Saturday 11th September, 1999 G No. 9844جريدة الجزيرة السبت 1 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9844


أنهكته عوامل التعرية والأيدي العابثة
مرقب الشنانة بالرس لايزال صامداً يحكي ملاحم البطولة

تحقيق :منصور محمد الصائغ
برج الشنانة,, صرح أثري كبير رغم تعاقب السنين عليه ورغم ما يلقاه من أيدي العابثين فقد بقي رمزا من رموز البطولة والفداء,, بقي شاهدا على بسالة أهله وقوة بأسهم، شاهدا على شجاعتهم وتضحيتهم بأنفسهم الغالية في الدفاع عن بلادهم يحدوهم الأمل في العيش الرغيد والحياة الهانئة السعيدة,, ناصر أهله صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز رحمه الله وانتصروا لدينهم حتى تكون كلمة الله هي العليا, وهذا البرج الشاهق الذي بقي منذ عام 1111ه حتى عصرنا الحاضر يروي للزائرين قصة البطولة والفداء التي كان يتمتع بها أهالي الحزم.
ويسرنا من خلال هذه السطور أن نلتقي بمجموعة من المختصين للتعريف بهذا الصرح وكيف يمكن المحافظة عليه من الانهيار.
معلم وصرح أثري
بداية حدثنا الاستاذ المؤرخ عبدالله بن صالح العقيل وكيل مركز التدريب المهني بمحافظة الرس وقال:برج السنانة الصرح الأثري والمعلم الذي يقع في بلدة (الشنانة) التي تقع في الجهة الغربية من مدينة الرس، وهي تنطق بكسر الشين المشددة وفتح النون بعدها ألف ثم نون اخرى مفتوحة فتاء مربطوة ساكنة.
ويقول عنها الشيخ محمد العبودي في (معجم بلاد القصيم 3/1289) بأنها نسبت الى (الشنان) وهو شجر الحمض الذي ينبت حولها, ويقول: انها كانت من القرى الهامة في المنطقة ويدل على ذلك مرقبها عالي الارتفاع والذي لا يزال قسم منه باقيا شاهدا على ما بلغته تلك البلدة من القوة في الماضي, ويذكر العبودي أيضا بانها كانت عامرة ومزدهرة وان آخر عهدها بالعمران والازدهار عندما نزلها عبدالعزيز بن متعب بن رشيد عند منازلته للملك عبدالعزيز بن سعود رحمه الله ومن معه من أهل القصيم بعد معركة البكيرية عام 1323ه حيث عمد هو وجنوده الى نخيلها فقطعها بغية التدمير ولأجل أن يأكل جنوده ثمارها.
وذكر العبودي بأن أهل البلدة تركوها بعد التدمير وعمروا بديلا لها الى الجنوب منها وفيها مزارع النخيل، ثم يذكر بأن اسم الشنانة يتردد كثرا في المعارك التي حدثت بين العسكر المصريين وبين أهالي نجد بدأ من معارك الدرعية وما بعدها، ثم المعارك التي حدثت بين عبدالعزيز بن سعود وعبدالعزيز بن رشيد.
أقول: وهذا يدل على ان أهل الرس عامة وما حولهم من السكان في المناطق الغربية مثل الشنانة وقصر ابن عقيل وقصر البطاح والرويضة كان لهم من البطولات والشجاعة ما يرويه الأوائل والأواخر ويتفاخر به الجميع ويحق لهم التفاخر حيث كانوا يدافعون عن أنفسهم وأعراضهم ويتصدون لمن يغير عليهم وعلى أموالهم وحلالهم, ويروى ذلك في أشعار شعراء الحرب في مدينة الرس مثل: سليمان بن شايع القتال، وابراهيم بن دخيل الخربوش، وصالح بن محمد العوض، ودخيل بن مخيط المطرفي، وحمد بن محمد العوض، وخلف الوقيت الخلف، وموضي اسعد الدهلاوي، وغيرهم.
وبلدة الشنانة كان يتولى امارتها أسرة (المجاهد) من الخليفة من الرس حيث كانوا يسكنونها ويعمرونها, وبعد التنظيم الإداري الجديد للمناطق صارت الشنانة مركزا يتبع محافظة الرس, ويرأس مركزها حاليا (مجاهد بن عبدالرحمن الخليفة) وفيها مجموعة من المدارس والمساجد والمرافق.
أما عن (برج الشنانة) الذي لا يزال باقيا الى عهدنا الحاضر فقد بني عام 1111ه وكان طوله شاهقا يستعمل في الحرب, بناه رجال من أسرة الخليفة سكان الشنانة سابقا وحاضرا, ليكون متراسا لهم وقت الحروب، وتوجد في داخله سلالم توصل الى أعلاه, وقد تعرض لقصف المدافع أثناء الحروب التي وقعت في منطقته، كما أثرت عليه عوامل التعرية وبعض الأيدي الطائشة فتهدم أكثره وبقي منه الآن حوالي 30 مترا ويوجد بجوار البرج مجموعة من الآبار المطوية التي يجلب منها الماء قديما لسقيا القرية، كذلك آثار للقرية والمسجد قد تهدمت بفعل الزمن وتعاقب عوامل التعرية عليها.
وقد قامت ادارة الآثار في عام 1399ه بترميم البرج بالطين لكن ترميمه لم يكن على الوجه المطلوب فتشققت جدرانه وتهدمت بعض جوانبه وقام بعض العابثين بإتلاف السلالم الداخلية فيه, وهي دعوة لإدارة الآثار لإعادة ترميم البرج وما حوله من المساكن والمسجد, حتى يبقى معلما من المعالم الهامة للمدينة والقرية التي حوله.
قال عنه عبدالله بن محمد الرشيد في ( كتاب الرس ص 1235),, ويذكر ان الذي قام بنفقة البناء فهد السليمان بن خليفة وتولى بناؤه مجموعة من الأهالي منهم محمد بن سالم بن ضويان، ومضى على البرج أكثر من قرنين من الزمان وهو يتحدى عوامل التعرية واعتداء البشر عليه، ويوجد في البرج كتابة تاريخ تشييده ويزوره كثير من محبي المناطق الأثرية، وبعض زوار مدينة الرس من الضيوف.
وإذا أردنا التحدث عن حرب الشنانة بين عبدالعزيز آل سعود وعبدالعزيز بن رشيد رحم الله الجميع فإن الحديث ذو شجون وممتع حيث تجلت بطولة أهل الرس في تلك المعركة التي أظهرت ما يتمتع به أبطال الرس من بسالة وشجاعة وذكاء في الحرب حيث تصدوا لابن رشيد وجنوده كما تصدوا سابقا لابراهيم باشا وجماعته وهزموهم هزيمة منكرة.
وقصة تلك المعركة رواها أمين الريحاني في كتاب (تاريخ نجد الحديث ص 143) كما أوردها عبدالله الرشيد في كتاب (الرس ص 33) وأوردها فهد الرشيد في كتاب (شعراء من الرس ص 24)،اما الأشعار التي قيلت فيها فهي كثيرة.
دعوة لاستثمار المعلم سياحياً
بعد ذلك حدثنا الاستاذ علي العامر الغفيلي الموجه التربوي بادارة التعليم بمحافظة الرس وقال:
لا شك ان مرقب الشنانة الأثري يعتبر معلما سياحيا وتاريخيا لأهالي الرس خاصة ومنطقة القصيم العامة وله تاريخ جيد يشهد على توحيد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه عندما حدثت معركة أمام بن رشيد وكانت النصرة والغلبة للملك عبدالبعزيز, وحقيقة مرقب الشنان الذي يقف شامخا طوال هذه السنوات الماضية يحتاج الى اهتمام وعناية من حيث الصيانة والمحافظة عليه من الاندثار كما يحتاج الى طريق مسفلت يوصل إليه كونه يقع وسط منطقة ترابية وشعاب, والكثير يزور هذا المرقب يوميا لشكله الرائع وتعريف الصغار خاصة عن تاريخ هذا المرقب كما هو بحاجة لاستثمار المستثمرين بإقامة خدمات سياحية حوله، مثل المطاعم والملاعب وزراعة المنطقة التي حوله وصيانة بعض البيوت القديمة والقلاع,, ومنطقة مرقب الشنانة عرفت قديما بأن كانت قرية متكاملة في أسواقها ومساجدها وقلاعها ومزارعها وما زالت بعض الآثار موجودة مثل المباني المساجد حول هذا المرقب ونحن نأمل من المهتمين بالآثار زيارة هذا المكان ومشاهدة ما يضمه من آثار تاريخية بحاجة الى اهتمام وعناية والتاريخ شاهد على هذا المكان وما تحقق به من بطولات أيام توحيد المملكة خاصة وان معركة الشنانة او موقعة الشنانة كانت قريبة منه ولنا رجاء ان يتم الاهتمام بهذا المرفق السياحي الأثري.
كما تحدث مدير التعليم بمحافظة الرس الاستاذ محمد بن صالح الغفيلي وقال انها مناسبة غالية بأن اتكلم عن هذا المرقب الأثري الذي هو بحق من المعالم الأثرية بمنطقة القصيم ويقع في بلدة الشنانة المشهورة في تاريخها البطولي,, وهذا المرفق الذي يتوافد اليه يوميا كثير من السواح من منطقة القصيم وخارجها يحتاج الى اهتمام أكبر خوفا عليه من الاندثار والدمار ،وقد سبق وان قامت وزارة المعارف مشكورة بصيانة المرقب ولكنه بحاجة الى اهتمام أكبر وخاصة في السنوات الأخيرة,, ومن ملاحظاته لهذا المعلم ان تقام حوله خدمات للزائرين ويتم حوله وضع لوحات ارشادية تحكي البطولات التي دارت حول هذا المرقب واقامة متحف أثري لاطلاع السواح على ماضي هذه المنطقة من أوان وملابس، كذلك اقامة وحدات سكنية وتشجير المنطقة المحيطة حوله والشعلة والإنارة وملاعب للأطفال وغيرها لأن المنطقة مهمة جدا او لها تاريخ شاهد على توحيد المملكة على يد موحدها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه .
ونحن نرى في الفترة الأخيرة زيارة كثيرة لهذا المرقب من قبل الوفود الشبابية والعوائل من كافة المناطق ونتمنى ان تقوم الجهات المختصة بعمل اللازم حيال هذا المرقب الأثري التاريخي السياحي.
الشنانة شاهد على البطولة والتضحية
كما حدثنا أحد ابناء بلدة الشنانة الاستاذ محمد بن سليمان المجاهد الخليفة وكيل المعهد العلمي بمحافظة الرس وقال تقع هذه البلدة على ضفاف شعبين ممتدين من جبلي القشيعين الى وادي الرمة ,, بلد النخيل والرومان بلد الخير والأمان ينبع منه الصفاء والوفاء دافئ الجوانب محط الآمال ومقام الرجال بلد عبره التاريخ كسائر البلدان التي امتدت اليها يد العطاء الكريمة من حكومتنا المعطاءة,, فقد اسست فيها- الشنانة- المدارس فشمل التعليم الكبير والصغير وقد اعطيت حقها كاخواتها من الخدمات الطبية والزراعية والاجتماعية والادارية لها تاريخ عميق سجل في بطون الكتب كتب عنها المؤرخون بموقعتها المشهورة موقعة الشنانة صمدت في هذه المعركة بكل قوة وشموخ فنزلت بها العقوبة من أيدي البغاة فضرب شيوخها حتى الموت لأنهم قالوا الشعر المحفز على الجهاد والصبر والدفاع عن النفس وهب شبابها حاملين السلاح دفاعا عنها ومن فيها من الشيوخ والنساء والصبيان وقطعت نخيلها التي بلغت سبعين بستانا تضم آلاف النخيل والأشجار المثمرة فمحت أيدي العداء آثارها التاريخية ولم يبق منها شاهد إلا هذا المعلم الشامخ فوق هام السحب المرقب حتى اصبح معلما تاريخيا وأثرا وضاحا يدل على الكفاح والصبر, هذا المعلم المتهالك الآن الذي اهتمت به وزارة المعارف مشكورة في ترميمه حتى اصبح هذا الاهتمام قديما فامتدت إليه أيدي الخراب والدمار الذي هدد جوانبه فاصبح يبكي مع هبوب الرياح ويشتكي عند نزول المطر يتضرع كل سنة الى مولاه في البقاء لعل يد الخير تمتد إليه فتعيد مجده وتاريخيه في اصلاح المسجد وبئر الوضوء وغرف خدمة المسجد وطلاب العلم والسور المحيط به وطريق مسفلت يربطه بالطريق العام حتى يصله الزوار والسواح,, فاحياء التراث والاهتمام به يدل على الاصالة والعرفان بالجميل لمن عمروا الديار وأحيوا الآثار، فأهيب بالمسؤولين عن الآثار الاهتمام بهذا الأثر واصلاح ما تهدم منه حتى يكون معلما تاريخيا من معالم محافظة الرس لتكون ضمن العلامات البارزة في منطقة القصيم التي بذلت حكومتنا جهدها في خدمة هذه البلاد ورفع مستواها حتى اصبحت تضاهي الدول المتقدمة في جميع مجالات الحية تحت قيادة رشيدة على يد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الأمين والنائب الثاني والشعب السعودي أدام الله على هذه البلاد الأمن والاستقرار.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
حوار
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved