عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان المتأمل اليوم في حال لغتنا العربية وما وصلت اليه من تفكك وضعف ليتقطع فؤاده ألماً وحسرة على هذا الواقع الاليم, ان اللغة العربية تعد من اوسع لغات العالم من حيث التركيب والمعاني، ويكفيها فخراً انها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وبها تكلم النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد عمد اعداء الاسلام الى العمل على اماتة اللغة العربية وجعلها لغة ضعيفة محدودة الانتشار ليس لها اهمية مثل ما وصلت اليه اللغات الاخرى كالانجليزية والفرنسية وخاصة الاولى التي تعد اشهر لغات العالم على الاطلاق.
ان ابناء اللغة العربية اليوم قد اهملوا لغتهم فلم يعطوها حقها من الاهتمام، فقلما ان تجد مجلساً من مجالسنا اليوم يتحدث اصحابه باللغة العربية الفصحى بل تجدهم يتكلمون باللغة العربية المكسرة، بل وصل الامر الى مدارسنا فتجد الاساتذة يتكلمون بتلك اللغة، بل حتى ان بعض مدرسي اللغة العربية نفسها لا يتحدثون الفصحى,, وهم الذين يعتبرون القدوة في ذلك، فاذا كان الامر كذلك فكيف نلوم طلابنا على ضعف اللغة العربية,, بل حتى خطباء المساجد- للاسف- قد ازدادت اخطاؤهم وكذلك غيرهم,, فمنهم من حين يقف للخطبة يزداد حماسه اعجاباً بصوته,, فلم يبق مرفوعاً الا وبالكسرة ذله,, ولا منصوباً الا وبحنكته خففه,, ولا ساكناً الا بنشاطه حركه,, ولا مجروراً الا وبقوة حديدية رفعه,,ولا مضموماً الا وبعربة جره.
شل حركة افعال النصب، ونصب افعال الجزم، ونادى بالمساواة بين المؤنث وجمع المذكر، ووحد بين المنادى، وصرف الممنوع ومنع المصروف,.
لقد لاحظت خلال قراءتي لهذه الصفحة- وما فيها من مقالات رائعة- لاحظت ان البعض يدعو الى ادخال اللغة الانجليزية في مناهج طلاب المرحلة الابتدائية بحجة انها لغة العصر وان على كل طالب ان يتقنها,, عجباً لهؤلاء,, كيف يدعون الى ذلك والكثير من طلابنا لا يفقه في العربية شيئاً؟! كيف يطالبون بذلك والكثير من طلابنا لا يعرف من العربية الا حفظ القواعد,.
وكذلك ما كتب عن اصحاب المحلات التجارية الذين يجعلون لوحاتهم باللغة الانجليزية او غيرها، ويتخلون عن لغتهم الاصلية، وكأنهم ليسوا من ابناء هذا البلد الطاهر,, ألهذا الحد وصل التخلي عن اللغة العربية والاستهتار بها؟!
انا لا ادافع عن اللغة العربية لانها لغتي التي اتكلم بها فقط، او لانها لغة المسلمين والعرب فحسب، بل لانها لغة القرآن الكريم الذي لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه,رحم الله الشاعر حافظ ابراهيم عندما قال تلك القصيدة الرائعة التي يتكلم بها على لسان اللغة العربية عندما لقيت حرباً في مطلع هذا القرن شنها اعداء العروبة والاسلام -كما يفعلون اليوم- فزعموا انها لغة ناقصة لا تصلح لعصر الحضارة ودعوا الى اتخاذ اللهجات العامية في كل قطر عربي لغة للقراءة والكتابة وتعاونت اقلام مأجورة على الترويج لهذا العبث فقال تلك القصيدة التي منها:
رموني بعقم في الشباب وليتني عقمت فلم أجزع لقول عداتي وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً وما ضقت عن آيٍ به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلةٍ وتنس يق أسماء لمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي أيهجرني قومي عفا الله عنهم إلى لغة لم تصل برواة أيطربكم من جانب الغرب ناعب ينادي بوأدي في ربيع حياتي |
لذا يجب ان نحاول جاهدين لنؤسس ابناءنا على تعلم اللغة العربية على ايدي مدرسين اكفاء لكي يقوى عودهم عليها ويتقنوها وان نطبق اللغة العربية الفصحى في واقع حياتنا اليومية، لعل ذلك يحيى شيئاً من اجزاء هذه اللغة.
عمر بن عبدالعزيز المحمود
كلية اللغة العربية