Monday 9th August, 1999 G No. 9811جريدة الجزيرة الأثنين 27 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9811


ما أطيب اللقيا!!

هكذا وبدون مقدمات اجدني افترش ساحة - ارجو ان تكون خصبة - في فضاءات احداقكم الرضية، اجتر الطين واعزف رواسب الامس,, لأشيد منها منارات للحروف المهاجرة!! تلك الحروف التي تمردت زمناً على كل سطر، وثارت على كل طوق يكبلها فهاجرت,, نعم لقد هاجرت بحثاً عن افانين درية هلامية,, تجدف في امدائها وتذوب في صهاريجها حتى اللاوعي,.
جاءت من سنابل القمح التي تلهث متثنية في احشاء الغبار,, تحمل رشاقة الذرة,, وعبق الخبان (أريجاً ساعة السحر) حملت روحي الى حروفي قافية منصهرة من مكعبات الطين التي طرزتها براءة الطفولة النقية,, من تسابيح والدتي التي ترتلها كل صباح امام التنور,, من حنجرة ابي المهترئة ردحاً من الزمن اثر نداءات الأذان,, انثر بين يديكم جدائل الفل وعذوق الكادي,, ودفقة من ماء البحر.
والفضل - بعد فضل المولى - لهذه الصحيفة العريقة ومشرفيها الكرام الذين قلدوني شرفاً لا استحقه وافسحوا لي نغماً اعزفه ضمن سيمفونية الصحيفة الرائدة,, فقيدت اسراب هجرتي (بمنجرد قيد الأوابد هيكل).
(يا ترى من أين نمضي) عن اي ورد نصدر؟ وعلى أي نبع نرد؟! فهم يقولون (ما ترك الاول للآخر شيئاً)
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق ان لم يسعد الحال
قد يسعد النطق احياناً,, ولكن هل يبل الكلام صدى القارىء الواعي؟ ام هل يقيم الكلام زاوية؟,, ربما! يقول احدهم هناك (لا يتوقف عن تعلم الكتابة الا الصغار الذين ليس لديهم ما يقولونه) من هنا نجد انه لا بد ان ننأى جميعاً عن كل معاني الصِّغر,, والصَّغار ايضاً! ونمارس تعلم الكتابة ونقاسي مرارتها العذبة,, لن أحيد ابداً عن التعلم الأبجدي، ولكن آمل ان اجد في شخوص القراء الكرام مقام المعلم الحكيم الصابر الذي يأخذ بيد مريده ويشد على زنده حتى يستغلظ فيستوي على سوقه,, فيقنع القراء ويفيدهم ويمتعهم,, و,,و,, الى آخر تبعات الكتابة.
ولكن، لم الهجرة ايها الصديق؟,, لست بدعاً من المهاجرين، فالهجرة واجبة على كل ذي هدف وغاية، خروجاً من أرسان النمط الرخيص,, تسألني الى اين؟! الى هناك حيث لا حدود,, لا أسوار مكهربة,, الى الكتب الصفراء التي التحمت اوراقها ليس من تقادم العهد بل من هجر الرواد، نشد الرحال حتى (النهاية) نفترش (روضة المحبين) ونستاف (نفح الطيب) ونسير في قافلة (المثل السائر) نلتحف (بردة كعب) ونواسي (يتيمة الدهر) نتعلق بأستار (المعلقات) ونلهب القلوب بوهج (الحماسات),, لا بد من الهجرة في زمن التيه,, زمن اللاشيء.
ارجو ان يكون اول كلامكم بعد الفراغ من هذا الهذيان - في لقائنا المبدئي - شطراً من بيت نزار:
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
(ما اطيب اللقيا بلا ميعاد)
ولتقبلوا هذه الباقة المهاجرة - فهي لي ولكم -:
ما انت اول شادٍ هزه قلم
او قارىء أدهشته حلة الورق
حروفي البكر قد طارت مهاجرة
فضاؤها في غدٍ ايماءة الحدق
بالله يا قارئي كن غصن وارفة
لطائر غرِد كم بالحروف شقي
كم نضّدته معانٍ قام يعزفها
من لمعة البرق او في حمرة الشفق
علي بن أحمد زعلة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved