Thursday 12th August, 1999 G No. 9814جريدة الجزيرة الخميس 1 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9814


إعادة نظر
د, فهد حمد المغلوث

يبدو أن الانسان منا أحياناً وفي ظل حقائق جديدة تتكشف له لأول مرة او واقع يعايشه ولا يرضى عنه او ظروف تستجد على حياته ومواقف تواجهه شبه يومية وتحت ظل نظام تقليدي شخصي جامد ممل يبدو ان الانسان منا تحت كل هذا بحاجة لاعادة النظر في كل شيء بداية بطريقة حياته التي يعيشها والاسلوب الذي يتبعه وفي علاقاته مع الآخرين بل وحتى في آرائه ومبادئه ومواقفه من اشياء معينة او اشخاص محددين ولكل من هؤلاء قصة وحدها.
ودعني اسألك قبل كل شيء هل انت في حاجة لاعادة النظر في بعض من جوانب حياتك؟ وما هي تلك الاشياء؟ لا تخف فلست ملزماً بالاجابة بصوت مرتفع بل يكفي ان تجيب عنها بينك وبين نفسك لتبدأ مرحلة جديدة من المحاسبة الذاتية والجلوس مع النفس هذا ان كنت ترغب في ذلك بالطبع.
ودعونا نبدأ في علاقتنا مع انفسنا هل هي ما نريده بالفعل؟ وهل هي ما نرضاه ونطمح الوصول اليه؟ انك احياناً تتضايق بشدة لمجرد عدم رضاك عن وضعك الذي انت فيه! تريد ان تخرج منه لوضع آخر! تشعر بحاجة ملحة بداخلك لاعادة النظر في اسلوب حياتك ذلك الاسلوب الذي ربما لم يكن بقناعة ورضا منك بقدر ما يكون مفروضا عليك من اناس لا تستطيع ان تقول لهم سوى نعم وفي حقيقتك تقول لا ! ومع ذلك تحترق من الداخل وتبدو عليك بعض الاعراض المقلقة والانطواء على النفس والاصابة بالاحباط!
وأحياناً ربما تكون قانعاً بوضعك الذي انت فيه ولا تشتكي منه لانك تعودت عليه واصبح جزءا منك ولو كان هذا خطأ او لا يتناسب مع وضعك ومكانتك ولكن ما يحدث احياناً هو انك تكتشف اشياء جديدة لم ترها من قبل او اشخاصا اخرين يدخلون حياتك ويتمكنون من قلبك وحينها تتكشف لك حقائق جديدة لم تعتدها من قبل وقد تكون هي الحقائق نفسها التي تعودت عليها ولكنك هنا بدأت تنظر اليها من زاوية اخرى جميلة ومشرقة جعلتك تتعلق بتلك الحقائق وتنجذب اليها بل ربما قلت بينك وبين نفسك: ترى هل انا احيا حياتي كما ينبغي، ماذا كنت اعمل طوال السنين الماضية؟ كيف كنت انظر للأمور من حولي؟ لماذا لم انتبه لنفسي؟ لماذا كنت اجهل حقائق مهمة في حياتي، كان يفترض علي ان اعرفها منذ ان وعيت على هذه الحياة أليست تهمني؟ هل ما زال وقت من عمري لاعيش حياتي كما يجب، كما هو حال غيري؟ ام مكتوب علي العيش في الظل؟ وامام كل تلك التساؤلات الصريحة مع النفس والمؤلمة تبدأ دورة من اعادة النظر ليس في اسلوب حياتك فقط بل في علاقتك مع الآخرين سواء اولئك المحسوبين عليك بانهم اقرباؤك او اصدقاؤك وهم عكس ذلك تماما! أو اولئك الذين يحاولون ان يستغلوا وصايتهم عليك او حاجتك اليهم فيطلبوا منك اشياء لا ترضاها او استغفالك وتهميش دورك في الحياة وعدم وضع اعتبار لك رغم انك صاحب فضل عليهم واي فضل!.
وسوف يكون جميلاً لو استطعت اعادة النظر في تلك العلاقة المتعبة على النفس وبدأت في تغييرها بالفعل, ولكن هل تستطيع ذلك؟ واذا استطعت فالى اي مدى تنجح في مسعاك؟
ان هناك امورا تستطيع ان نعيد النظر فيها كالاشياء المادية الملموسة او المحسوسة ولكن المشكلة ان هناك امورا اخرى لا نستطيع ان نعيد النظر فيها بسهولة مثل تغيير وضعنا او هروبنا من شيء ما، ومن ذلك أنني حينما أكتشف شيئا ما في وضعي واقتنع بانه لا يناسبني فقد ارى انه بحاجة لاعادة نظر ولكني لا استطيع ان اعيد النظر وانفذه في الواقع العملي لاسباب خارجة عن ارادتي فعلاقتنا وارتباطنا بعد مضي فترة معينة قد نكتشف فيها اننا غير راضين عنها او غير قادرين على الاستمرار فيها كما كنا ومع ذلك نظل عاجزين على الاقل لوقت ليس بالقليل عن اعادة النظر في تلك العلاقات بشكل عملي لأن الضغوط علينا كثيرة والظروف من حولنا صعبة صحيح ان هناك اناسا ينجحون في مسعاهم ولكن الامر يحتاج لبعض الوقت.
مسألة اخرى بحاجة منا لاعادة النظر فيها وهي مسألة سلوكياتنا اليومية مع اقرب الناس الينا فأنت ربما تتساءل: ترى هل ما افعله وامارسه واقوم به تجاه من احب كافٍ ام ناقص بل هل اقوم بذلك بشكل صحيح ومعقول ومتوقع للطرف الآخر أو الاطراف الاخرى ام ان ما اقوم به معهم وما امارسه بحقهم يسيء اليهم وربما يجعلنا نخسرهم وبالتالي نخسر اعز ما نملك واجمل ما في ايدينا؟
اذاً فمسألة اعادة النظر ليست مقصورة على قطع علاقاتنا بالآخرين وكأننا لم نعرفهم او نتعامل معهم في يوم ما، ولا يعني ذلك ايضا ان نكون قساة القلب نظراً لاننا عرفنا حقائق ازعجتنا عمن كنا نعتقد انهم لن يخطئوا في حقنا او يتنكروا لنا او يسيئوا الينا أو اننا سينالنا من مجرد استمرار علاقتنا بهم اذى ولو على المدى البعيد ابدا فليست هذه هي اعادة النظر فقط، بل ان اعادة النظر تعني تقييمنا الذاتي والموضوعي لاقرب الناس الينا ترى هل اعطيناهم حقهم؟ هلا راعينا مشاعرهم؟ هلا سألناهم عن احتياجاتهم؟ هلا وقفنا معهم؟ هلا تفهمنا مشاكلهم وهمومهم؟ هل يكفي ما قدمناه وما نقدمه لهم؟ والأهم من ذلك مدى رضاهم عنا وحبهم الحقيقي لنا.
ان هناك اموراً كثيرة لا ننتبه اليها وتحتاج منا لاعادة النظر فيها بجدية وبشكل عملي ولعل من اهمها مدى حجم عطاءاتنا لهذا المجتمع المعطاء الذي اعطانا الكثير ولم يبخل علينا بشيء ومدى ما قدمناه له كمساهمة منا في نموه وتطوره والمحافظة عليه لان الوطن ليس بالشيء السهل نسيانه.
فهذا المجتمع الغالي على قلوبنا جميعا بحاجة منا لان نعيد النظر في مدى ما نقدمه له وهل هو كاف؟ لا بد ان يكون حجم عطائنا للوطن هو بحجم حبنا له وانتمائنا اليه وولائنا لولاة امره لان كرامة الوطن من كرامة افراده الذين ينتمون إليه وعزة ولاة امره وقوتهم من عزتي وقوتي انا وانت وكل مواطن يفخر بانه سليل هذه الارض المباركة التي ما فتئت تعطي بلا حدود.
لا انكر ان هناك امورا كثيرة ربما قلت: ايها اعيد النظر فيها؟ ومعك حق في ذلك ولكن يكفي ان نجلس مع انفسنا لنحدد تلك الامور وبالتالي نضع اولويات نبدأ بها ولا بأس ان نبدأ بالأمور البسيطة المقدور عليها لتكون بمثابة المشجع لنا على ان نرتاح نفسياً لم لا نبدأ من الآن فنعيد النظر فيمن نعتقد اننا اسأنا اليهم أوظلمناهم او تجاهلناهم او قسونا عليهم فنعمل على تفعيل اعادة النظر في تلك الأمور عن طريق الاعتراف بالخطأ او الاعتراف بصاحب الفضل والجميل واول تلك الأمور المشجعة ان نسأل الله العون والمساعدة وحسن النية ومن ثم الاتكال عليه مقرونا بالعمل.

همسة
أعيد النظر في ماذا؟
فيك انت؟!
في علاقتي بك؟!
في مشاعري نحوك؟!
قل كلاماً غير هذا!
أرجوك!.
* * *
لقد كان رأيي فيك واضحاً,.
منذ البداية منذ عرفتك.
منذ سمعت صوتك لأول مرة,.
فشدني للانصات اليك!
منذ ارتحت لحديثك الهادىء,.
فجذبني اليك اكثر واكثر!.
منذ ان لمست تفهمك لي
فمسحت خوفي وبددت خجلي
منذ ان صارحتك بكل شيء.
وكأنني اعرفك منذ سنين!.
* * *
لقد كان شعوري نحوك صادقاً,.
منذ احسست بالسعادة
تغمرني من كل جانب
منذ ان دخلت قلبي,.
وكأنه موعود بك!.
منذ ان قلت بيني وبين نفسي
انه هو من ابحث عنه!.
وهو من يستحق ثقتي!
من اتمنى ان يكون لي ومعي!.
لأنه طريقي لدروب الخير,.
* * *
أعيد النظر في ماذا؟.
في اي جانب فيك؟
قل لي بالله عليك,.
في ذوقك الرفيع وتعاملك الراقي؟
في تميزك المتفرد وابداعك المتجدد؟
في قلبك الصافي وتواضعك الجم؟
في روحك الجميلة وبساطتك الحلوة؟
في انسانيتك الشفافة وابتسامتك الصادقة؟
في حديثك الآسر واسلوبك الأخاذ؟
في احترامك للغير وتقديرك للمشاعر؟
ام في ماذا؟.
* * *
ولكن دعني اقول لك بصراحة
ان كنت سأعيد النظر فيك,.
واظنني فاعلا لا محالة
ففي تلك الالقاب الحلوة التي تحملها
التي اضحت قليلة في حقك
ولم تعد تتناسب وتميزك
لانك اكبر منها بكثير!
* * *
نعم سأعيد النظر فيها,.
سأبحث عن بديل عنها.
عن افضل منها
كي اطلقه عليك
كي اناديك بها
فهي اقل شيء اقدمه لك
فقط لأقول لك
ما اروعك!

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved