Sunday 29th August, 1999 G No. 9831جريدة الجزيرة الأحد 18 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9831


بدون ضجيج
حائلي في الرياض!
جار الله الحميد

النكتة التي يتداولها الناس هنا عن احد (الحوايلة)* وفحواها انه حين ركب التاكسي واغلق الباب, سأله السائق عن وجهته فقال: بيت عمتي! تكاد تصدق علي, فأنا لا زلت أمياً وشديد البلاهة عندما اسير في شوارع الرياض, هذه الشوارع الفسيحة التي تلمع وتجري عليها بسرعة جنونية سيارات كثيرة, كثيرة جداً, ولا استطيع السير الا بواسطة (الليموزين) فهو يشغل (العداد) وانا (أتشوف): من هنا! ثم نصل الى (هنا) فإذا بها جهة خاطئة, اقول له متجاهلاً (فشيلتي) لا يا شيخ من هناك!!.
واذا حدث وقمت بزيارة الى الرياض فأنا اسكن عند احد الاصدقاء, ورجلي على رجله,, داخلاً,, خارجاً, واذا نزلت للبقالة التي تحت العمارة اصعد تائها ابحث عن الشقة, واخطىء احيانا فيفتح لي رجل باللباس الداخلي ويقول بلهجة (فيها إنه) ما تعرف شقتكم؟! وطالما صديقي في عمله لا اخرج, الا اذا وجدت ليموزين يوافق ان يقف معي لحين قضاء غرضي ويعود بي الى نفس المكان, ولكن بعض سائقي الليموزين لا يوافقون, فلا اجرؤ على اجتراح مغامرة الاعتماد على ذاكرتي التي تشبه ذاكرة (الضب) - ففي الذاكرة الشعبية يسمون الذي لا يتعرف على الأمكنة: راس ضب! - لأن الرياض تكبر بسرعة, مدينة عظيمة شاهقة يستغرق مشوارها الساعتين وحولهما.
قبل شهور جئت الى الرياض في الصباح لزيارة طبية نسقها لي الزميل الجميل سعد الدوسري مساعد مدير المستشفى التخصصي, وأول ضيعة كانت في انني نزلت الى مواقف السيارات وخرجت معتقداً انني الى الشارع العام, فاذا بي افاجأ بطريق صغير لا ادري الى اين يتجه, ومشيت عائداً الى المواقف وسألت كم شخص فما استمع الي احد, ودرت حتى وجدت مصعداً, فتنفست بعمق ولكن حلقي ظل جافاً كالخشب, ضربت اعلى زر وهو رقم (3), فصعد بي الى مكان ليس هو الصالة التي خرجت منها, وجدت فيه جنوداً وضابطاً نظروا الي باستغراب قلت لهم القصة فوصفوا لي الطريق, واخيراً فوصلت الى الصالة فشربت زجاجة ماء كاملة ودق الجوال, قال سعد بعد ان حاول أن يصف لي مكانه بكل وسائل الايضاح الممكنة: تدري, ادخل من البوابة الرئيسية ثم استعمل جوالك الذي يبدو انه لا يقوم بدوره مع اشكالك!!.
وحتى عندما خرجت من الطبيب بادر هو بروح اخوية وقال سأوصلك الى مكتب سعد, بالتأكيد انت لا تعرف اين هو, سرت وراءه كطفل مطيع الى ان ادخلني المكتب, وكنت في الطريق اليه مع الدكتور اجتاز الممرات الزجاجية (هكذا بدت لي) فأحس كما لو كان ثمة مرايا على الحيطان, والمصاعد لا تتوقف عن تنزيل وتحميل الناس الذين احسدهم كيف (يدلون) وحدهم.
ولوا ان احد الاصدقاء طلب مني حين انهى مأموريتي في المستشفى ان اهاتفه لما تركت مكتب سعد حتى يجيء المساء موعد رحلتي الى حائل.
ليس الأمر أنني: (راس ضب) فقط, ولكن الرياض العظيمة تتسع في سباق مع الزمن وتكبر لتصبح من كبريات واجمل مدن العالم.
* الحوايلة جمع (حايلي) يا بعد حيي!.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved