Wednesday 18th August, 1999 G No. 9820جريدة الجزيرة الاربعاء 7 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9820


من المحيط الدولي
الجهود العربية لمكافحة الجريمة
مقدم د, منصور الداموك الزهراني

شهد العالم تغيرات سياسية واقتصادية وثقافية وتقنية مختلفة في السنوات الاخيرة هذه التغيرات والتحولات القت بظلالها على مختلف جوانب الحياة سواء بالنسبة للفرد او المجتمع، ولاشك ان الجانب الامني حظي بالنصيب الاكبر من جهة تأثره بنتائج وافرازات هذه التغيرات، الامر الذي ادى الى ظهور جرائم جديدة على المسرح لم تكن معروفة من قبل والى تطور واختلاف الاساليب الاجرامية المتبعة في ارتكاب جرائم تقليدية بطبيعتها، ولعل اهم التطورات على المسرح الجنائي ظهور البعد الدولي في ازهى صوره، فالتخطيط لارتكاب الجريمة يتم في بلد والتنفيذ في بلد آخر ، والاثار تصيب ربما اكثر من بلد, لم يعد غريباً للشخص العادي ان يسمع او يقرأ كثيراً عن جرائم تبييض غسيل الاموال، وجرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات، وجرائم الارهاب بكل اشكاله وصوره، وجرائم الاتجار بالاشخاص (إن في مجال الرق وإن في مجال الدعارة),, الخ.
ظاهرة عولمة الجريمة فرضت نفسها على المسرح الدولي، لذلك بدأنا نلمس جهوداً متواصلة لمواجهة هذه الظاهرة، سواء على النطاق الدولي او على الصعيد الاقليمي, في هذا السياق سارعت الامم المتحدة الى عقد عدة مؤتمرات واجتماعات هدفها لفت انتباه الدول الى خطورة الموقف، والخروج بما يمكن الخروج به من اتفاقات او اعلانات، او خواطر (على اقل تقدير) للتصدي لظاهرة الاجرام الدولي.
على الصعيد الاقليمي العربي، اولت جامعة الدول العربية اهتماماً ملموساً بالتنسيق العربي في مجال مكافحة الجريمة، وبدأت اولى الثمار التنظيمية للتعاون العربي من خلال انشاء المكتب العربي لشئون المخدرات سنة 1950, بعد ذلك بعشر سنوات انشئت المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، واستمرت في عملها كمظلة لحماية امن المواطن العربي الى ان تقرر انشاء مجلس وزراء الداخلية العرب في المؤتمر الثالث لهؤلاء الوزراء، المنعقد بمدينة الرياض سنة 1980، وقد الحقت مكاتب المنظمة بالمجلس الجديد سنة1983 .
يتشرف المجلس بتولي صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز رئاسته الفخرية، ويشغل منصب أمينه العام احد ابناء المملكة المشهود لهم بالكفاءة والمقدرة وهو معالي الدكتور احمد بن محمد السالم، ويهدف المجلس، طبقاً للمادة الثالثة من نظامه الاساسي، الى التنمية وتوثيق التعاون وتنسيق الجهود بين الدول العربية في مجال الامن الداخلي ومكافحة الجريمة، ومن اجل تنفيذ المهام المناطة بالامانة العامة كجهاز تنفيذي فني اداري للمجلس، انشىء في اطارها خدمة مكاتب متخصصة، وهي: المكتب العربي لمكافحة الجريمة (بغداد)، المكتب العربي للشرطة الجنائية (دمشق) ، المكتب العربي لشئون المخدرات (عمان)، المكتب العربي للحماية المدنية والانقاذ (الدار البيضاء)، المكتب العربي للاعلام الامني (القاهرة), اما التنسيق بين الامانة العامة والدول الاعضاء، فيتم من خلال شعب الاتصال التي انشئت في كل دولة, ونظراً لاهمية الدور الذي يلعبه التدريب المتواصل لرجل الامن، فقد اقيمت اكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية (المركز العربي للدراسات الامنية والتدريب سابقاً) كجهاز تعليمي تدريبي يعمل تحت مظلة مجلس وزراء الداخلية العرب.
مجلس وزراء الداخلية العرب، كتكتل امني اقليمي ينشد تحقيق التكامل الامني العربي، انجز العديد من الانشطة، ولعل ابرز مايمكن تسجيله في هذا السياق اقرار الاستراتيجية الامنية العربية (1983)، واعتماد الخطط الامنية (الاولى والثانية والثالثة)لزيادة مستوى التعاون الامني بين الدول العربية في مواجهة خطر الجرائم المنظمة (1986 - 1998)وفي مجال مكافحة المخدرات تم اعتماد الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية (1986)، والخطط المرحلية (الاولى والثانية والثالثة) لتنفيذ تلك الاستراتيجية (1987،1994،1999)والقانون العربي الموحد النموذجي للمخدرات، والخطة الاعلامية لمواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية (1994)، واخيراً اقرار الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية ، وعلى صعيد التنظيم المؤسساتي العقابي ومعاملة المذنبين، اقر المجلس الهيكل التنظيمي النموذجي للمؤسسات العقابية (1995), وفي مجال الحماية المدنية اعتمد المجلس الاتفاقية العربية الثنائية النموذجية في مجال الدفاع المدني (1996)وكذلك الاستراتيجية العربية للدفاع المدني (1997), وفي السياق التوعوي الامني، اعتمد المجلس استراتيجية اعلامية عربية للتوعية الامنية والوقاية من الجريمة (1996)، وخطة اعلامية للتوعية الامنية (1998), وفي مجال المرور اقر المجلس العمل بالمعجم العربي الموحد للمرور، الذي يهدف الى توحيد المصطلحات العربية في هذا المجال، وكذلك القانون النموذجي العربي الموحد للمرور (1997), ولجهة وقاية الأحداث واصلاحهم، اقر المجلس استراتيجية عربية نموذجية (1998)، واخيراً في مجال الارهاب، اقر المجلس مدونة قواعد سلوك للدول الاعضاء في المجلس لمكافحة الارهاب (1996)،واستراتيجية عربية موحدة (1997)، وخطة مرحلية لتنفيذ هذه الاستراتيجية (1998)،وقد بلغت هذه الجهود ذروتها باقرار الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، التي دخلت حيز النفاذ منذ السابع من شهر مايو الماضي.
هكذا يبدو جلياً ان مجلس وزراء الداخلية العرب ابلى بلاءً حسناً كسياج امني عربي ، مع هذا يظل التساؤل قائماً عن مدى فعالية ماتم اقراره من صكوك ووثائق، مالم يتم التعاون الكامل من قبل الاجهزة الامنية المعنية في الدول الاعضاء، خصوصاً ان من ضمن مقررات المجلس اتفاقات تفترض، بل تنص على وجوب احترام الاعضاء لاحكامها, ويزداد التساؤل اذا ماعلمنا عن عدم وجود صياغة يصار اليها لتسوية النزاعات محتملة الحدوث حول تفسير اي من احكام تلك الاتفاقيات, ترى هل تبادر الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب الى معالجة هذه الحالة؟ وهل نشهد - تحديداً - شكلا من اشكال التنظيم العربي القضائي على الصعيد الامني, نتمنى ان يحدث ذلك ، بل وان يكون جهد الامانة في هذا السياق نواة لمحكمة عدل عربية شاملة طال انتظارها.
*كلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved