن له وجود بالنسبة لليهود آنذاك، ومع ان الفكرة كانت انجليزية في اساسها الا ان الدولة العثمانية كانت هي الاداة الوحيدة لتنفيذها في تلك المرحلة المبكرة لأنها هي التي كانت تحكم فلسطين (1) .
وعندما وافق السلطان عبد العزيز بن محمود والحكومة العثمانية ومجلس الشورى العثماني على اعطاء اليهود امتيازاً استعمارياً لاقامة اول مستعمرة يهودية باسم مكفا اسرائيل اي أمل اسرائيل عام 1870م فان الدولة العثمانية خطت خطوة خطيرة اخرى لتأسيس مشروع تهويد فلسطين وترسيخ اقدام اليهود فيها، فقد كانت هذه التسمية: أمل اسرائيل تحمل معنى عدوانياً خطيراً جداً على مستقبل عروبة فلسطين، فلو لم تكن الدولة العثمانية موافقة على فكرة تهويد فلسطين وجعلها اسفيناً في قلب العالم العربي على المدى البعيد لما وافقت على مثل هذه التسمية وكذلك التسميات التي تبناها اليهود فيما بعد مثل: ديشون لزيون ومعناها صهيون الأول، وذكرون يعقوب ومعناها ذكرى يعقوب وروشينا ومعناها حجر الزاوية وبتاح تكفا ومعناها باب الأمل، ورجوت وغيرها وهي كلها تسميات تكشف الأهداف البعيدة العدوانية من هجرة اليهود الى فلسطين.
وعندما قامت الدولة العثمانية على مدى اكثر من نصف قرن بمصادرة الاراضي من ملاكها العرب بحجج وذرائع مختلفة وجائرة وبيعها لليهود وجعلت من هذا الأمر سياسة ثابتة لها من اجل تمكين اليهود في ارض فلسطين، بل في اخصب الأراضي الفلسطينية والعمل على تحويل عرب فلسطين الى لاجئين في وطنهم رغم شكاوى الفلسطينيين وتظلماتهم فان هذه الدولة اثبتت انها احرص على تهويد فلسطين وصهينتها من اليهود الصهاينة انفسهم.
لذلك فانه ينبغي الا ننسى ان المنظمة الصهيونية التي تأ ست عام 1897م انما ظهرت الى الوجود نتيجة لهذه الاجراءات العثمانية المشجعة التي سبقتها بواحد وعشرين سنة ولم تكن نتيجة حوافز يهودية ذاتية كما هو الوهم الشائع الذي روجه اليهود وصدقه مغفلونا,لقد كان مفتاح فلسطين في يد الدولة العثمانية فهي التي كان من حقها ان تمنع هجرة اليهود اليها وهي التي كان من واجبها ان تحافظ على حقوق الفلسطينيين الطبيعية في بلادهم لأنها هي المسؤولة عن ذلك، وبما انها لم تفعل ما كان يجب عليها بل فعلت ما هو العكس تماماً حيث انها باجراءاتها الآنفة قد فتحت ابواب فلسطين على مصارعها لليهود ومنحتهم حقوقاً اكثر من حقوقهم بل اكثر من حقوق المواطن في وطنه,, حقوقاً استعمارية استثنائية على حساب حقوق المواطنين الفلسطينيين، اذ لم يكن اليهود يعاملون كمواطنين في ظل الدولة العثمانية بل كانوا دولة داخل الدولة لا تطبق عليهم القوانين والأنظمة العثمانية ومعفيون من اية التزامات تجاه الدولة.
اما بريطانيا فانها بالنسبة للصهيونية هي الأم التي حملت وأوضعت وارضعت وانشأت ومثلما تعنى الأم بأمر جنينها من حيث توفير كل ما لا يستطيعه لنفسه من مقومات الحياة والنمو أو دفع ما هو ضد هذه المقومات من الاخطار والآفات فان بريطانيا وفي كل مرحلة من مراحل تهويد فلسطين كانت هي الحاوي والحاضن والحامي حتى تسلمت امريكا زمام هذا الأمر منها بعد ان صار اليهود في فلسطين كياناً لا ينقصه الا الاعتراف الدولي، ففكرة تهويد فلسطين بريطانية وبريطانيا هي التي اقنعت الدولة العثمانية بتبني هذه الفكرة وأول مشروع استيطاني يهودي في فلسطين كان صاحبه يهودي انجليزي واعلنت بريطانيا حمايتها لليهود مند عام 1840م كما تبنت تزويد اي يهودي تائه من اي قطر في العالم جواز سفر يخوله دخول فلسطين والاقامة فيها كمستعمر وليس مجرد مهاجر يبحث عن مأوى او مصدر رزق، وبريطانيا هي التي اعلنت عام 1917م انها تتعهد بانشاء وطن قومي يهودي في فلسطين بعد ان صار الاستيطان اليهودي واقعاً ملموساً في العهد العثماني وفي ظل الانتداب البريطاني عينت بريطانيا صهيونياً متعصباً حاكماً لفلسطين وهو اليهودي هربرت صموئيل وهو احد ابرز زعماء الصهيونية العالمية وعلى مدى ثلاث حقب من عام 1918م الى عام 1948م عملت بريطانيا على حشد كل ما امكن حشده من مهاجرين يهود الى فلسطين ونقلت كل ما امكن نقله من الاراضي الفلسطينية الى ملكية اليهود، وبريطانيا هي التي دربت وسلحت العصابات اليهودية وعلمتها كيف تمارس عملية قتل الفلسطينيين الابرياء ببرودة اعصاب، وبريطانيا هي التي اقترحت اول مشروع لتقسيم فلسطين اي الاعتراف بالكيان القومي اليهودي في فلسطين، وبريطانيا هي التي اوجدت الصهيونية من البوار والتيه وعملت على افقار الفلسطينيين واضعافهم وتصفية مقاومتهم فجعلت منهم كالجدر المائلة التي لا تملك اية قدرة على المقاومة امام اية محاولة تستهدف اسقاطها (2) .
وكأي مخلوق لقيط زنيم او كائن طفيلي عنيد فان الصهيونيين تمردوا على امهم الحنون بريطانيا وقابلوا عطفها ورعايتها لهم بالعقوق عندما خيل إليهم اثناء الحرب العالمية الثانية انهم قادرون على الاعتماد ذاتياً في حماية انفسهم والذود عن كيانهم المصطنع فشنوا الهجمات الارهابية الغادرة على رجال تلك الدولة ومنشآتها في فلسطين,, اغتالوا الوزير البريطاني البارز موين ,, نسفوا مقر ادارة الحكم البريطاني في القدس بكل من فيه من الموظفين,, هاجموا القواعد العسكرية البريطانية وخطوط السكك الحديدية ومخازن الاسلحة والتموين,, قتلوا الضباط والجنود البريطانيين في الشوارع واماكن اللهو ومثلوا بجثثهم وزعموا ان بريطانيا لم تف بعهودها لهم (3) .
فبماذا قابلت بريطانيا هذه الأعمال الوحشية؟ هل تخلت عن دعمها للصهيونية؟ هل تخلت عن بطشها بالفلسطينيين الذين يكافحون من اجل حقوقهم الطبيعية المشروعة؟ هل اعادت النظر في خطتها الاجرامية التي ادت الى هذه النتائج الفظيعة؟ الجواب على هذه الاسئلة وغيرها - طبعاً - لا.
لقد تعاملت بريطانيا مع كل ما قام به اليهود ضدها من ارهاب منظم كما لو كان ذلك اعمال فردية يرتكبها اشخاص موتورون لا علاقة لهم بمنظمات سياسية تخطط لهم وتحدد الأهداف وتأمرهم في تنفيد ما يقومون به من اعمال ارهاب وفق برنامج تضعه وتموله قيادتها العليا.
وعندما طالب احد كبار القادة العسكريين البريطانيين في فلسطين باتخاذ اجراءات توقف اليهود عند حدهم ابعد هذا القائد عن منصبه وطرد من فلسطين ولفه عالم النسيان (4) مثله مثل الكثيرين من ضحايا عملية تهويد فلسطين من العرب ومن اصحاب الضمائر الحية من الانجليز انفسهم ومن موظفي هيئة الامم المتحدة كالكونت برنادوت الذي اغتالته العصابات اليهودية الارهابية (5) .
لقد كانت بريطانيا وفية للصهيونيين اكثر من وفاء الصهيونيين لأنفسهم حيث اعلنت انها عاجزة عن التوفيق!! بين العرب واليهود ولذلك فانها قررت تحويل القضية الى هيئة الأمم المتحدة وأعلنت انها سوف تنهي انتدابها وتنسحب من فلسطين بحلول يوم 15 مايو عام 1948م, لم تعلن بريطانيا هذا الموقف الا بعد التنسيق مع الولايات المتحدة التي كانت تمكنها اوضاعها السياسية والعسكرية والاقتصادية من القدرة على التوفيق!! بين العرب واليهود.
ان بريطانيا لم تعمل على الاطلاق من اجل التوفيق بين العرب واليهود بل عملت على الدوام لفرض مشروعها تهويد فلسطين على العرب فرضاً، وهي حينما تستخدم كلمة التوفيق هنا فانها تظلم هذه الكلمة ذات المدلول النبيل ظلماً عظيماً وتمارس ذر الرماد في العيون ليس الا، فعندما وجدت بريطانيا انها اضعف من ان تتحمل مسؤولية اعلان الدولة اليهودية وحمايتها بحكم ظروفها الصعبة بعد الحرب العالمية الثانية وبحكم اوضاعها ومصالحها المهزوزة في العالم العربي آنذاك ولأنها تدرك ان اليهود لا يمكن ان يحموا انفسهم اذا تركوا مع الفلسطينيين رأساً لرأس فقد عملت على تسليم زمام القضية لأمريكا التي كانت لديها الرغبة وقادرة على حماية اليهود واستكمال المشوار الذي عجزت بريطانيا عن اتمامه وهذا فرض وليس توفيقاً.
ويعود الاهتمام الامريكي بمشروع تهويد فلسطين الى فترة الحرب العالمية الاولى وبالتحديد عام 1916م عندما طرح السفير الامريكي في استانبول فكرة شراء فلسطين لليهود من تركيا بعد نهاية الحرب في محاضرة القاها في احدى المدن الامريكية ولمثل هذا الطرح من جهة الاتصال بين الدولتين امريكا وتركيا دلالة عميقة تؤكد مدى اهتمام امريكا ومدى قبول تركيا لذلك بتهويد فلسطين (6) .
وتورد مراجع كثيرة ان امريكا لم تكن بعيدة عن المشاركة في صياغة وعد بلفور والموافقة عليه والتنسيق مع القوى الامبريالية الأخرى بشأنه وقد أعرب رئيس الولايات المتحدة الامريكية آنذاك ولسون عن ذلك بقوله انا مقتنع ان امم الحلفاء بالاتفاق التام مع حكومتنا وشعبنا قد اتفقت انه في فلسطين سترس اسس كومنولث يهودي بل هناك من ذهب الى ان امريكا ضغطت على بريطانيا كي تصدر وعد بلفور بضغط صهيوني امريكي (7) .
وعلى مدى ثلاثين سنة منذ دخول فلسطين تحت الاحتلال البريطاني وحتى قبل ذلك الوقت بعدة عقود الى ان قررت بريطانيا الانسحاب من فلسطين فإن الذي يقف عليه الباحثون والدارسون للقضية الفلسطينية هو الانسجام التام في موقف الدولتين العظميين بريطانيا وامريكا وهو الحماس المطلق لخطة تهويد فلسطين وعندما اضطرت بريطانيا الى مخاتلة العرب بتحويل القضية الى هيئة الامم المتحدة والتخلي عن مكان الصدارة في دعم هذه الخطة للولايات المتحدة الامريكية بسبب أوضاعها الصعبة بعد الحرب العالمية الثانية صارت امريكا هي الحاملة الاولى للصهيونية وعملت بحماس بالغ وبكل ما أوتيت من قوة هائلة لاتمام ما بدأته بريطانيا منذ مائة وثمان سنوات عندما وضع الفايكنت بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا عام 1840م خطة تهويد فلسطين وطلب من السلطان العثماني عبد المجيد تبنيها على اساس ان ذلك من صالح الدولة العثمانية التي انخدعت فعلاً بتلك الخطة الماكرة.
وفي عام 1922م اصدر الكونجرس الامريكي قراراً ايد فيه وعد بلفور وتأسيس الوطن القومي اليهودي في فلسطين ووافق على هذا القرار الرئيس الامريكي هاردن وكانت امريكا قبل هذا وبعده اهم مصادر تمويل المشاريع الاستيطانية اليهودية في فلسطين وظهرت الى سطح الاحداث السياسية في امريكا ولا سيما في مواسم الانتخابات تلك السنة السيئة وهي تسابق المرشحين سواء لعضوية مجلس الشيوخ والنواب او لرئاسة الجمهورية في تأييد القضية اليهودية في فلسطين والافراط في الوعود والضمانات لتحقيق كل ما يطالب به اليهود من اجل كسب اصواتهم (8) .
ولذلك فان تصدي امريكا لمسؤولية حماية اليهود والعمل على ابراز الدولة اليهودية الى حيز الوجود واكسابها شرعية دولية لم يأت من فراغ بل كان نتيجة عمل متواصل يعود لأكثر من ثلاثين سنة وبالتحديد الى الفترة التي ظهرت فيها امريكا دولة امبريالية عظمى اتاحت لها امكانياتها الهائلة وموقعها الجغرافي ورصيدها الانساني آنذاك الذي استنفذته فيما بعد كما اتاحت لها طبيعة الصراعات الامبريالية الاوروبية ان تكون هي القوة المتفوقة على جميع دول العالم ويدعم هذا التفوق ما كان لها من عمق استراتيجي لا مثيل له في العالم وقدراتها السوقية الهائلة.
يضاف الى ذلك انه لم تكن لامريكا مصالح كبيرة او قواعد عسكرية في المنطقة العربية تخشى عليهما من ردة فعل العرب عندما تبنت القضية الصهيونية كما هي الحال بالنسبة لبريطانيا التي كانت لها مصالح اقتصادية واسعة وقواعد عسكرية متعددة في مصر والعراق والاردن وفي مشيخات الخليج العربي وجنوب اليمن مما اضطرها الى تسليم زمام التصدي لهذه القضية الى امريكا التي رمت بكل ثقها الى جانب تحقيق الدولة اليهودية ودعمها بالشرعية الدولية اللازمة.
واللافت للنظر ان امريكا تبنت القضية الصهيونية ليس كمؤيد او مناصر لاصحاب القضية انفسهم وحسب بل عملت كما لو كانت القضية تخصها هي بالذات فعندما قامت الجمعية العامة للامم المتحدة بمناقشة القضية عام 1947م، كان مطروح عليها اقتراح تقسيم فلسطين الى دولة عربية واخرى يهودية وكان العرب يرفضون هذا الاقتراح ويطالبون بدولة فلسطينية على كامل ارض فلسطين وتبين من المناقشات الالوية ان الاكثرية تؤيد الموقف العربي عملت امريكا على طلب تأجيل عملية التصويت ثلاث مرات بحجج وذرائع زائفة من اجل الحصول على المزيد من الوقت حتى تتمكن من الضغط على مندوبي الدول لتغيير مواقفهم من الضد الى الضد اوتحييدهم على الاقل وبذلك تمكنت من تمرير قرار التقسيم حتى ان احد المندوبين عندما ادلى بصوته وفق ما ارادته امريكا قال انا مقتنع ان هذا خطأ لكن مصالح بلادي مع أمريكا اقدس من مصالح العرب في فلسطين, وتتفق جميع المراجع حتى بعض المصادر الصهيونية والامبريالية على ان امريكا اشترت اصوات بعض المندوبين اما مباشرة منهم برشاوى نقدية او رأساً من دولهم بوسائل ضغط متعددة مالية وسياسية وعسكرية ومن هذه الدول جمهوريات هاييتي وقواتي مالا وليبيريا والفلبين وتم استبعاد مندوب تايلاند من عضوية الامم المتحدة بمبررات قانونية مختلفة لحرمانه من المندوبين الذين كانوا سيصوتون ضد التقسيم فامتنعوا عن التصويت وبذلك تمكنت امريكا من تحويل الاغلبية لصالح الحق العربي الى اغلبية لصالح الباطل الصهيوني (9) .
وقد يوجد من يسوغ لامريكا شراء الذمم لصالح الصهيونية فيقول انه عمل سياسي لا علاقة له بالاخلاق لان السياسة مصالح وليست اخلاقا كما يطبقها اصحاب الحول والطول وان الاخلاق في السياسة هي مجرد نظريات واقوال ليس لها نصيب في الواقع العملي ووفق ذلك فان امريكا طالما هي تؤيد المشروع الصهيوني فان لها ان تفعل اي شيء وحتى لو كان مخالفاً للاخلاق بحكم ان السياسة مصالح قبل ان تكون اخلاقاً من الناحية العملية الواقعية التي تتماشى مع مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وهو المبدأ الميكافللي الذي يتظاهر الامبرياليون انكاره ولكنهم يعملون به نصاً وروحاً في بواطن ضمائرهم وفي واقع اعمالهم ومناهجهم.
اقول اذا كان يوجد من يُسوّغ لامريكا شراء الذمم لصالح الصهيونية بحجة او بأخرى فانه لا يوجد من يسوغ لها ان تتجاوز ما يطالب به الصهاينة فتعطيهم أكثر مما يطالبون به لو لم تكن أمريكا يهودية أكثر من اليهود وصهيونية أكثر من الصهيونيين فقد ذهب الزعيم الصهيوني حاييم وايزمن إلى الرئيس الأمريكي هاري ترومان يرجوه ان يتم تقسيم صحراء النقب بالطول من الشمال إلى الجنوب ليكون للدولة اليهودية منفذاً على البحر الأحمر بدلاً من تقسيم هذا الجزء من فلسطين بالعرض من الشرق إلى الغرب وهو ما يجعل حدود الدولة اليهودية بعيدة عن البحر الأحمر مائتي كيلومتر، فماذا كان قرار الرئيس الامريكي الذي بلغه للصهاينة ولمندوب الولايات المتحدة الامريكية في الامم المتحدة بعد ان ألقى نظرة على خريطة المنطقة؟
لقد كان جوابه ان ترمي أمريكا بكل ثقلها وتأثيرها العالمي من اجل ان تكون النقب كلها بالطول والعرض لليهود (10) .
لاشك ان وايزمن سيكون سعيدا غاية السعادة لو أن الرئيس الامريكي استجاب لطلبه وحسب، وهو منح اليهود نصف صحراء النقب بالطول، أما أن يقرر الرئيس الامريكي منح صحراء النقب كلها لليهود فذلك أمر يتجاوز سعادة وايزمن ويتجاوز ما كان يطالب الصهيونيون، بل ويتجاوز ان يكون مشروع تهويد فلسطين مشروعا يهوديا ويكشف بجلاء تام ان هذا المشروع في سداه ولحمته، إنما هو مشروع امبريالي انجلو- أمريكي أكثر من كونه مطلبا يهوديا صهيونيا.
ان اليهود ليسوا إلا الاداة التي استخدمها الانجليز والامريكان من بعدهم لايجاد اسفين يفصل شطري العالم العربي أحدهما عن الآخر وعامل اضعاف للأمة العربية وطليعة عدوان في قلب الدائرة العربية وإلا فما معنى ان ينظر الرئيس ترومان لخريطة المنطقة ثم يبلغ الصهاينة ويعمد مندوبه في الامم المتحدة بأن تكون النقب كلها لليهود مع انهم لم يطالبوا إلا بنصف النقب؟
(للموضوع بقية)
***
الهوامش والمراجع:
(1) مقدمة في تاريخ فلسطين الحديث ص69 - الدكتور عبدالعزيز محمد عوض.
(2) جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن ص387 - صالح مسعود أبو يصير.
(3) الخطر اليهودي ص276 - عبدالله التل.
(4) المرجع السابق ص279.
(5) المرجع السابق ص309.
(6) تاريخ فلسطين الحديث ص79 - الدكتور عبدالوهاب الكيالي.
(7) جهاد شعب فلسطين ص279.
(8) المرجع السابق ص280.
* أمريكا كانت أمة حرة وقدوة للشعوب التي تسعى لحريتها واستقلالها ولم تكن لها اهداف أو اطماع امبريالية إلى نهاية القرن التاسع عشر، وكان لها رصيد انساني عظيم حتى بداية القرن العشرين عندما تحولت إلى دولة امبريالية متجبرة.
(9) الموسوعة الفلسطينية الجزء الأول ص557-563.
(10) الخطر اليهودي ص294.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved