في الحلقة الخامسة يوم امس من هذه السلسلة من المقالات,, تحدثت عن اعادة النظر في برمجة مشاركات المنتخب,, وهل من الضروري المشاركة في جميع البطولات بنفس الفريق,؟! واهمية ذلك في استمرارية اللاعب وعطائه,, من خلال تخفيف الضغوط الفنية والنفسية عليه,, وليبقى اللاعبون في جاهزية دائمة ومايسببه الجلوس في مقاعد الاحتياط من انعكاس سلبي على مستوى اللاعب وحساسيته للكرة,, الخ.
واشرت في احد المقالات إلى ان هناك بعض القضايا ,, والامور التي يرى البعض انها هامشية وليست ذات تأثير كبير على اداء اللاعب ونتائج الفريق,, رغم اهميتها غير المنظورة لدى البعض، ولعلي هنا اتطرق للاعداد النفسي,, ومفهومنا له على ان اتطرق للبقية في حلقات قادمة.
الإعداد النفسي,, كيف نفهمه,؟!
نتغنى كثيرا بالاعداد النفسي للاعب واهميته وان الفريق لم يتم اعداده نفسيا لهذه المباراة,, أو تلك البطولة,, او ان هذا اللاعب لم يكن مهيأ نفسيا لهذا الموقف,, ولكن هل نعي حقيقة الاعداد النفسي ومعناه؟!
الحديث عن هذا الجانب يطول,, لكنني اشير هنا بايجاز إلى بعض من هذا الجانب خصوصا فيما يتعلق ببطولة القارات.
فقد يكون الجهاز الاداري للمنتخب بما في ذلك اتحاد القدم قد أعد الفريق نفسيا لهذه البطولة اعداداً جيداً,, وقد اشرت لذلك في مقال سابق اثناء البطولة,, وتحديدا مع بدايتها,, لكن مثل هذا الاعداد قد يفقد اثره إذا لم يواكبه دعم ومساندة من الاعلام,, والجماهير الرياضية,, واستعداد اللاعب الذاتي بنفسه.
واستعداد اللاعب,, (بمناسبة الحديث عنه) يعود الى اللاعب نفسه وقدرته على تجاوز المواقف والتعامل معها.
ولا اعتقد ان لاعبا واجه نقداً قاسياً تجاوز مفهوم النقد الحقيقي,, الى محاولة التقليل من مستواه,, وقيمته,, مثل صالح النعيمة,, وايضا زميله ماجد عبد الله,, ومع ذلك ظل هذان اللاعبان قادرين على العطاء وتجاوزا الازمات,, إما بدبلوماسية,, او بادائهما الفني الراقي داخل الملعب,, مما فرض احترامهما على الجميع.
ويحضرني موقف يرويه الفنان محمد عبد الوهاب في بداية حياته الفنية عندما واجه نقدا قاسيا,, من الصحافة فشكا همه الى امير الشعراء احمد شوقي رغم التحفظ على اللقب على طريقة شاعرنا د,غازي القصيبي , فطلب شوقي من عبد الوهاب ان يحضر له الصحف التي كتبت عنه,, وعندما أحضرها,, طلب منه شوقي ان يضعها على الارض ويقف عليها,, ثم سأله:
** كيف انت الآن؟!
الا تلاحظ انك ارتفعت قليلاً,,؟!
وكان في هذا الموقف رسالة قيمة وكبيرة من احمد شوقي لعبد الوهاب كانت الأساس في انطلاقته وتجاوزه ازمة كادت ان تقضي على مستقبله,, بغض النظر عن قناعاتنا واختلافنا حول ذلك!
هذا الموقف يفترض ان يكون دليلاً وأساساً لكل لاعب ولكل مجتهد بعدم الاستسلام للنقد مهما كانت اهدافه وابعاده.
ومع ايماننا بهذا واهميته إلا اننا ندرك ان طبيعة اللاعب البشرية وتكوينه الفسيولوجي تختلف من لاعب لآخر,,، ومن ثم يختلف الاستعداد لدى لاعب دون اخر في التعامل مع الازمات,, والمواقف.
ومن هنا,, فان الجهاز الاداري خاصة القريب من اللاعب تقع عليه مسئولية احتواء مثل هذه المواقف التي يتعرض لها اللاعب ومحاولة اخراجه منها.
واذا كنا ندرك - وهذه حقيقة يجب ان نعترف بها - اننا لم نصل بعد في اجهزتنا الادارية سواء في المنتخب او النادي الى هذه المرحلة,, لاننا مازلنا نفتقد لهذه القدرات المتخصصة,, والبحوث والدراسات المتعمقة,, فإن واجبنا كجماهير وكإعلام,, على الاقل والأخص مع المنتخب - ادراك حساسية ذلك وأهميته وضرورة التعامل مع اللاعب كبشر وكلاعب منتخب.
لا اعني هنا عدم نقده,, وتقويمه,, ولكن باسلوب يضمن حقه المعنوي,, ويؤدي الغرض فالاعور لايقبل ان تقول له اعور ,, لكن يتقبل وصف كريم عين ! وكلاهما يؤدي المعني,!
يقول اللاعب محمد الدعيع في تصريح صحفي ان بعض اقاربه ومعارفه قرأوا عليه ماكتبته عنه الصحافة وما قاله الاعلام عقب مباراة البرازيل لذلك دخل مباراة امريكا بنفسية متعبة,, اثرت على مستواه!.
وبغض النظر عن حقيقة هذا القول من عدمه,, ومن ان الدعيع اهتز مستواه قبل امريكا,, واسباب ذلك معروفة,, تطرقت لها في عدد الأمس,, إلا ان هذا يؤكد بالفعل حقيقة تأثير الاعلام والصحافة على وجه الخصوص على اللاعب وادائه ومسئوليته.
لقد لاحظنا في بطولة القارات ان الاعلام لدينا خاصة المقروء منه,, كان مؤشره يتحرك على شكل نصف دائرة - كما اشرت في مقال سابق - وفقا لنتائج الفريق التي كانت تمثل المغناطيس الذي يؤثر في حركة المؤشر.
وفي احيان اخرى ترتبط حركة الاعلام بالرياح (ومنين ماهب الهوا مال)!
لقد لعب الاعلام,, وبدأ ايضا يلعب لعبة خطيرة - طبعا بحسن نية -لكنها تنطوي على نتائج ايضا خطيرة،، اذا لم ندرك عواقبها,, في اسلوب نقده وتقويمه ليس للمنتخب فقط، بل وعلى مستوى المنافسات المحلية في بعض الاحيان.
وعندما اتحدث عن الاعلام,, فإنني لا اعمم بقدر ما أبعض ,, ولا اعني الاعلام بمفهومه الشامل بقدر ما اعني بعض المنتمين له .
وعلى اللاعب نفسه,, خاصة الناشىء,, او الداخل حديثا لعالم الشهرة والاضواء ان يدرك خطورة ذلك,, عليه.
وعليه ان يدرك ان هذا الاعلام الذي بدأ يلمعه,, ويقدمه للساحة ,, قد يخطىء في المقادير والطريقة فيطفىء توهجه,, او يحرقه,!!
***
مايدري,,!!
** يقول احد اللاعبين:
ان قرار الايقاف كان صدمة له,, وانه لايدري لماذا تم استبعاده من المنتخب,؟!
ولايدري لماذا اوقف,؟!
وانه حاول التفاهم مع احد المسئولين ولم يستطع,, فقد صدر القرار,,!!
وأن,, وأن,.
اذاً,, من الذي يدري؟!
فإن كنت لاتدري , فالمصيبة اعظم!
والله من وراء القصد.
عبدالله الضويحي