Sunday 12th September, 1999 G No. 9845جريدة الجزيرة الأحد 2 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9845


حديث الأحد
المعادلة الصناعية إلى أين ,,؟
عبدالله الرفيدي

التقى وزراء الصناعة الخليجيون مؤخرا لبحث التعاون المشترك وخلق استراتيجية موحدة في النهوض بالصناعات الوطنية, وخرج المجتمعون ولم يكن ضمن قراراتهم الكثير من التفاؤل لأهل الصناعة, فالذي يحدث في دول المجلس التنافس الشديد فيما بينها في كل صناعة, فصناعة التغليف مثلا شهدت تنافسا محموما,, فمن واقع قصة كنت وما زلت قريبا منها وهي ان هناك ثلاثة مصانع للتغليف في الخليج واحد منها في الدمام والآخر في عمان والثالث في دبي وقد عانى مصنع الدمام الأمرين من الاغراق الذي يمارسه مصنع عمان الذي يريده بعض من الفئات الهندسية المعتادة على النمط الضعيف في إدارة المصانع.
وقد ادى خفض الاسعار الذي قام به مصنع عمان الى ان يجبر مصنع الدمام على الخفض والوصول الى التكاليف احيانا، واحيانا اخرى الى تحقيق خسائر,, ومع مرور الوقت وبفضل الادارة الجيدة في مصنع الدمام تأثر كثيرا مصنع عمان وعرض نفسه على المصنع الآخر للبيع وطلب منه ان لم يكن هناك شراء ان يرفع من الاسعار حتى ينقذه من الافلاس,, وبعد فترة من الزمن تواجد مصنع في دبي ليزيد الطين بلة في سوق حجمه صغير اصلا لتكون المنافسة بين مصنع دبي والدمام مع ضعف المصنع الثالث المتسبب اساسا في المشكلة,, وما زال القائمون على المصانع الثلاثة يبحثون عن آلية ترضي الجميع حيث ان مصنع الدمام استطاع تجاوز محنته اما الباقيان فيترقبان الاحداث لتكرار الاغراق مرة اخرى.
اما المصانع ذات القوة والتفرد في المنطقة فإنها تمارس بقوة التعويض عن خسائرها في الاسواق العالمية بالضغط على الداخل لمعرفته بأن الحماية غير موجودة مثل ما تقوم به سابك من رفع للأسعار كيفما شاءت وخرج لها منافس في بعض الصناعات الاساسية مثل بروز مصنع في الكويت يبيع بسعر اقل وبخدمة افضل ودون تعطيل للمصانع المحتاجة للمواد الخام,, مثل ما تقوم به سابك,, هذا الوضع غير المنطقي في الوقت الذي تمارس فيه الجماعات الاقتصادية الاخرى اساليب الحماية مثل ما تقوم به المجموعة الاوروبية من محاربة لأي منتج تشعر انه يهدد صناعاتها,, فرأينا كيف فرضت ضريبة 6% على منتجات الالومنيوم على المصانع الخليجية.
وما زلنا حتى الآن نتباحث في توحيد التعرفة الجمركية فكيف بتوحيد استراتيجيات الصناعة,, اننا منطقة صغيرة وتحتاج الى الرأي الواحد وليس الى المنافسة واعطاء العنصر الاجنبي الفرصة في اللعب كيفما يشاء في مقدراتنا المالية والاستثمارية الضخمة,, واتساءل ماذا فعلت منظمة الخليج للاستثمارات الصناعية والامانة العامة لمجلس التعاون في هذا التباين الحاصل بين المصانع الخليجية؟, لقد تحدثت من قبل حول هذا الموضوع ولكن دون مستجيب.
اننا نرى اوروبا بتعدد دولها وجذورها كيف تنسق في الصناعة، فالدولة التي لديها صناعة قد تتأثر بخروج منافس من دولة اوروبية اخرى تمنح التشجيع والحماية ويكون هناك توزيع بين الدول في الصناعات.
أما نحن فما زلنا لا نعرف على ماذا نتفق,, وهنا نقول ان من الضروري ان يلتقي وزراء الصناعة الخليجيون نحو استراتيجية موحدة في تقسيم الصناعة وان يكون هناك توحيد في الاسعار فيما بينها واعتقد ان هذا لا يحتاج الى جهد وخاصة في الصناعات البتروكيماوية وما يتبعها من صناعات رديفة, والا يعطى مصنع الحرية في أن يدير السوق كيفما يشاء فالتوزيع الجغرافي للفرص الصناعية وايجاد سياسة تسويقية موحدة للمصانع المتشابهة والقائمة امر في غاية الاهمية حتى نتمكن من ان ننشغل بما تقوم به اوروبا ضد مصانعنا فرجل الاعمال لا يطيق ابدا ان يجد الصعوبة من الداخل بدلا من الخارج,, لأن نهاية استثماره بلا شك هو الافلاس وتحمل ديون طائلة للغير من البنوك وصناديق الدعم المالي, وهناك صناعة اخرى وهي ذات أهمية والحمد لله اننا متفقون عليها وهي النفط وتصديره للأسواق العالمية.
لقد رأينا جميعا كيف ارتفع من 7 دولارات الى 23 دولارا اي ثلاثة اضعاف وهذا من شأنه ان يرفع من العائد المالي للبرميل بشكل كبير,, واول من استبشر بذلك سوق الاسهم المحلي,, وقد مارست المملكة سياسة ناجحة جدا في دفع عجلة الاسعار نحو الصعود بفرض الامر الواقع وتغليب منطق العقل على المصالح الفردية بين الدول المنتجة, وبالطبع رفع الاسعار يعني انخفاضات مستمرة لمخزونات النفط العالمية التي كانت تستخدم بقوة ضد الاسعار,, والبعض يعتقد ان تلك الدول تتأثر داخليا بشكل جذري من رفع الاسعار والتي هي في الاساس تفرض ضرائب ضخمة على كل برميل,, وبالطبع في هذا الوضع لا تستطيع ان ترفع الضريبة مع انني لا استبعد اي فعل من اوروبا التي وصلت في حروبها الاقتصادية الى الموز وصالت وجالت سابقا حول ابتداع قضية الكربون,.
ولكننا تفاجأنا بصوت يخرج من اواسط امريكا الشمالية يطلب محاكمة الدول الرئيسة المنتجة للنفط ويتهمها بانها قامت بالاغراق في الولايات المتحدة, هذا الصوت الذي لم يصدر الا بعد ان ارتفعت الاسعار ماذا يريد منا؟! انها محاولات بدأت من كيسنجر حتى منظمة الطاقة ثم استخدام الاعلام وخاصة الوكالات الاخبارية التي تبث اخبارها الى العالم اجمع وانتهاء بهذه المجموعة التي تطلب المحاكمة.
والغريب حقا ان نسمع صوتا يقول على الدول المنتجة ان ترفع انتاجها بعد شهر مارس القادم لاحداث توازن في الصعود السعري للبرميل,, وهنا اقول لهذا الخبير ان الدول الكبرى لديها مخزونات هائلة كثيرا ما استخدمتها في كسر الاسعار وخاصة في احلك الظروف الاقتصادية العالمية اولا بعد حرب الخليج الثانية التي استنفدت الاموال الطائلة والثانية اثناء وبعد الركود الاقتصادي الرهيب الذي اصاب آسيا وبعض الدول,, أرى انه يجب على دول الأوبك ان تحافظ على تماسكها وان تسعى بكل قوة في الحفاظ على المستوى الحالي من الانتاج لافراغ الخزانات العملاقة لهذه الدول حتى يكون هناك توازن حقيقي بين العرض والطلب,, ويعود النفط الى سعره الحقيقي الذي اعتبره منطقيا وهو 30 دولارا مثلا,, واذا قارنا بين عائدات النفط والعائدات الاخرى للدول الصناعية لصناعة السلاح والحاسب الآلي والسيارات ,, لوجدنا ان ايّا منها عائدها اكثر من النفط,, إلا أن الحقد الأعمى ينصب علينا دائما من هذه الدول وتقول دائما ان النفط له عوائد ربحية ضخمة جدا تكفي الدول المنتجة وتفيض,, بينما عندما نتحدث عن فائض تجاري لدولة صناعية او بلوغ ربح شركة من شركاتها المليارات فهذا أمر لا ينبغي ان نخوض فيه بالرغم من الممارسات الحكومية التي تفرض على الصناعات المنافسة التي تظهر في اي دولة,, ولعل العولمة ومنظمة التجارة التي ينبغي الانضمام إليها الحصول على اذن من الدول المسيطرة هو بداية لسيطرة جديدة على اسواق العالم وانهيار صناعات عديدة ناشئة.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved