* انقرة - ستيف بريانت - رويترز
عاد نجم الدين اربكان احد زعماء تيار الاسلام السياسي في تركيا يطل برأسه من جديد على الساحة السياسية بعدما أقر البرلمان تغييرات قانونية تمهد امامه الطريق للتحرر من حظر سياسي والبدء في اعادة توحيد انصاره في معركته ضد العلمانيين.
وقدم رئيس الوزراء العلماني بولنت اجويد لغريمه السياسي المخضرم هذه الفرصة التي من شأنها ايضا دعم الحياة الديمقراطية في تركيا, وفي خطوة رأى كثيرون انها صفقة للفوز بتأييد المعارضة الاسلامية لتغييرات طلبها صندوق النقد الدولي وافق البرلمان يوم الجمعة على التغييرات التشريعية التي تمكن السياسي الاسلامي المخضرم من خوض اي انتخابات في المستقبل والعودة الى البرلمان الذي منع من دخوله عام 1998 كمرشح مستقل.
ولكن سيظل اربكان -73 عاما- خاضعا لحظر مدته خمسة اعوام بشأن تشكيل او الانضمام الى اي حزب.
وبدأ الحظر عام 1998 بعد ستة اشهر من اطاحة العسكريين به من منصب رئيس الوزراء وتزامن مع صدور قرار اغلاق حزب الرفاه الذي كان يتزعمه بتهمة محاولة تقويض الدستور العلماني.
وجاءت موافقة البرلمان يوم الجمعة على التغييرات القانونية لتنعش الديمقراطية اذ انها تعقد الشروط المطلوب اثباتها امام المحكمة الدستورية حتى يمكن اصدار قرار بحظر حزب سياسي وهو الخطر الذي يتهدد حزب الفضيلة حاليا.
ويوافق مراقبون عربيون على ان وضع شروط اكثر لحظر الاحزاب يزيد قوة الديمقراطية في دولة تحظر بشكل متكرر الاحزاب الاسلامية والتركية بزعم انها تمثل خطرا على النظام العلماني.
وسبق ان اغلق العسكريون حزبين لاربكان في اعقاب انقلابي 1971 و1980 ثم أغلقت المحكمة الدستورية حزبة الثالث وهو الرفاه العام الماضي بتهمة تهديد النظام العلماني.
وأثار ذلك القرار قلق حلفاء انقرة الغربين من الديمقراطية متعددة الاحزاب في تركيا.
وعودة اربكان الى البرلمان ستتيح له دعم سيطرته البرلمانية على حزب الفضيلة الذي يعتقد كثيرون انه يتولى تصريف شؤونه من منزله في انقرة من خلال جنوده المخلصين في البرلمان.
وتجيء هذه الدفعة في وقت مناسب تماما فقد ظهر لاربكان منافسون صغار مثل رجب طيب اردوجان رئيس بلدية اسطنبول السابق كما استقال اعضاء كبار من اللجنة التنفيذية لحزب الفضيلة وشكا بعضهم من سيطرة اربكان على الحزب.
وفي مقابل هذا التعديل السياسي حصل اجويد على تأييد الاسلاميين على تغييرات دستورية تسمح باحالة المنازعات التجارية الى التحكيم الدولي وهو شرط رئيس لصندوق النقد مقابل تقديم اي دعم مالي لانقرة في المستقبل.
والسؤال المطروح حاليا هو: هل تجاهل اجويد في هذه الصفقة اراء القوات المسلحة القوية واطلق العنان امام اربكان لمواصلة كفاحه القديم لرفع الاسلام السياسي الى السلطة في تركيا العلمانية؟.
يستبعد المحللون السياسيون هذا الاحتمال لان السلطة القضائية العلمانية تحتفظ بطرق لاسكات اربكان اذا ماظهر انه يهدد الدستور وحواجزه التي تفصل بين الدين والسياسة في تركيا التي تقطنها اغلبية من المسلمين.
فلايزال اربكان يواجه اتهامات باثارة الكراهية منبثقة من خطاب القاه عام 1994 وهي تهم قد تجعله عرضة للسجن ثلاثة اعوام وحظر تولي اي منصب عام.
كما يواجه هو وشخصيات اسلامية كبيرة اخرى تحقيقات بزعم التلاعب في اموال خاصة بحزب الرفاه السابق.
اضف الى ذلك ان عودة اربكان الى البرلمان تتطلب اجراء انتخابات فرعية او الانتظار الى الانتخابات المقبلة التي يحين اجلها بعد اربعة اعوام.
ويقول عبدالله جول النائب عن حزب الفضيلة والعضو السابق باللجنة التنفيذية للحزب نعم يمكن لاربكان ان يخوض الانتخابات كمرشح مستقل ولكن الانتخابات العامة ستحل بعد اربعة اعوام.
ويقول معلقون ان اربكان يحاول التعجيل بالانتخابات,
ويقول بلال جيتن المعلق بصحيفة راديكان الليبرالية اليومية يجب اجراء انتخابات تكميلية اذا استقال خمسة في المئة من النواب ويستطيع اربكان اقناع نواب الفضيلة بالاستقالة ودفع البلاد الى انتخابات فرعية.
ومن المتوقع الآن ان يستقيل نحو 30 من نواب الفضيلة من البرلمان لاجراء سلسلة انتخابات فرعية لتمكين اربكان من العودة سريعا الى البرلمان الذي دخله لاول مرة عام 1969.
وسواء عاد اربكان او تأخر الامر قليلا فان الحركة الاسلامية في تركيا ستنظر الى التغييرات الاخيرة بوصفها انتصارا لها بعد ما ظلت تدافع عن نفسها منذ ان ادت ضغوط العسكريين الى انهيار الحكومة التي قادها اربكان عام 1997.
واربكان خريج كلية الهندسة قسم الميكانيكا وأمضى عامين في ابحاث في جامعة بالمانيا الغربية وعمل في مصانع بالمانيا خلال فترة ما بعد الحرب بعد تخرجه وهو في الثانية والعشرين من عمره.
ولم تنجح فترة ابتعاده عن وطنه في ابهاره بالغرب او ابعاده عن معتقداته الدينية وهو يواظب على اداء الصلوات الخمس منذ كان عمره 13 عاما.
وقال اربكان ذات مرة في مقابلة صحفية قبل توليه منصب رئيس الوزراء الغرب تعلم كل شيء من المسلمين.
|