Monday 16th August, 1999 G No. 9818جريدة الجزيرة الأثنين 5 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9818


الأبناء كالعصافير كل من تزوج انتقل إلى عش جديد
عادات وتقاليد تمنع العريس من السكن المستقل
* حب الوالدين لأبنائهما قد يدفعهما إلى التدخل وتنغيص حياتهم

* تحقيق : شيخة عبد الهادي
حينما يقرر الزوجان الشابان الاستقلال بسكنهما وحدهما في بيت معزول عن الوالدين والاقارب فهل يكون بذلك قد اقترفا ذنبا او خرقا العرف والمألوف ام انه حق مشروع جائز مع بقاء المودة وصلة القربى والوئام بين الاهل والاقربين,,؟ ولماذا اذا كان الامر كذلك يغضب بعض الاهل من ذلك ويفسرون الامور على اوجه مخالفة للواقع ربما كان مصدرها حب الاستحواذ والشعور بان الابناء هم الابناء مهما كبروا وتزوجوا وانجبوا فلابد من مراقبتهم ورعاية شأنهم بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة,,؟ أليس من أولويات الحب والتقدير ومنح الثقة لهم هو تزويجهم,,؟ اذن لماذا لا يكون هذا الحب وهذه الثقة مطلقة طالما انهم لم يتجهوا اتجاها عكسيا وانهم فقط ارادوا ان يتمتعوا بحياتهم الزوجية باسلوبهم الخاص دون ان يكونوا عبئا على احد وهذا من حقهم خصوصا اذا كان كل من العريس والعروس لم يقصر في شأن من شؤون والديهما واقاربهما ولم يخرجا عن عادة او معروف مألوف في محيط الاسرة والمجتمع,, هنا نقرأ جملة من التجارب في هذا الاتجاه.
الشقة وحدها لا تحقق السعادة
ام راشد تبلغ من العمر 22 عاما مطلقة لديها ولد وبنت تروي لنا قصة طلاقها فتقول:
تزوجت في سن السادسة عشرة بعد ان انهيت دراسة المرحلة المتوسطة كنت متفوقة دراسيا زوجني والدي رغم صغري من ابن اخته الذي يكبرني بثلاث سنوات فقط ولم ينه دراسته الثانوية بعد فتركت الدراسة والتحقت بزوجي واهله في منزلهم حيث كانت غرفتي معدة هناك وعلى الرغم من ان والدته هي عمتي ولكن ذلك لم يمنع نشوب المشاكل فعمتي وزوجها يحاولان جاهدين ادخالي تحت سطوتهما وحرماني من التمتع بأي حقوق لي بدءا بالدراسة وختاما بطلبي الحصول على سكن مستقل ولم يكن زوجي يخالفهما فيما يقولان بل كان يحاول اقناعي بصحة كلامهما او على الاصح اوامرهما ان اقتنعت باللين او ارغمني على قبول ذلك بالقوة حتى توسعت بؤرة المشاكل ونالت من الاسرتين الشيء الكثير وتم الطلاق بعد زواج استمر اربع سنوات أتمر طفلين والحمد لله ان المسألة لم تتطور اكثر من ذلك فانا الآن اكمل دراستي الثانوية وطفلاي معي اما هو فقد تزوج بأخرى وساعده والده كثيرا في تأثيث شقتهما وكل ذلك من اجل اغاظتي او اقتناع منهم بضرورة الامر, المهم اني اعيش سعيدة الآن بين والدي واخواني.
والمواطنة رانيا اليوسف طالبة في كلية الآداب ابدت استغرابا من وجود خلاف حول هذا الموضوع وحدثتنا عن تجربتها فقالت: تزوجت بعد ان انهيت دراستي الثانوية ثم واصلت الكلية بعد الزواج وانجبت في سنتي الاولى وعلى العكس مما تذكرين فقد كانت شقتي موجودة في الدور العلوي من منزل اهلي بمدخل مستقل حيث اني اكبر اخوتي وكانت امي تهتم بطفلتي اثناء غيابي وها انا الآن على مشارف التخرج ولدي طفلان لا يمكنهما الاستغناء عن امي ولو ليوم واحد وحتى خادمة اهلي تقوم بترتيب شقتي ريثما اعود ولم يعارض اهل زوجي هذا الامر فالمهم عندهم سعادة ابنهم حيثما يراها وليس في ذلك عيب على الرغم من انه ليس من اقربائي.
وللاخت سناء الاحمد قصة مماثلة تذكر فيها ان زوجها ابن عمها جاء من قريتهم ليكمل دراسته الجامعية ومن البديهي ان يسكن مع عمه حتى ينهي دراسته وفي هذه الاثناء تزوجنا ونحن في منزل اهلي وعشنا سعيدين مع اننا لا نملك سوى غرفة واحدة وانجبت مولودي الاول ثم سافرت مع زوجي لامريكا لاكمال دراسته وعند العودة مع طفلي سكنت مع اهلي فترة وجيزة حتى انتهينا من تجهيز مسكننا المستقل فليس من المعقول ان اظل مع اهلي او مع اهله طوال العمر او حتى مع طفلي وحتى بعد ان انتقل اهله الى المدينة كان سكني بجوار اهلي لان في ذلك راحتي وراحته.
هذا على العكس من اختي الصغرى التي تسكن في منزل عمي الثاني مع زوجها واطفالها الثلاثة في ملحق ارضي وهي سعيدة بذلك فأهل زوجها طيبون ويحبونها وتحبهم فليست الشقة هي المقصود ولكن المقصود هو حصول السعادة ليس الا.
هم كالطيور كل من كبر استقل بعشه
وللامهات شأن عظيم في ذلك وهذه مجموعة من آرائهن:
أم سعيد الغامدي في الثامنة والخمسين من عمرها تحدثنا عن اساسيات هذا المعتقد فتقول:
تزوجت وانا في الرابعة عشرة من عمري وزوجي يكبرني بسنتين ومما هو متعارف عليه في ذلك الوقت ان الاهل يفرحون بزواج ابنهم لتتمكن زوجته من معاونتهم في الزراعة والرعي فضلا عن انها ستنجب لهم المزيد من الاولاد وكانت الحياة في ذلك الوقت خالية من اي تكاليف فلا يتعدى المهر احتياجات العروس الاساسية وبعض الحلي وغرفة نومها ومنذ الاسبوع الاول وهي ترعى وتزرع وتحصد فغالبا ما يكون زوجها هو ابن عمها اي هناك احتمال كبير بأن يكون ممن يسكن معها في نفس البيت اي بيت جدها الذي يحوي اعمامها واولادهم فيكون المصروف واحدا ومجلس الرجال واحداً.
اما من يسكن في منزل منفرد فهم غالبا ممن يكونون يبحثون عن اعمال اخرى اضطرتهم ظروفها للسفر فيأخذ زوجته واولاده الى مكان قريب من عمله او قد يتركهم عنداهله ويأتي لزيارتهم كلما حانت له الفرصة,, المهم ان الاستقلالية في السكن لا تخطر على بال احد منهم الا نادرا وقد يعيش ذلك الفرد الذي استقل بسكنه في عزلة عائلية وتعب وشقاء فلا احد يعينه على ظروف الحياة اما ما نراه الآن من اصرار الفتيات على سكن مستقل فما هو الا موضة ستنتهي عاجلا أو آجلا لان الناس والاسر لايحلو لهم السكن الا مع جماعة منهم اما المشكلات التي قد تحصل من اجتماع النسوة فهي بسبب قلة عقلهن وما ادخلته المدنية على نساء اليوم من فراغ لا يستطعن معه فعل اي شيء الا المشاكل فها نحن نرى المعلمات يجتمعن في غرفة واحدة في المدرسة ولا يحدث بينهن اية مشكلة لان كل واحدة منصرفة الى عملها لا الى التنكيد على الاخرى.
وتخالفها الرأي ام عبدالرحمن العلي التي تماثلها في العمر لكن تختلف عنها في التفكيروالبيئة التي نشأت فيها فتقول: انا لا انكر اني احب ان ارى ابنائي ملتفين حولي اراهم حين يدخلون وحين يخرجون وألاعب صغارهم ونجتمع سويا على وجبة واحدة في كل يوم كما احب ان اظل مسؤولة عن الاهتمام بموعد عملهم وسماع مشاكلهم فيه ولكن في وقت تربيتي لهم عندما كانوا صغارا تخليت عن اشياء كثيرة كنت ارغب فيها من اجل تحقيق رغباتهم فماذا الآن بعد ان كبرت واخذت من الدنيا ما يكفيني لماذا اعود لانانية الطفولة وحب التملك فأنا احب ان اراهم سعداء حتى ولو كانوا بعيدين عني المهم انهم سعداء وهذا غاية مطلبي في الحياة ثم إن زوجة ابني لا يحق لي حبس حريتها واخضاعها لمراقبتي في خروجها ودخولها ويجب عليّ مراعاة مشاعرها فابنتي عندما تكون مع اناس اخرين احب ان يراعوا مشاعرها ويعملوا حسابا لاحاسيسها والدنيا كما تدين تدان والسكن المستقل حق لكل زوجين فحتى الطيور هذا حالها تهجر اعشاشها القديمة وتبني عشا جديدا لصغارها.
المواطنة (ع,ع,ف) تحكي لنا قصتها في هذا الشأن فتقول اختلف كثيرون في عائلتنا على موضوع وجود سكن مستقل او شقة تسكن فيها مع زوجها وقطعت هذا الخلاف بأن اشترطت عند عقد النكاح سكنا مستقلا فضلت بداية ان ابقى مع اهله لكوني مازلت طالبة حتى انهي دراستي ويكون لي اطفال بعدها لا بأس وهذا ما حصل فعلا وبعد الطفل الاول لم استطع ان ابقى بعيدة عن طفلي وتركت الدراسة وطلبت من زوجي الوفاء بوعده وهو السكن المستقل فأخبرني انه موافق ولكن والده يرفض الفكرة بحجة انه هو ايضا تعلق بالصغير ولا يستطيع ان يمر يوما دون ان يراه وبعد فترة خصام طويلة عند الاهل توفرت الشقة التي اعيش فيها الآن مع اهل زوجي في الدور الثاني صحيح اني ابتعدت عن المشاكل قليلا ولكن الامر لا يخلو من الاحتكاكات فالسؤال عند الدخول والخروج وارد خصوصاً انه لا يوجد باب مستقل والحمد لله على هذا الحال الذي هو بطبيعة الحال ارحم من سابقه فأنا اريد الحفاظ على اسرتي الصغيرة وزوجي الذي لا حول له ولا قوة سوى الاستسلام عند مواجهة اية مشكلة او انه يترك والده يتصرف حتى في ميزانية الاسرتين وقد استفاد اهلي من تجربتي ولم يزوجوا ايا من اخواتي قبل ان يروا سكنها مؤثثا ومستقلا بعيدا عن المشاكل.
نظرة اجتماعية
تحدثنا الاخصائية الاجتماعية حنان صالح فتقول:
قد تجعل الظروف المادية بعضا من الشباب مرغما على العيش مع اهله وقد تطول هذه الفترة وقد تقصر تبعا للحالة المادية او الاجتماعية التي تحياها الاسرة الكبيرة هذاولا يهمل الجانب الاهم في الموضوع وهو الراحة النفسية لكلا الزوجين فمتى ما بدأ احدهما بالشعور بالضيق لزم الآخر البحث معه عن حل والا ستكون النتيجة تفكك الاسرة الصغيرة ومشكلات ليس لها حل بين الاسرتين الكبيرتين فينشأ عن ذلك تفاقم ظاهرة اجتماعية تستلزم البحث والعلاج.
والحل في ذلك يكمن في وجود سكن مستقل لعيش الزوجين يحافظ لهما على استقلالهما وحريتهما وعلى دوام المحبة والالفة بينهما وبين الاسرة الكبيرة ويخفف عنهما مشكلات كبيرة قد تقع اذا كانا في البيت الكبير كما انه يجب على الزوجة عدم المبالغة والتكلف في اشتراط توفر السكن بل عليها ان ترضى باليسير من الاثاث والمسكن البسيط وان تعلم ان السعادة تكمن في الارتياح النفسي والعيش الهانىء هذا من جانب ومن جانب آخر يجب على الزوج ايضا اختصار الطريق ونبذ ما نشأ عليه من عادات كثيرا ما لا تتناسب مع وقتنا الحاضر وما له من متطلبات تفرض عليه نواميس خاصة تتغير تبعا بتغير ظروف الحياة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved