Thursday 12th August, 1999 G No. 9814جريدة الجزيرة الخميس 1 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9814


فجوات تعليمية

من المعلوم ان مجتمعنا خطا -وفي زمن قياسي- خطوات تعليمية جبارة ماثلة للقاصي والداني, وعلى الرغم من تلك الحقيقة التي لا مراء فيها فقد نجم عن هذا التحول السريع بعض من الفجوات التعليمية التي هي بحاجة إلى الردم وذلك لكي يتم تلافي مالها من سلبيات وعوائق ومن ثم تحقيق الأهداف المرجوة.
تلك الفجوات في نظري تتلخص بما يلي:
1- الفجوة المنهجية بين الجامعة ومادونها من مراحل:
هل هناك تنسيق وتكامل بين مناهج المرحلة الثانوية ومناهج المرحلة الجامعية؟! بمعنى آخر: هل راعينا تراكمية العلم والمعرفة وقمنا بصياغة خطط منهجية تجعل ما يدرسه طالب الجامعة امتداداً لما درسه في المرحلة الثانوية؟!,, أم هل هناك لت وعجن منهجي؟! .
2- الفجوة مابين الجامعة والجامعة:
بين الفينة والأخرى نسمع عن توقيع اتفاقات تعاون بين جامعاتنا ومثيلاتها من جامعات الغرب, ومع إيجابية هذا الأمر فهناك تساؤل يفرض نفسه، ألا وهو ما مدى تعاون جامعاتنا مع بعضها البعض؟! هل هناك -مثلاً- تنسيق وتعاون فيما يخص المناهج بين تلك الجامعات؟! أم كل يغني على ليلاه!,, هل يتم قبول ساعات طالب جامعة الإمام -والذي يريد التحويل مثلاً- إلى جامعة الملك سعود أو العكس؟!,, هل هناك من معايير موحدة للقبول في تلك الجامعات؟! بل ماذا عن البحث العلمي في تلك الجامعات؟! هل هناك من تنسيق بين مراكزها البحثية فيما يخص روافده وآلياته وحيثياته وتوجهاته,,؟!
3- القبول الجامعي:
عندما كانت أعداد السكان السعوديين قليلة كان الابتعاث إلى الخارج في أوج توهجه! وذلك مرده بالطبع إلى عدم توافر التخصصات التي كانت البلاد بأمس الحاجة اليها آنذاك, ومن ثم تقلصت أعداد المبتعثين نتيجة توفر البديل في جامعاتنا, ولكن في وقتنا الحاضر- ولأسباب ديمغرافية- تضاعفت أعداد خريجي الثانوية- أكثر الفئات العمرية عدداً في مجتمعنا- مما يعني تزايد الطلب على التعليم الجامعي, ما الحل ياترى في ظل عقدة أو شماعة التسعين فما فوق؟! ,, ألاترون أن مزيداً من التنسيق بين جامعات دول مجلس التعاون ذات الكثافات السكانية القليلة تعليمياً سوف يسهم -إلى حد كبير!- في التخفيف من وطأة تلك المشكلة؟!,, خصوصاً أننا نقرأ بين الفينة والأخرى إعلانات في صحفنا المحلية من جامعات خليجية بحاجة إلى المزيد من الطلبة!!
4- بدل السكن بين الوطني والمتعاقد:
أكاد الجزم بالقول اننا من الدول القلائل في العالم التي لا تعير عوامل الطرد والجذب تعليمياً أي أهمية على الرغم ما لتلك العوامل من آثار علمية واجتماعية واقتصادية وأمنية,, ومن الشواهد على ذلك بدل سكن أعضاء هيئة التدريس في بعض جامعاتنا! , والسؤال هو: لماذا يحصل الدكتور المتعاقد على بدل سكن يربو على خمسة وثلاثين ألفا سنوياً بينما نظيره السعودي -صاحب العائلة الكبيرة فضلاً عن الالتزامات الاجتماعية الأكبر حجماً!- لا يحصل على بدل سكن إطلاقاً؟! ألا ترون أن هذا ما يفسر اكتظاظ جامعات معينة تعطي سكناً أو بديلاً له بالدكاترة السعوديين قياساً على جامعات تعطي الدكتور المتعاقد فقط! مما جعل أعضاء هيئة التدريس السعوديين أقلية وأيما أقلية في تلك الجامعات؟!
5- تبعات عدم تقويم أداء الجامعات:
تشيع في الدول المتقدمة معايير مقننة لتقييم الأداء الأكاديمي للجامعات ومن ثم تصنيف المكانة العلمية لتلك الجامعات حسب تلك المعايير, وغالباً ما تقوم بتلك المهمات مؤسسات خاصة مما يضمن بالتالي استقلالية قرارها وموضوعيته, وتتم تلك العملية بشكل دوري، وتحسب جامعات الغرب لتلك المؤسسات أيما حساب، ولذا تحاول جاهدة الرقي بمستواها حرصاً على البقاء في دائرة الاضواء العلمية والتي تعني لها الحصول على الأموال الممولة للبحوث واستقطاب المتميزين من الأساتذة والطلبة، وغيرها من الفوائد التي لا تعد ولا تحصى, ولذا ليس غريباً شهرة وغلاء! عدد من جامعات العالم كهارفارد واكسفورد والسوربون, وجدير بالذكر أن تلك اللجان تنتهج معايير مقننة علمياً ومتعارف عليها لأداء مهامها، والتي من ضمنها مدى تميز بحوث أعضاء هيئة التدريس وجودة رسائل الدراسات العليا للطلبة، اضافة إلى وفرة معامل البحوث والمكتبات، وعدد الاساتذة بالنسبة للطلبة، وما إلى ذلك من معايير علمية بحتة, ولا يخفى على الجميع أن تلك المعايير غائبة تماماً في جامعاتنا! ولذا من المستحيل معرفة الحسن وضده! على الرغم من أن تقييم الأداء يعطي الطالب المتميز والاستاذ الكفء الفرصة لمواصلة التألق العلمي وايضاً يحفز الضد! على مواصلة تحسين مستوياتهم العلمية والنهم من كل ما هو جديد, ولذا أرى أن تأسيس لجان مستقلة! تماماً، ولتكن من القطاع الخاص، واسناد مهمة تقييم جامعاتنا -بأقسامها العلمية وهيئات تدريسها ومراكز بحوثها اليها- سوف يساعد على معرفة نقاط الضعف والقوة بتلك الجامعات-، بل سوف يزيد من حدة التنافس العلمي ويثري من روافده وعوائده المادية والاجتماعية, وعليه، ألا ترون أن في تقدير ميزانية كل جامعة حسب حجمها الطلابي! -وليس لاعتبارات علمية!- فجوة تعليمية لابد من ردمها، حيث إنه من المعلوم أن اشهر وأغنى جامعات العالم -والتي من ضمنها ما ذكرت آنفاً- تعد من أصغر الجامعات وذلك فيما يخص أعداد طلبتها أو مقارها الجامعية!
الدكتور: فارس الغزي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved