Friday 17th September, 1999 G No. 9850جريدة الجزيرة الجمعة 7 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9850


نور الحق
أوجه معارضة الخلق لنصوص الوحي (3)
الشيخ / عبد الله بن صالح العبيلان *

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
مما تعارض به نصوص الوصي معارضتها بالرأي ، ويسمى القياس الفاسد لذلك يقول الفقهاء:
لا قياس في مقابلة النص، والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر بانه سوف يأتي بآخر الزمان اقوام يعارضون النصوص بآرائهم، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ان الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من الناس؛ ولكن يقبضه بموت أهله، حتى اذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا برأيهم فضلوا واضلوا) وثبت عن علي - رضي الله عنه - انه قال: لو كان الدين بالرأي لكان اسفل الخف اولى بالمسح من اعلاه، وقال الامام احمد - رحمه الله تعالى - عجبت لقوم عرفوا الاسناد وصحته يذهبون الى رأي سفيان والله يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم) اتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك ، لعله اذا رد بعض قوله ان يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
وقد يكون الرأي الذي يعارض به النص مصوغا باسلوب بياني خطابي، فتجد عند بعض الناس اسلوبا بيانيا حسنا، يعارض فيه الكتاب والسنة بحيث يقلب الحق باطلا والباطل حقا وقد نبه الله - عز وجل - على ذلك بقوله: (يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا) الآية وقوله: (واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم) الآية,, فالباطل دائما يحتاج الى تلميع وبهرجة قال تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول) الآية,, وروى الشيخان من حديث ابي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان دية جنينها غرة عبد او وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها فورثها ولدها ومن معهم) فقال حمن بن النابغة الهذلي: يا رسول الله كيف اغرم من لا شرب ولا اكل، ولا نطلق ولا استهل، فمثل ذلك يطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انما هذا من اخوان الكهان) من اجل سجعه الذي سجع، فمثل هذا الاسلوب في رد النصوص قد يقنع الجهلة، والا فالنبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (ان من البيان لسحرا) الحديث، فلا يغتر بحذلقة متحذلق، او فيقهة متفيهق او تشدق متشدقّ، بل كما قال الله تعالى: استقم كما امرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما انزل الله من كتاب).
وهذه المعارضة انما قامت بسبب الدعوى الكاذبة العريضة ان النصوص لا تفي بالدين ولا تكفي لتنظيم حياة الناس وهم في هذا صنفان:
1) صنف يقول به صراحة, 2) وصنف يعد ذلك من لوازم مذهبه.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في قول بعض اهل الكلام وغيرهم بان النصوص لا تفي بالشريعة كلها او قولهم بان النصوص لا تفي بعشر معشار الشريعة، قال: هذا القول قاله طائفة من اهل الكلام والرأي كأبي المعالي وغيره وهو خطأ بل الصواب الذي عليه ائمة المسلمين ان النصوص وافية بجمهور احكام افعال العباد، وذلك ان الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بجوامع الكلم فيتكلم بالكلمة الجامعة العامة التي هي قضية كلية وقاعدة عامة تتناول اعيانا لا تحصى فبهذا الوجه تكون النصوص محيطة باحكام افعال العباد.
ومما تعارض به النصوص معارضتها بتحكيم العواطف، ومما لاشك فيه ان موالاة المؤمنين ومحبتهم والغيرة عليهم مطلوبة من المسلم، فيطلب منه ان يكون مواليا للمؤمنين، معاديا لحزب الشيطان، يحب ويبغض لله - عز وجل - الا ان العاطفة يجب ان تكون بعد العلم والعقل، ولو قدمنا العاطفة عليهما؛ لحصل في طريقنا ومنهاجنا الفساد العظيم، وتأمل قوله تعالى: (الم تر الى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم ان كُتب عليكم القتال الا تقاتلوا قالوا ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وابنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم والله عليم بالظالمين) الآية, والله الموفق.
*المدير العام لفرع وزارة الشئون الإسلامية بمنطقة حائل

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved