*تحقيق: عمر اللحيان
هل يكون الطلاق مشكلة بحد ذاته أم أنه شُرع لحل وفضّ مشكلة قائمة استحالت معها ديمومة الشراكة الزوجية بين زوجين؟
فالواضح أن الطلاق وهو أبغض ما أحله الله سبحانه غير مرغوب من الجميع في كل الأديان والشرائع وأن الأصل في الزواج هو المشاركة بين رجل وامرأة ينشدان حياة سعيدة مستقرة وتكوين أسرة تتوارث هذه النظرة في أمل يتحقق معه استمرار الجنس البشري كلما تحقق الأمل بتكوين نواة الاسرة المتفاهمة المتوائمة المتوادة على أن مفهوم الحب بين الزوجين لا يمكن بالضرورة أن يخيم عليهما بين ليلة وضحاها فهو لابد أن يأتي ولو بعد فترة من اتمام الزواج وذلك بشرط توفر العقلانية في تفكير وتعامل الزوجين فيما بينهما وتنازل كل طرف عن بعض مما يراها جزءا من حقوقه طلباً للمرونة وسلاسة الحياة اليومية ليتحقق بذلك الجو الأسري المنعم بمعاني الوفاء والحب والاخلاص.
الإحصاءات تشير إلى 24% طلاق
في البداية نشير إلى أعداد عقود الزواج وصكوك الطلاق التي تمت أمام محاكم المملكة طبقاً لما ورد في الدليل الاحصائي لوزارة العدل للعام 1417ه حيث أشار الدليل إلى أن مجموع عقود الزواج بالمملكة بلغت 64,339 يقابلها 15,697 صك طلاق وهنا يتضح أن نسبة الطلاق في المملكة بلغت 24% بمعنى أن كل ثلاث حالات زواج يقابلها حالة طلاق واحدة، وحسب الاحصاءات لوحظ أن منطقة مكة المكرمة قد جاءت في المرتبة الأولى من حيث عدد حالات الزواج 18046 فالرياض في المرتبة الثانية 10920 فالمدينة المنورة 5325 فمنطقة عصير 5123 وفي المرتبة الخامسة القصيم 4243 فالمنطقة الشرقية 3557 فيما جاءت محافظة الافلاج في المرتبة الأخيرة ب268 فقط.
وبالنسبة للطلاق فقد جاءت محافظة القنفذة في المرتبة الأولى حيث بلغت 489 حالة طلاق بنسبة 48% فمحافظة القويعية 113 بنسبة 35% فالمنطقة الشرقية 1243 بنسبة 34% فيما جاءت منطقة الرياض في المرتبة الرابعة حيث بلغت حالات الطلاق 3664 بنسبة 33% فمحافظة وادي الدواسر 148 بنسبة 32% فمنطقة عسير 1496 بنسبة 29% فتبوك والأفلاج بنسبة 28% فالحدود الشمالية 224 بنسبة 27%.
في حين سجلت منطقة الباحة ونجران والدوادمي أقل نسبة في حالات الطلاق على التوالي 12%، 10%، 7%.
أهمية الرؤية المباحة
بين الخطيبين
وبعد أن استعرضنا الاحصائيات الخاصة بهذا الموضوع كان لابد لنا أن نأخذ رأي عدد من المشايخ والمتخصصين والمربين حيث تحدث في البداية الأستاذ: محمد بن عبدالرحمن التويجري فأكد على أهمية هذا الموضوع واشار إلى اهمية مرحلة الاختيار للزواج مستدلاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك كما أكد على اهمية موافقة المرأة على المتقدم للزواج منها مستدلاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن, قالوا: يارسول الله وكيف إذنها: قال: أن تسكت .
وعن رؤية الرجل للمرأة أثناء الخطبة قال التويجري إن الإسلام اقر ذلك واباحه حيث روي عن النبي قوله: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل .
وعن الطلاق اختصر التويجري حديثه بذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريق فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها وحث التويجري الرجال إلى احسان معاملة الزوجات وحث الزوجات الى طاعة أزواجهن مشيراً إلى أهمية أن يقوم كل من الزوجين بحقوق الآخر التي أقرها الإسلام.
ويرى محمد الفهاد ان ارتفاع نسبة الطلاق في المملكة يرجع إلى عدة أمور من أهمها عمل المرأة وحب المرأة للمباهاة والمظهر والانفتاح الثقافي على المجتمعات الأخرى وعدم قيام الرجال بالمسوؤليات المنوطة بهم تجاه الأسرة ويؤكد على أن كلاً من الرجل والمرأة شريكان في حدوث الطلاق فقد يتسرع الرجل ويطلق زوجته لأبسط الأسباب وقد تتعنت المرأة وتصر على الطلاق لموقف بسيط من قبل الزوج.
ويرى عبدالرحمن الدوسري أن قضية الطلاق قضية هامة وجديرة بالطرح دائماً خاصة في عصرنا الحاضر حيث بدأت ترتفع فيها نسبتها في مجتمعنا وعن أسباب الطلاق من وجهة نظره قال ان تدخل الأهل بين الزوجين وعدم التكيف النفسي والاجتماعي بين الزوج والزوجة وعدم تحمل كل منهما لمتطلبات وحقوق الطرف الآخر والقيام بها تعتبر أسباباً رئيسية لكثير من حالات الطلاق ويذكر الدوسري إحدى حالات الطلاق التي وقف عليها حيث كانت الزوجة هي السبب في حدوث الطلاق وذلك لتعاملها السيئ مع أهل زوجها وجميع اقاربه حيث تصر على عدم الذهاب لزيارتهم حتى في مناسبات الأعياد والافراح كما تدعي المرض والتعب عند زيارتهم لابنهم في المنزل وتتعامل معهم بشكل غريب ومنفر وعلى الرغم من المحاولات التي بذلها الأقارب لنصحها إلا أنها لم تعدل من تصرفاتها مما أدى بزوجها إلى طلاقها بعد سنتين من زواجهما والضحية المظلوم كان طفلهما الصغير.
من يكون السبب
في الطلاق غالباً؟
أما الاخصائية الاجتماعية منال القرني فتؤكد على أهمية الثقافة والمعرفة في كل ما يتعلق بالحياة الزوجية لكل من الشاب والشابة قبل الزواج مع وجود مراكز للارشاد الأسري للجنسين يعمل بها اناس ثقات ومتخصصون في العلوم الشرعية والاجتماعية والنفسية حتى يمكن لأي من الزوجين الرجوع اليها وأخذ الاستشارة حول أي قضية أو مشكلة تقع بين الزوجين وتقترح الاخصائية منال تعيين اختصاصية اجتماعية واختصاصي اجتماعي في المحاكم الشرعية لتبصير الزوجين بأهمية الاستمرار في الحياة الزوجية ومساعدتهما على تجاوز المشكلة الواقعة بينهما والتي قد تؤدي إلى الطلاق.
وعمن يكون السبب في الطلاق غالباً هل من الرجل أم المرأة؟,, قالت إن كلا الاثنين شريكين في استمرار الحياة الزوجية أو فشلها وحدوث الطلاق ،مشيرة إلى أنه لا يمكن ان نرجع أسباب الطلاق غالباً إلى الرجل كما اننا لا يمكن كذلك ان نلصقها بالمرأة وهذا هو الشائع عند الكثير ولكن الذي اؤكد عليه انه يجب على كل زوجين الحرص على استمرار حياتهما الزوجية وحماية اسرتهما من التفكك وعدم اللجوء للطلاق عند أي مشكلة، فالمشكلات كما يقال هي ملح الحياة الزوجية وعلى كل من الزوجين القيام بحقوق الآخر واحترام مشاعره.
أما المعلمة منيرة ,ع, القحطاني فترى أن الرجل يتحمل النسبة العالية من حالات الطلاق وخصوصاً شباب اليوم فهم كما ترى يتصفون بالعصبية والأنانية وحب الذات ويطلبون من المرأة أكثر مما تستطيع ويحصلون على حقوقهم كاملة في حين لا يعتبرون للمرأة أي حق فهي الزوجة والأم فقط.
وتشير إلى أن الكثير من النساء يتحملن المسؤولية كاملة في المنزل ومتابعة الأبناء وحتى ايصالهم للمستشفى وقضاء حاجاتهن فيما ينشغل الرجال بقضاء حاجاتهم الخاصة وتجمعاتهم الشبابية وعندما تصر المرأة وتوضح خطأ الزوج تبدأ بينهما مشكلة قد تنتهي بالطلاق.
أما الأستاذ مبارك بن مشنان الدوسري ماجستير في علم الاجتماع فيرى أن اختلاف العمر والمستوى الثقافي والتعليمي وعدم قدرة أي من الزوجين تحمل المسؤولية الزوجية أسباب رئيسية للطلاق في بعض الحالات ،ويقترح عددا من التوصيات للتقليل من الطلاق منها تشجيع الاجتماعات العائلية الدورية والموسمية بين الاقارب والمعارف وانشاء مراكز للارشاد الأسري في الأحياء لمساعدة الزوجين على حل ما قد يقع بينهما من مشكلات وتبصيرهما بمخاطر الطلاق واضراره وتشجيع الآباء لابنائهم الذكور على التعارف والاحتكاك بالرجال لاكسابهم الرصيد الاجتماعي المناسب وتدريبهم على ممارسة الحياة الاجتماعية بما يساعدهم على اتخاذ القرارات الصحيحة وحل المشكلات التي تواجههم في حياتهم الزوجية وكذلك بالنسبة للبنات يشجعن على الاختلاط بالنساء بالاضافة إلى أهمية اعطاء الآباء والأمهات دورا أكبر للأبناء في الاختيار للزواج.
التفسير الاجتماعي
لهذه النسب غائب
وقد تحدث لالجزيرة عدد من أساتذة الجامعة المتخصصين في علم الاجتماع الأسري والدراسات الاجتماعية عن هذه القضية.
حيث تحدث في البداية الأستاذ الدكتور ابراهيم بن مبارك الجوير أستاذ علم الاجتماع بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فقال إن الطلاق كظاهرة ترتبط بها مجموعة عوامل منها سوء الاختيار للزوجين وعدم التجانس العمري أو الثقافي أو الاجتماعي أو مستوى التمسك الديني وغير ذلك بالاضافة إلى الطفرة المادية التي مرت بها البلاد واثرت على تصرفات بعض الناس والسلوك التفاخري والاستهلاكي وسهولة التقسيط استجابة لهذا السلوك إلى جانب الخيانة الزوجية من احد الطرفين والاختلاط وعدم الالتزام بالحجاب وتدخل بعض الاقارب بطريقة تباعد بين الطرفين والقنوات الإعلامية وماتبثه من صور وأفكار ومثاليات.
وبيّن د, الجوير أن الطلاق ظاهرة مرضية في بعض حالاتها صحية في حالات أخرى فهي ليست شرا ابداً فقد تكون حلاً لمشكلات يعاني منها الزوجان أو أحدهما.
ولهذا كان من الأمور التي لها تشريع خاص في شريعتنا المتكاملة وليست مثل بعض الشرائع الأخرى التي تغلق باب الطلاق وتفتح أبواباً غير مشروعة أخرى للطرفين.
وأشار إلى أن النسب العالمية للطلاق تتراوح مابين 1-3 و1-4 وهذه النسبة بناء على احصاءات دقيقة ويمكن للدارس ان يدرس الاحصاءات دراسة اجتماعية فيجد فيها تفسيرات تتلاءم مع المعطيات النظرية في الدراسات الاجتماعية، وقال لابد أن نشير إلى أنه في كثير من دول العالم، ولنأخذ أمريكا التي نسبة الطلاق فيها 1-3 يتم الاختيار فيها في الغالب بالطريقة المباشرة بين الزوجين ويتم تعارفهما على بعضهما قبل الزواج بفترة طويلة ومع هذا فهذه نسبة الطلاق لديهم مرتفعة.
وعلق د, الجوير على نسب الطلاق في المملكة فقال: من خلال قراءة النسب التي زودتني بها الجزيرة عن الطلاق في المملكة فان النسبة العامة وهي 24% تعتبر نسبة عادية وليست مقلقة وخاصة مع المتغيرات السريعة التي مر بها المجتمع,, ولكن الذي يحيرني هو التفاوت غير المبرر بين 48% في القنفذة و7% في الدوادمي فلو كان هذا التفاوت بين مدينة كبيرة مثل جدة أو الرياض وبين الدوادمي لاستطعت أن أجد تفسيراً اجتماعياً أما أن القنفذة تعتبر من المدن الصغيرة وسكانها لديهم تجانس ويعرف كل منهم الآخر من الصغر شأنها شأن القرية فإن تلك النسبة تعتبر غريبة لديّ أما 7% ونحوها فقد يكون مبرر ذلك الزواج الداخلي وصعوبة الطلاق بناء على ذلك، واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية وجود دراسات متعمقة ترصد عوامل الطلاق وعدم الاكتفاء بالنسب فقط مشيراً إلى أنه ليس كل حالات الزواج يتم تسجيلها مباشرة في المحكمة لان بعضها تتم خارجها عن طريق المأذون أو المشايخ وقد يتم تسجيلها اذا احتاج الزوجان إلى ذلك.
الطلاق بمعدلاته الحالية لا يعكس الصورة الحقيقية
كما تحدث الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان أستاذ علم الاجتماع المشارك ووكيل كلية الآداب للشؤون الأكاديمية بجامعة الملك سعود فقال: قضية الطلاق أولاً ليست قضية المجتمع السعودي فقط لوحده بل هي قضية المجتمعات بشكل عام مشيرا إلى أنها ظاهرة أخذت في التزايد في معدلاتها في أكثر المجتمعات في العالم بما فيها مجتمعنا الذي هو ليس بمعزل عن هذه المجتمعات، والطلاق بمعدلاته الحالية في مجتمعنا بالذات أرى أنه لا يعكس الصورة الحقيقية للمعدل السنوي لحالات الطلاق لان العمليات الاحصائية التي تم حسابه بها ليست دقيقة جداً مشيراً إلى ان معدل الطلاق يجب أن يحسب في عدد حالات الزواج في سنة ما، مع عدد حالات الطلاق من نفس المتزوجين في نفس تلك السنة أو تحسب خلال مدة زمنية معينة ثم تقسم على عدد السنوات ثم يستخرج المعدل السنوي لظاهرة الطلاق في المجتمع.
وأكد د, الفوزان أن ظاهرة الطلاق في المجتمع بالنسبة له ظاهرة طبيعية فما دام هناك زواج لابد أن يكون هناك طلاق مبينا أنه في السنوات الأخيرة تنامت هذه الظاهرة وأن الكثير يتحدث عن عوامل قد لا تكون جوهرية للطلاق، ويرى أنه بحكم اهتمامه بهذه القضية ولتخصصه في علم الاجتماع الأسري انه عندما تزداد معدلات الزواج لابد أن يتبعها بالضرورة زيادة في معدلات الطلاق مشيراً إلى أن معدلات الزواج في الماضي كانت قليلة وبالتالي كانت معدلات الطلاق أقل واليوم عندما زادت معدلات الزواج تبع ذلك أيضاً زيادة في معدلات الطلاق.
وأورد د, الفوزان عدداً من العوامل التي أدت إلى تنامي ظاهرة الطلاق من اهمها العوامل الحضارية كتعلم المرأة ودخولها في مجال الوظيفة مما أدى إلى نوع من وعي المرأة بحقوقها وبالتالي مطالبتها بتلك الحقوق وهو مالم يتعود عليه الرجل في مجتمعنا وبدأت الكثير من المشكلات تظهر على اعتبار ان الرجل يريد من المرأة أن تخضع كثيراً لما كان سائداً في الماضي قبل أن تتعلم المرأة.
ومن العوامل أيضاً الجانب الاقتصادي وهو دخول المرأة إلى مجال العمل مما قلل من اعتماد المرأة على الرجل حيث كانت المرأة سابقاً تعتمد على الرجل بشكل كبير جداً في وضعها الاقتصادي مما يجعلها تصبر على حياة زوجية غير مستقرة وغير هانئة ولكنها اليوم اصبحت في وضع اقتصادي يسمح لها بأن تتحلل من الزواج والعيش منفردة مقابل أن تقتات من راتبها.
ومضى د, الفوزان يتحدث عن عوامل الطلاق بقوله: إن مسألة التفاوت الذوقي بين الرجل والمرأة عامل مهم في تلك القضية فالرجل السعودي من خلال ما يتيحه المجتمع له من حرية انطلق وفهم كثيراً من الأمور المستجدة في العلاقات الزوجية وتعرض لكثير من المؤثرات سواء منها الإعلامية والكتب والمراجع والسفر للخارج، فهذه خلقت شخصية متجددة عرفت ما يدور في العالم من أمور تتعلق بالحياة الزوجية في الوقت الذي بقيت فيه الفتاة بمعزل على الاقل إلى حد كبير عن هذا مما ولد حالة من عدم التكافؤ في الرؤية لمتطلبات الحياة الزوجية والذوق العام نفسه اختلف مابين الفتاة والذكر واصبح هناك فجوة لم تستطع الفتاة أن تسدها أمام الرجل وبالتالي وجد نفسه مجبراً على الطلاق في بعض الحالات.
ومن العوامل أيضاً التربية فالرجل في الماضي كان يعود على تحمل المسؤولية منذ وقت مبكر منذ طفولته وهو عضو منتج في المجتمع ويحمل مسؤولية وهذا بالضرورة أدى إلى أن يتحمل الرجل المسؤولية الزوجية وبالتالي هذا كان يقلل من معدلات الطلاق لأن تحمل المسؤولية يساعد على ذلك أما اليوم فنحن نعيش فترة نجد فيها الشباب يصل عمر الواحد منهم إلى 37 سنة وهو يعيش في أحضان والديه وامتدت الطفولة لدينا إلى 37 سنة فأصبح الواحد يعتمد على والديه الى فترة طويلة جداً وعندما يتزوج فهو لم يتعود على تحمل المسؤولية فالزواج بحد ذاته هو تحمل للمسؤولية وليس مجرد اجتماع شخصين فقط وبالتالي تبرز مشكلات كبيرة جداً لا يستطيع أن يتحملها الشاب خاصة حينما يدرك ان الحياة الزوجية مسؤولية كبيرة وبالتالي على اتفه الأسباب نجده يقدم على الطلاق.
ومن العوامل أيضاً كما يرى د, الفوزان لتنامي ظاهرة الطلاق أن حياة العزوبية نفسها أصبحت مغرية للكثيرين حيث أصبحت نموذجاً لحياة ليست فقط في مجتمعنا بل في كثير من المجتمعات في العالم لان الحياة الزوجية بالنسبة لكثير من الشباب والشابات لم تعد من المتعة كما هي في السابق حيث كان الزواج بالنسبة للرجل يعني اكتمال الرجولة واكتمال الأنوثة للمرأة وبالتالي كانت وسطاً ومسرحاً يستمتع فيه الزوج والزوجة ولكن الآن دخلت مغريات كثيرة جداً جعلت الزواج شيئا ثانويا بالنسبة للفتاة وبالنسبة للرجل.
جانب آخر مهم وهو أنه في الماضي كان الزواج القرابي ينتشر بشكل كبير جداً مما كان له الأثر الكبير في انحصار نسبة الطلاق لان المرأة تكون عادة هي من نفس صلب الرجل وبالتالي كل منهما مضطر الى البقاء مع الآخر حتى وإن حدثت بينهما خلافات زوجية فكانت القرابة والخوف على فساد العلاقة بين ذوي القربى يجعل الزوجين يصبران كثيراً على حياتهما الزوجية وبالتالي تقل بالضرورة معدلات الطلاق.
وأشار د, الفوزان إلى أنه الآن انتشر الزواج من خارج نطاق القرابة وبالتالي ساهم ذلك في زيادة معدلات الطلاق, أيضاً جانب هام وهو كون المرأة الولود هي الأساس في الماضي وكذا كان الذوق ولم يكن الذوق متطوراً بشكل كبير جداً بل بالعكس اذا كانت ملتزمة اخلاقياً وتقوم بالانجاب فهذه غاية أي رجل في الماضي لكن لم يعد الأمر كذلك بالنسبة لشباب اليوم فهويرى بأن هناك مجالات وجوانب أخرى في الحياة الزوجية تقتضي ان تكون المرأة ملمة بها أو يكون الرجل ملما بها.
ولم يحمل د, الفوزان أيا من الرجل أو المرأة سبب الطلاق بل يرى أن القضية تبادلية ومسؤولية مشتركة بين الزوجين, فالبعض يضعها على كاهل الرجل والبعض الآخر يضعها على كاهل المرأة وهذا ليس صحيحاً مشيراً إلى أنه دخلت عوامل كثيرة في المجتمع ساهمت في زيادة معدلات الطلاق منها استخدام المخدرات والادمان على الكحوليات فهذه عوامل أفسدت الحياة الزوجية وبالتالي قادت في كثير من الحالات الى الطلاق.
هناك جانب آخر مهم للطلاق وهو الاكراه فلا تزال بعض الاسر تكره الشاب أو الشابة على الزواج من طرف لا يريده وبالتالي هذا يكون نهايته الطلاق.
بالتريث يزداد التفاهم
فينتج الوئام
ويستطرد الدكتور عبدالله الفوزان بالحديث عن الحياة الزوجية فيقول إن الحياة الزوجية عملية مناورة وهذا مالا يدركه كثير من الشباب ولذلك يطلّق بسرعة للأسف الشديد، فالحياة الزوجية مثلها مثل لعبة كرة القدم أو أي لعبة هي عملية مناورة في البداية بين الزوج والزوجة لتفهم ماذا يريد كل طرف لأنه من المستحيل أن تأتي بطرفين يفهم كل منهما الآخر تماماً, اضافة إلى أن قضية الحب والكراهية لا أؤمن أنها مرتبطة بلحظة الزواج فالحب والكره مرتبطان بالعشرة ومواقف تمر على الزوجين وبالتالي تدرك المرأة من المواقف التي تمر بحياتهما هل هذا الرجل رجل فعلاً وكذلك بالنسبة للرجل يدرك هل المرأة هي المرأة التي يريدها فالحياة الزوجية حياة لا تتولد فيها المشاعر بين يوم وليلة فهي يجب أن تكون تراكمية ليعرف كل من الزوجين معدن الآخر ويستشهد د, عبدالله باحدى القصص في هذا الجانب حيث حدثه أحد الشباب بانه كان يكره زوجته على الرغم من زواجه منها منذ خمس سنوات إلا أنه في السنة الخامسة مرضت والدته وقد قامت زوجته برعايتها والعناية بها مشيراً إلى أن هذا الموقف منها جعله يحبها ويتمسك بها -ويحمد الله- أنه لم يقدم على طلاقها في السنوات الماضية فالقضية مواقف وهذه المواقف هي التي تزرع الحب بين الزوجين، ويؤكد على أهمية التأني والحرص على استمرار العشرة الزوجية وعدم التسرع في الطلاق مشيراً إلى أن الحياة الزوجية لا يستمر فيها الشخص على نمط واحد في سلوكه فقد لا يرضى الزوج في بداية الزواج طموح المرأة وكذلك الأمر بالنسبة لها ومع الوقت يزداد التفاهم وتتضح الصورة ويزداد الوئام,, واشار إلى أن عملية النقلة التي تحدث بعد الزواج والتي قد لا يدركها كثير من الشباب فالزواج فيه تقييد للحرية وهذا أمر طبيعي لان الزواج ليس قصة رومانسية كما يتخيلها البعض بل هو مسؤولية يترتب عليها حقوق وواجبات فالشاب ينقل نفسه فلا يمكن تخيل شاب كان أعزب يسهر الى الساعة الرابعة فجراً أو فتاة كانت لا تنام إلا بعد صلاة الفجر أن يدخلا الحياة الزوجية ويستمرا على نفس النمط من السلوك، فالزواج له متطلبات وشروط إن لم نتقيد بها سيكون الطلاق, فلابد أن تعرف الفتاة أنها أصبحت زوجة وأنها تلعب دور الزوجة وكذلك الشاب لابد أن يعلم أنه انتقل من حالة أعزب إلى زوج مطالب بأن يقوم بدوره كاملاً.
وتحدث عن أهمية مرحلة ما قبل الزواج والتدقيق في الاختيار من حيث التكافؤ في المستوى التعليمي والاقتصادي والاجتماعي والسن وقال إن كثيراً من الحالات التي وردت لي وحدث فيها طلاق ظهر لي ان سبب الطلاق او المشاجرات بين الزوجين هو شعور عقدة النقص في أحد الزوجين مما يسبب الخلافات ثم الطلاق,, فالتكافؤ في المستويات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والعمر لابد من التحقق منها قبل الزواج حتى لا تنعكس علينا سلباً بعده فعملية الزواج تبدأ بمرحلة ما قبل الزواج بالتحقق من صفات هذا الشريك أما بعد الزواج فليتأكد الشخص ان الحياة الزوجية لا يمكن ان تكون حياة زوجية رومانسية حالمة كما تصورها لنا الأفلام والمناسبات، بل هي مسؤولية وخلافات بل إن بعض الخلافات هي ملح الحياة الزوجية شريطة أن يكون أحد الزوجين عنده الاستعداد للتنازل ثم تبدأ مرحلة جديدة يشعر الزوجان معها أن الحياة تتجدد واشار إلى ظاهرة الغيرة في الحياة الزوجية الغيرة الزائدة على الحد سواء من الرجل على المرأة أو المرأة على الرجل معتقداً بأنها تسبب مشكلات بين الزوجين لاداعي لها فبناء الثقة مالم يكن هناك اثباتات هو الأصل والأصح ونبه إلى ظاهرة اهتمام الزوجة بالأبناء وانصرافها عن الزوج مشيراً إلى أن البعض لا يتحمل ذلك ولا يود أن ينصرف الاهتمام عنه وهذا أمر طبيعي لابد أن يدركه الزوج.
وأكد أن الزواج لدينا بدأ يتحول إلى مسألة شخصية أكثر من أسرية على العكس من الماضي فما زاد من الطلاق حيث أصبحت مسألة الطلاق شخصية أيضاً.
هذه الإجراءات
ستقلل من الطلاق
وعن الاجراءات والأساليب التي تساهم في التقليل من الطلاق قال د, عبدالله الفوزان:, أولاً لابد من التهيئة للزواج للطرفين فنحن عندنا فرضية أن أي شاب أو شابة بالغين هما قادران على ان يتزوجا وأن يكونا أسرة مشيراً إلى أن هذا افتراض خاطىء بمعنى أنه لابد من تهيئة الشباب والشابات للحياة الزوجية من خلال المناهج التعليمية لاننا نتكلم عن مستقبل مجتمع فلابد من التهيئة للشاب والشابة ليكون كل منهما زوجاً صالحاً فهذه من الاساسيات التي لابد من وضعها في مناهجنا وبالذات في المراحل المتقدمة حتى نستطيع أن نهيىء جيلا من الذكور والاناث لحياة زوجية صالحة.
والقضية الثانية هنا لابد من ايجاد مؤسسات قادرة على أن نتعامل مع الأسرة كاقامة دورات تدريبية وندوات ومحاضرات عن كيفية التعامل في الحياة الزوجية.
فالعمل المؤسسي مهم جداً لأن قضيتنا ليست فقط مترتبة على الزواج بل لابد من وجود مؤسسات لرعاية المطلقات مؤسسات تتعامل مع تبعات الطلاق فكم من المطلقات بدون مساكن وعدم وجود من ينفق عليها وكذلك لعلاج الصدمات النفسية من الطلاق سواء للرجل أو المرأة.
كما يقترح د, الفوزان ايجاد مؤسسات لمنع الطلاق قبل وقوعه يعمل بها اخصائيون واخصائيات اجتماعيات وتكون هذه المؤسسات تابعة لوزارة العدل ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومن مهام هذه المؤسسات معالجة المشكلات الزوجية فكثيراً من الناس يكون عندهم خلافات زوجية ولايجدون أحدا يساعدهم وبالتالي لابد من ايجاد هذه المؤسسات، بالاضافة إلى أهمية وجود لجان اصدقاء المطلقات لتقديم المساعدات المختلفة لهن والبعض يمكن أن يقول إن في هذا الاقتراح تشجيع للمرأة على الطلاق ولكن من تريد أن تسعى إلى الطلاق للحصول على هذه المساعدات؟!
كذلك يمكن ابراز آثار ونتائج الطلاق في المناهج التعليمية وفي وسائل الإعلام المختلفة فكثير من الناس يتخذ قرار الطلاق وهو لا يعرف الآثار المترتبة عليه من حيث مستقبل الأبناء ،وكذلك على الزوجين والمجتمع بشكل عام، مؤكداً ان للطلاق آثاراً كثيرة جداً لا يمكن حصرها ويكفي انه يشتت العلاقات الاجتماعية بين الأسر ويفرق الأسرة الواحدة وهذا بحد ذاته كافٍ وإن الإسلام قد أباح الطلاق ولكنه بهذه الصورة مخيف في نتائجه بشكل عام.
تأكيد على أهمية الاختصاص الاجتماعي لدى المحاكم
وعلّق الدكتور سعد بن مسفر القعيب أستاذ الخدمة الاجتماعية المشارك بكلية الآداب بجامعة الملك سعود قائلاً: إن القضية فعلاً خطيرة مشيراً إلى أن النسبة العامة للطلاق في المملكة وهي 24% مؤشر غير مفيد للباحث لأنه لا يعكس الواقع الحقيقي للطلاق في بعض المناطق التي يرتفع فيها الطلاق أو ينخفض مشيراً إلى أن ارتفاع الطلاق في المدن يرجع للكثافة السكانية فيها ولتعدد الأسر التي تسكنها حيث يكون الزواج من أسر غير الأسرة التي تسكنها حيث يكون الزواج من اسر غير الأسرة التي ينتمي اليها الفرد على عكس القرى التي يكون الزواج من اسر غير الأسرة التي ينتمي اليها الفرد على عكس القرى التي يكون سكانها من أسر متقاربة ومترابطة مما يجعل التلاحم بينها قويا فيقل الطلاق.
وبيّن أنه من المفيد كموجه علمي النظر الى الطلاق في المدن ومعرفة متوسطه وكذلك في المحافظات والقرى وإن المؤشر بشكل عام لهذه القضية خطير فغير معقول أن يكون في كل 100 اسرة 20 حالة طلاق فهو أمر لافت للنظر وينبغي عدم التساهل فيه أو التقليل من شأنه بل لابد من التفكير الجدي والعلمي في ايجاد طرق علمية للتقليل من حالات الطلاق.
ويقترح د, القعيب في هذا الصدد وجود عنصر ثالث اخصائي اجتماعي واخصائية إلى جانب القاضي وطرفي المشكلة ويكون هذا العنصر متخصصا في الخدمة الاجتماعية بالذات بحيث تخصص لهم مكاتب في المحكمة وتحول عليهم مشكلة الطلاق قبل ان يبت فيها ويقوم كل واحد منهما الاخصائي والاخصائية بدورهما مع الرجل والمرأة من خلال جلسات لبحث المشكلة وبيان آثار الطلاق حتى ما إذا انتهت الجلسات المعنية ولم يقنع الزوجان باستمرار حياتهما الزوجية هنا ترفع المشكلة للقاضي ليكون الطلاق هو الحل لان الطلاق في حد ذاته ليس مشكلة وإنما شرع لحل مشكلة وهي عدم رغبة أي من الزوجين في استمرار الحياة الزوجية أو استحالة استمراريتها.
باختصار من التحقيق
- نظراً لاعتقاد البعض من الرجال والنساء بحساسية هذا الموضوع فقد اعتذروا عن الاشتراك في التحقيق وكان النساء اللاتي اعتذرن من الاخصائيات الاجتماعيات.
- أكد الكثير ممن التقت بهم الجزيرة أهمية هذه القضية مشيرين إلى أن نسبة 24% لافتة للنظر وأن هذا مؤشر خطير اذا حسب خلال عشر سنوات ماضية.
- وزارة العدل مطالبة بدراسة الطلاق دراسة مستفيضة وايجاد اجراءات وأساليب للتقليل منه بصفتها الجهة التي تصدر صكوك الطلاق.
- أكد البعض أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من خلال مراكز الخدمة الاجتماعية في توعية أفراد المجتمع بخطورة هذه الظاهرة وكيفية التعامل مع الخلافات الزوجية وكذلك ايجاد مراكز للارشاد الأسري ومراكز لرعاية المطلقات مستقلة عن الجمعيات الخيرية.
- لوسائل الإعلام والمساجد دور كبير في ابراز هذه الظاهرة وتوجيه أفراد المجتمع باضرارها.
|