Tuesday 24th August, 1999 G No. 9826جريدة الجزيرة الثلاثاء 13 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9826


حقيقة إسرائيل (11)
الدولة اليهودية *
سعد بن خلف العفنان

ولدت الدولة اليهودية كفكرة قبل ان تكون شيئاً ملموساً على الطبيعة وكانت مشروعاً خيالياً في رأس الفايكنت بالمرستون قبل ان تكون حقيقة واقعة فقد اوجدت الدولة اليهودية على الورق كمخطط عدواني رهيب قبل ان توجد مقوماتها الطبيعية، اي الشعب والارض والمؤسسات التشريعية والاقتصادية والعسكرية والثقافية وغيرها.
وبوحي من تلك الخطة الانجليزية عمل هرتزل على عقد المؤتمر الصهيوني الأول لبحث كيفية ايجاد مقومات تلك الدولة المصطنعة، وبما ان مقومات الدول لا تُعطى ولا تُشترى فقد وضعت الحركة الصهيونية الخطط التآمرية التي اعتمدت الدس والخداع والارهاب للوصول الى ايجاد مقومات مصطنعة لتلك الدولة.
إن الدولة اليهودية اشبه ما تكون بمولود ولد بدون أرجل ولا يدين ولا حتى نبض وبعد ولادته كسيحاً ساكناً اجريت له عمليات اصطناعية لاعطائه الحس والحركة معاً، فكيف سيكون هذا المخلوق؟ وأية عمليات اصطناعية يمكن ان تُتم نقصاً في اصل الخلقة؟.
ففي عام 1896م اصدر الصحفي اليهودي النمساوي هرتزل كتابه الدولة اليهودية وترجم في هذا الكتاب ما هدفت اليه خطة الفايكنت بالمرستون في مشروع دولة يهودية تقام على ارض فلسطين يتجمع فيها اليهود بما يكفي لاقامة دولة، وفلسطين آنذاك قطر عربي تحت السيادة العثمانية، واليهود الذين يراد تجميعهم في فلسطين هم مواطنون في الدول التي يقيمون فيها وهم موزعون في شتى اقطار العالم ولهم مصالح مختلفة في تلك الأقطار وعليهم التزامات متباينة تجاهها، ولم يكن تجميع اليهود في فلسطين أمراً صعباً فيه مخاطر كثيرة وحسب، بل كان جُرماً شنيعاً ليس ضد عرب فلسطين وحسب الذين هم احق في البقاء في بلادهم، وانما ضد اليهود انفسهم الذين تعيش اكثريتهم الساحقة في بلدان متقدمة يتمتعون بالجاه وينعمون بالثراء، فكيف سيكون حالهم عندما يُساقون في هجرة انتقائية الى فلسطين بموجب مشروع الدولة اليهودية؟.
انهم سيفقدون جاههم ويخسرون مصالحهم واستقرارهم ويغدرون باوطانهم التي عاشوا فيها وسيجدون انفسهم وجهاً لوجه في جبهة حرب ارهابية للدفاع عن النفس او ذود عن المحارم والحقوق المشروعة، بل سيجدون انفسهم يقتلون شعباً بريئاً ويغتصبون ارضه ويستبيحون محرماته وهذا هو ما حصل فعلاً، وقد استمد هرتزل مبرر اقامة الدولة اليهودية من كون اليهود تعرضوا للاضطهاد في مختلف بلدان العالم وعلى مختلف مراحل التاريخ واعتبر ان بؤس اليهود هو القوة الدافعة لايجاد الدولة اليهودية، وبهذا يؤكد هرتزل منذ الاساس شذوذ الدولة اليهودية عن بقية الدول في العالم وفي التاريخ، فدولة تنطلق في تأسيسها من البؤس والشعور بالاضطهاد لا بد ان يكون الحقد هو المسيطر والمحرك لكل ما تقوم به من اعمال تجاه الآخرين لذلك فالاجدر بها ان تكون عصابة ارهابية من ان تكون دولة شرعية.
فعندما كانت الدولة اليهودية مشروعاً على الورق قدمها هرتزل ومن بعده زعماء الصهيونية العالمية للعالم على انها الحل الوحيد والأمثل لما عاناه اليهود في العالم، ومن ثم افتعلوا الاحداث والازمات بين بعض الاقليات اليهودية والدول التي يقيمون فيها حتى تقوم هذه الدول باضطهاد اليهود ليحصلوا على المزيد من الحجج على ضرورة اقامة الدولة اليهودية في فلسطين.
ودرجت المنظمات اليهودية على المبالغة والتهويل وفي كثير من الاحيان الادعاء المفتعل الكاذب بان اليهود يتعرضون في هذا البلد او ذاك ومن هذه الفئة او تلك للاضطهاد حتى يدفعوا العالم الى الاقتناع بان الدولة اليهودية حل سليم لما يعانيه اليهود وما زالت الدولة اليهودية الآن اسرائيل وبعد خمسين سنة من قيامها تركز على ما تعرض له اليهود من اضطهاد على أيدي النازيين لتدعيم وجودها ولتمرير ممارساتها الارهابية وللحصول على المزيد من الأموال والتعاطف والمهاجرين.
ان اية امة لها الحق ان تقيم دولتها الخاصة بها لتحقق سيادتها وتحكم نفسها بنفسها لكن لا بد من توفر مجموعة من المقومات اولها: الشعب وثانيها: الارض، وثالثها: الشريعة، ورابعها: القوة المحاربة، وخامسها: الانتاج او الاقتصاد، وسادسها: العلم والثقافة والفن، وبفقدان اي من هذه المقومات فانه اما ألا تكون الدولة او انها اذا كانت تكون مشلولة في جانب من جوانبها الأساسية.
والشعب الذي لا يملك ارضاً خاصة به لا يمكن ان تكون له سيادة خاصة به، والارض بدون شعب بوار، والشريعة بدون مجتمع يؤمن بها ويعمل بمقتضاها انما هي مجرد تعاليم نظرية معطلة لا قيمة لها كالأكياس الفارغة كما ان الشريعة اذا لم ترتق تعاليمها واحكامها الى مستوى اخلاقي انساني جيد فانها تكون وبالاً على اصحابها وسبباً في شقاء معتنقيها، ولا بد لكل شعب تتوفر له الارض والشريعة الصالحة ان تكون له قوة محاربة يذود بها عن نفسه ووسائل انتاج يعيش بها ولا تدوم لشعب سيادة ولا يعلو شأنه الا بقدر ما يحصل من العلم ويكتسب من الثقافة ويبدع من الفن.
ان اعظم الأمم الآن وفي التاريخ هي اعظمها نصيباً من هذه المقومات والعكس بالعكس، ولست ادري هل هو من حسن الطالع او من سوء الطالع ان اليهود خلال تاريخهم الطويل لم يثبتوا انهم يملكون ولو ركيزة واحدة من مقومات الدولة الطبيعية، فمن خلال التاريخ وخاصة تاريخ اليهود انفسهم نجد انهم كانوا عبئاً على الدول، وكانت عبقريتهم الفذة!! التي لا ينافسهم فيها احد تتجلّى دائماً في انهم السوس الذي يُدمّر الدول في كل جانب من جوانب مقوماتها الأساسية ولم يثبتوا انهم كانوا في يوم من الأيام ينهجون منهجاً اصلاحياً من شأنه ان يُسعد البشرية او يزرع السلام على الأرض.
ان مقدرة اليهود التي يتفوقون بها على جميع الناس هي انهم يجيدون حبك المؤامرات وخلق الأزمات التي تؤدي الى الصراعات المهلكة والصدامات المدمرة، ولولا عبقريتهم التآمرية هذه لما استطاعوا ان يقيموا دولة اسرائيل باختلاق مقومات وجودها بواسطة التآمر وخلق الأزمات وافتعال الصراعات بين الدول لتسحق بعضها بعضاً لصالح اليهودية العالمية.
لقد استغل اليهود احداث الحرب العالمية الاولى وحصلوا على وعد بلفور بان تكون فلسطين هي الأرض التي يقيمون دولتهم عليها، وعلى حق الهجرة الى فلسطين كي يتمكنوا من اقامة هذه الدولة، ولما فشلوا في اقامة الدولة امام ثورة الشعب الفلسطيني ضدهم عام 1935م عملوا على استغلال الحرب العالمية الثانية فحصلوا على خبراء التدريب العسكري وعلى السلاح وعلى الهبات المالية وعلى ارقى ما لدى دول الغرب من تقنية فاكتملت لهم مقومات الدولة المصطنعة بالدس والتآمر والغدر وبكل الطرق غير المشروعة.
ان دولة اسرائيل مدينة في مقومات وجودها للدول الغربية وهي لا تستطيع ان تستمر الا تحت حماية تلك الدول ولا تستطيع ان تحافظ على اي من مقومات وجودها المستعارة بقدرتها الذاتية او بالمشروعية الدولية كسائر الدول لانها ليست دولة كسائر الدول وذلك للاسباب التالية:
أولاً: الأرض وهي الركيزة الاولى اغتصبها اليهود من اهلها الشرعيين بموجب خطة بالمرستون وتواطؤ الدولة العثمانية ووعد بلفور والذي قال عنه العرب بأنه اعطى ما لا يملك الى من لا يستحق اما الحق التاريخي الذي طالما تشدق به اليهود فهو زور لأن فلسطين لم تعرف اليهود الا كغزاة فقط، دخلوا اليها شأنهم كشأن موجات الغزو الكثيرة التي تعرضت لها فلسطين على مر العصور واخرجوا منها مثل ما اخرج غيرهم.
اما الشعب الذي استوطن فلسطين وانغرس في اعماق تربتها فهم الكنعانيون الذين جاءوا الى فلسطين قبل الميلاد بثلاثين قرناً واستمر وجودهم فيها الى اليوم، وبما ان الكنعانيين هم من قدماء العرب فانهم اندمجوا في العروبة فيما بعد وصاروا شعباً عربيا بعد الفتح الاسلامي لفلسطين وعُرفوا بالفلسطينيين وعرفت فلسطين على انها احد الاقطار العربية كانت وستعود الى ما كانت عليه بحول الله وقوته.
ان كل جبروت دولة اسرائيل المصطنع وعربدتها المدعومة من الغرب لم تستطع ان تُوجد للفلسطينيين اسماً يلغي اسمهم المشتق من وطنهم فلسطين انهم في المخيمات فلسطينيون، وفي المهجر فلسطينيون، وفي فلسطين نفسها فلسطينيون، وحتى عندما حولتهم القنابل الفوسفورية والعنقودية والانشطارية الى اكوام من الجثث ومزق من الاشلاء وبرك من الدماء في مخيماتهم في عين الحلوة وفي صبرا وشاتيلا على ارض لبنان تحدث العالم كله مشيراً الى اكوام الجثث ومزق الاشلاء وبرك الدماء على انهم فلسطينيون في حين لم تستطع دولة اسرائيل ان تربط مواطنية اليهودي التابع لها الى فلسطين كما يستطيع اي فلسطيني ان يُعرّف نفسه بانه فلسطيني ويرفع رأسه عالياً فعلى ماذا يدل هذا التنافر بين دولة اسرائيل والارض التي اقيمت عليها؟ ألا يدل ذلك على محاولة قسر الجغرافيا والمنطق التاريخي؟.
ان دولة اسرائيل لا تختلف شيئاً عن اية حكومة اجنبية احتلت فلسطين وبقيت كذلك ترفضها تربة فلسطين حتى اجتثت منها كالفرس والرومان وقدماء اليهود والصليبيين ذهبوا جميعاً وستذهب اسرائيل، ستذهب اسرائيل لان الاسرائيليين يصرون على ان تكون فلسطين نفسها اسرائيليةويأنفون ان يكونوا هم فلسطينيين فليأنفوا ولتأنف فلسطين منهم.
ان شعار منظمة فتح فلسطين للفلسطينيين الذي رفعته مع انطلاقتها الاولى عام 1965م هو الشعار الذي يجب ان يرفع لأنه سوف ينتصر اذ لن تكون فلسطين لغير الفلسطينيين الا اذا تغيرت طبائع الأشياء وهذا مستحيل.
ثانياً: الشعب وهو الركيزة الثانية فأي شعب هو ما يُسمّى بشعب اسرائيل؟ انهم لم ينبتوا من تربة فلسطين ولم يتبلوروا بالاندماج الاجتماعي السلمي مع سكانها بل جاءوا اليها غزاة طامعين لفقتهم الصهيونية العالمية من شتى الاقطار ممن لفظتهم المانيا وبولندا وروسيا والمجر ومن البؤساء المعقدين الحاقدين من يهود اوروبا والشرق الاوسط ومن الانتهازيين الأفاقين من كل حدب وصوب اختارتهم المنظمات اليهودية كذخيرة قاتلة لغزو فلسطين كما قالوا.
وتشير ارقام الهجرة اليهودية الى فلسطين والهجرة المعاكسة منها خلال السنوات الأخيرة بانه لو اقفلت ابواب الهجرة غير المشروعة الى فلسطين فان الهجرة المعاكسة كفيلة باعادة نسبة اليهود في فلسطين الى 8% وهي النسبة التي كانت قبل مشروع تهويد فلسطين والمؤتمر الصهيوني الأول الذي اعتمد ذلك المشروع وسعى حثيثاً الى تحقيقه.
ثالثاً: تدّعي دولة اسرائيل بانها دولة ديمقراطية لكن ديمقراطية دولة اسرائيل مجرد واجهة خادعة، وهي من قبيل ذر الرماد في العيون فاسرائيل هي ابعد الدول كلها عن الديمقراطية لانها دولة عنصرية عدوانية عرقية ليس لها دستور ولا هي ملكية ولا جمهورية وليست لها حدود وهي ترفض ان تكون لها حدود جغرافية ثابتة وتتمسك بما يدعيه قادتها بالحدود الآمنة اي عدم الاعتراف بحدود الدول الاخرى، ان دولة اسرائيل لو كانت دولة ديمقراطية كما تدعي فانه من أولى الأولويات ان يتساوى المواطنون فيها وهذا غير معمول به بل المعمول به هو التفرقة العنصرية بين المواطنين في اسرائيل (1) .
رابعاً: ليست لليهود تقاليد نضالية عسكرية كما للأمم الاخرى بحيث تحدد الأهداف التي يجب ان يكون النضال من اجلها واجباً وأداؤه شرفاً والتفوق فيه مجداً وفق ما هو متعارف عليه لدى جميع الأمم المجيدة، فالحرب يجب ان تكون دفاعاً عن النفس او استعادة حقوق وطنية مسلوبة او في سبيل مصالح انسانية ووطنية تكون اسمى من اية خسائر بشرية مادية تنجم عنها ويشترط ان يكون اسلوب الحرب نزيهاً بحيث يتجنب قتل المدنيين والعزل من السلاح والاسرى، وان تقف الحرب عندما تحقق اهدافها، هكذا تحارب الأمم وهكذا يلتزم المقاتلون الشرفاء وهذه حالة معدومة تماماً لدى قادة دولة اسرائيل السياسيين والعسكريين على السواء.
فالحرب لدى دولة اسرائيل لها اهداف بعيدة كل البعد عن ان تكون لمصالح وطنية مشروعة وليس فيها اية التزامات بالاعراف الانسانية والاخلاقية فكل ما يمكن حله بالطرق السياسية تقوم اسرائيل بتصفيته بالقوة العسكرية المحضة، فالحروب الاسرائيلية دائماً تفاجىء العالم بمخالفتها الصارخة للأعراف والقوانين الدولية، فهي دائماً هجومية وتعتمد اسلوب الابادة الجماعية وهو اسلوب تمقته جميع الدول حتى امريكا نفسها الا اذا قامت به اسرائيل فان امريكا تدافع عنه وتحميه.
لقد عرفنا العسكرية الاسرائيلية منذ مجزرة دير ياسين عام 1948م حتى مذبحة مخيمات اللاجئين في لبنان عام 1982م بانها تجعل كل ارض الخصوم جبهة وكل ما على هذه الارض يجب ان يموت الرجال والنساء والشيوخ والاطفال وكذلك تدمير العمران والممتلكات فعندما سئل ارييل شارون هل ندم بسبب مقتل آلاف الابرياء العزل في مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلا وعين الحلوة اجاب ولماذا اندم؟ هل اندم على مقتل عدو؟ وعندما سئل عن مبرر ذبح الاطفال في أحضان امهاتهم اجاب هؤلاء الاطفال سيكبرون ويصبحون رجال منظمات (2) .
ان هذا الاسلوب في الحرب والمفهوم الفكري او العقائدي لها هو نفس اسلوب قدماء اليهود في ابادة الخصوم وهو اسلوب ارهابي مقيت تترفع عن انتهاجه جيوش الأمم المتحضرة.
ان اليهود يحسنون خلق الفتن بين المتحاربين ويحسنون حرب الارهاب والابادة كلما تمكنوا، اما الحرب الشريفة العادلة التي تقف عندما تحقق اهدافها فانه ليس في تاريخهم ولا في واقعهم ما يثبت ان لهم نصيباً فيها.
خامساً: الاقتصاد، ان اليهودية الصهيونية كفكر وشريعة ضد الاقتصاد لان تعاليمها تدميرية تخريبية تستهدف تجويع البشر واقحال الحياة الانسانية وتسخير مقدرات الامم الاقتصادية لمصالح اليهودية العالمية واليهود كعنصر بشري يفُترض ان يكون عليهم واجب وان يكون لهم دور خلاق في الاقتصاد لكنهم بالعكس من ذلك يعملون بنقيض واجبهم وضد دورهم المطلوب منهم، فمن البديهيات الذهنية المسلم بها انه لا يُذكر اسم الربا والاحتكارات والمضاربة المالية وما تدل عليه هذه الأمور من معانٍ مدمرة للاقتصاد اي اقتصاد إلا ويتداعى معها ذكر اسم اليهود واليهودية، فالربا والاحتكار والمضاربة كلها آفات اقتصادية وهي من نتاج العقلية اليهودية، فالارتباط بين اليهود والربا والاحتكار والمضاربة يتجاوز كل المفاهيم والمدركات ويكاد ان يكون ارتباطاً عضوياً كاملاً اذا جاز لنا التعبير.
ولنقرأ شيئاً مما جاء في بروتوكولاتهم في هذا الشأن حيث يقولون سنبدأ فوراً في تنظيم احتكارات عظيمة هي صهاريج للثروة الضخمة، وفي نفس الوقت يجب ان نفرض كل سيطرة ممكنة على الصناعة والتجارة وعلى المضاربة خاصة فان الدور الاساسي لها ان تعمل كمعاول لهدم الصناعة، وبهذه الوسيلة سوف نقذف بجميع الأمميين الى مستوى العمال الصعاليك وعندئذ يخر الأمميون امامنا ساجدين لينالوا حق البقاء، ولكي نخرب صناعة الامميين ونساعد المضاربات سنشجع الترف المطلق الذي نكون قد نشرناه من قبل كما سنقضي بكل مهارة ايضا على اسس الانتاج ببذر بذور الفوضى بين العمال وتشجيعهم على ادمان الخمر وفي نفس الوقت سنلجأ الى كل وسيلة ممكنة لطرد كل ذكاء اممي من الأرض وبدون المضاربة ستزيد الصناعة رؤوس الأموال الخاصة وستتجه الى رفع مستوى الزراعة، من الضروري ان تستنزف الصناعة كل خيرات الأرض وان تحول المضاربة ثروة العالم الناتجة عن هذا كله الى ايدينا (3) .
ان دولة اسرائيل اللقيطة هي اولى الدول الساقطة في هذه الهوة السحيقة التي يحفرها اليهود لاقتصاد العالم، فاليهودي حينما ينساق وراء انانيته المفرطة في مثل هذا الاتجاه المدمر فانه لا يستطيع ان يميز بين مصلحة دولة اسرائيل ومصالح الدول الاخرى أمام مصلحته الذاتية الأنانية، وبما ان اسرائيل هي مركز النشاط اليهودي الصهيوني في العالم فان اول اقتصاد يتضرر افدح الضرر جراء هذه النظرية الخبيثة المدمرة هو الاقتصاد الاسرائيلي نفسه وقد كان نتيجة هذا هو ان اصبحت اسرائيل هي اول دولة في العالم يعتمد اقتصادها على المعونات الخارجية وهي الدولة الوحيدة في العالم التي لو انقطعت عنها المعونات الأجنبية او حتى انخفضت مجرد انخفاض لانهار اقتصادها وأفلت دولتها.
سادساً: الحضارة اليهودية، لقد تمكنت المنظمات اليهودية من تهجير الطلائع المؤهلة من اليهود من شتى الأقطار اساتذة جامعات وخبراء في المجالات المختلفة ومهندسين وفنيين ومتدربين في مختلف الحرف والمهن ولكن اسرائيل التي نجحت في تكوين مجتمع عنصري وبيئة ارهابية على ارض فلسطين فشلت في تكوين بيئة حضارية ديناميكية تستوعب وتتقدم، صحيح ان اسرائيل الآن تعتبر من اكثر دول الشرق الاوسط تقدما، لكن التقدم العلمي في اسرائيل لا يرجع الى نمو وطني او تطور متفاعل مع البيئة والمعطيات المحلية يرتكز على قاعدة وطنية بدرجة اولى، وانما يعود ذلك الى تهجير العناصر البشرية المتطورة من الخارج الى اسرائيل والى المساعدات التكنولوجية الجاهزة التي تقدمها دول الغرب باستمرار لاسرائيل خاصة من الولايات المتحدة الامريكية.
ومجمل القول فان دولة اسرائيل تحمل في طبيعة تركيبها جرثومة فنائها لانها قامت على خلاف الأصول والقواعد التي قامت عليها الدول، وهي الآن في القمة من التبجح والغرور فان ارادت ان ترجع عن عنجيتها وارهابها وتلتمس سلوكاً سليما يتفق مع الشرائع الدولية والأعراف الانسانية فانها تسقط لأن معنى ذلك هو ان على اسرائيل ان تقوّض بناء دولتها المعقّد الذي بنته بالدس والمكائد والارهاب واذا ما تم ذلك فهيهات ان تسمح الظروف ثانية لليهود ان يعيدوا تشكيل دولتهم من جديد لأنه لن تتوفر الأسس الضرورية التي تحتاجها، اما اذا واصلت دولة اسرائيل تحديها للقيم الانسانية بالمزيد من الارهاب ومحاولة السيطرة على شعوب المنطقة وتنفيذ مخطط الابادة الجماعية وخاصة ضد الفلسطينيين فانها ستجد نفسها في النهاية عاجزة عن التصدي للتحدي المضاد.
للموضوع بقية
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved