Friday 17th September, 1999 G No. 9850جريدة الجزيرة الجمعة 7 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9850


رياض الفكر
مسابقة الأمير فيصل بن فهد للسنة النبوية
سلمان بن محمد العُمري

رحمك الله ,, أبا نواف.
رحمك الله,, رحمة واسعة ,, رجل المروءة والشهامة.
والى جنات الخلد,, فيصل بن فهد ان شاء الله.
الموت حق,, وكلنا سائرون على هذا الطريق,, ولا يبقى الا العمل الصالح لبني آدم, ورغم ايماننا القوي بهذه الحقيقة الا ان اصداء الخبر الفاجعة,, الذي اذهل الصغير قبل الكبير، الفقير قبل الغني، العليل قبل الصحيح، مازالت تتردد ليس في مملكتنا الغالية فحسب؛ بل وفي ارجاء الوطن العربي.
نعم,, فمن منا لا يعرف صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - وأنزله منزلة الصديقين والشهداء.
من منا لايعرف رجل الخير والكرم,, بعطاءاته وبذله وتضحياته من أجل خير شباب الوطن ورفاهيته.
فيصل بن فهد الاسم العلم الذي كان وسيظل رمزا وقدوة تحتذى,, لم ألتق به، ولكن شاهدته، وسمعته شأني شأن الملايين غيري,, ولقد كان دوما نعم الرجل,, ونعم الامير الانسان، اتذكر موقفا معي لايمكن ان انساه ما حييت لهذا الرجل العظيم - رحمه الله - وذلك حينما كتبت موضوعا قبل عشر سنوات في مجلة اليمامة عندما كان رئيس تحريرها الدكتور فهد الحارثي,, واعتبر في حينه موضوعا غاية في الجرأة والموضوعية,, وسبَّب صداعا لبعض المسؤولين في وزارة العمل والشئون الاجتماعية في ذلك الوقت,, وهو بعنوان الاحداث,, اغتصاب, عنف,, ترويج مخدرات .
وفي اليوم التالي من نشر الموضوع جاءني اتصال هاتفي من قصر صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد -رحمه الله - وقيل لي الامير يريد التحدث معك,, وسمعت صوت سموه ، ولايزال صدى كلماته يتردد على مسمعي حتى وقت كتابة هذه السطور، لقد قال لي:
ياسلمان، اهنئك على طرحك، وكم نحن بحاجة لمثل هذه الطروحات التي تناقش بعض المشكلات والقضايا في المجتمع .
وان هي الا ايام قليلة حتى وصلتني شهادة شكر وتقدير بتوقيع امير الانسانية - رحمه الله - لقد كانت تلك الشهادة ومازالت موضع فخر واعتزاز لي، وسأبقى احتفظ بها ما حييت لانها شهادة رجل احببناه حيا، وسنظل نحبه ميتا.
لقد كان امير الشباب رغم مشاغله العديدة متابعا لما ينشر، وقارئا متميزا يعرف جيدا الفرق بين السمين الطيب والغث الرديء.
لقد حداني لكتابة تلك الذكرى خاطرة شغلت بالي، وارجو الله ان يكون فيها الخير كل خير، فلقد انتقل الامير فيصل بن فهد - باذن الله - الى رحمة ربه والى جنان الخلد - ان شاء الله - الا ان اعماله الخيرة في حياتنا الدنيا سوف تظل باقية تخلد ذكراه العطرة.
لقد عرفناه بطلا وفارسا في مجال الرياضة حيث حقق في شتى مجالاتها خطوات جبارة نحو الامام سواء كان ذلك على مستوى المملكة او الوطن العربي، وكان بحق اميرا للشباب بكل ما تعنيه هذه الكلمة، فهو لم يترك بابا فيه خير لشباب العرب والمسلمين الا وطرقه.
ويبقى - مع ذلك كله - الوجه الاهم لصاحب السمو الملكي الامير فيصل، وهو وجه الخير والكرم والعطاء الذي لا ينضب، فقد كان سموه ابا حنونا لليتامى والمعاقين، كما كان عونا لكل محتاج، والتفاصيل كثيرة ورائعة ويعجز القلم في هذه المساحة المحدوة عن حصرها وهذا هو الطرف الاول من الخاطرة، وهو نفسه ما شجعني على ما سأقترحه ايمانا مني بان سموه - رحمه الله - ما كان ليتردد ابدا في الموافقة على اي عمل فيه خدمة للاسلام والمسلمين.
ولقد سبق لي ان طرحت في زاويتي هذه رياض الفكر موضوعا حول اهمية العناية بالسنة النبوية المطهرة فهي المصدر الثاني للتشريع والنهج الاسلامي بعد القرآن الكريم، وفي الحث عليها هناك الكثير من الآيات والاحاديث الشريفة، وقيمتها عند المسلم كبيرة غالية، ولا يختلف عليها اثنان، فهي التي تنظم تفاصيل الحياة الاسلامية، والتمسك بها واجب، الحفاظ عليها مطلب ضروري، وخاصة مع حاجتنا وحاجة ابنائنا من الناشئة والشباب - الذين هم جيل المستقبل - التي تزداد يوما بعد يوم الى الاعتصام بحبل الله المتين المتمثل في كتابه الكريم وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك العالم الذي تتسارع تطوراته واحداثه.
وفي مقالي السابق رجوت الله تعالى ان يمكن المسئولين على امور الشباب والناشئة، والمهتمين بتربية الاجيال الصاعدة من ان يولوا السنة النبوية الشريفة اهتماما مماثلا بالقرآن الكريم وان تقام مسابقات للسنة النبوية، محلية، ودولية وان ترصد لها الجوائز القيمة، ومن هذا المنطلق يكتمل العقد للطرف الثالث من العرض ، وهو الجمع بين اسم امير الخير فيصل بن فهد؛ مع سنة خير الانام - صلى الله عليه وسلم - وذلك بانشاء مسابقة تحمل اسم مسابقة الامير فيصل بن فهد للسنة النبوية والتصور النهائي لها يكون على ايدي ذوي الاختصاص ولكن نضع رؤوس اقلام علها تكون انارة لطريق طيب مبارك - ان شاء الله -.
فالمسابقة وعلى غرار مسابقات القرآن الكريم تكون سنوية ويرصد لها ميزانية تليق بها، على نمط مسابقة جائزة صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم، وتوجه للناشئة والشباب ذكورا واناثا من ابناء هذا البلد الطيب المبارك، وبالطبع تكون هذه المسابقة كوقف خيري، وهي ان شاء الله ستكون من الاعمال الصالحة، والصدقات الجارية التي يقول فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث، صدقة جارية، او علم ينتفع به، او ولد صالح يدعو له) رواه مسلم، وابو داود والترمذي والنسائي واحمد في المسند وهي ان شاء الله من الصدقات الجارية والعلم النافع.
اما رعاية المسابقة فان اكثر من يستحق هذا الشرف هم اخوة الفقيد وابناؤه تخليدا لذكراه العطرة الزاخرة باعمال الخير والانسانية.
والتنفيذ يكون اما عن طريق وزارة الشئون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، او جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض، او الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة او جامعة ام القرى بمكة المكرمة، بالتنسيق مع الرئاسة العامة لتعليم البنات، والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة.
ونتوقع بمشيئة الله تعالى وتوفيقه ان ينال هذا الامر من الحظ ما كان لمسابقتي القرآن الكريم المحلية والدولية وذلك حتى يكتمل العقد على الاهتمام بالامرين معا عملا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ابدا كتاب الله وسنتى)، والحمد لله فان كتاب الله الكريم يشهد في بلادنا من العناية والاهتمام كل ما هو جدير بقداسته وجلاله من حفظ بالسطور والصدور وقد ادى التشجيع حفظه وتجويده وتفسيره من خلال جمعيات تحفيظ القرآن الكريم والمسابقات الى تزايد عدد الحفاظ والحافظات في بلادنا حتى بلغت هذا العام اكثر من (270) الف طالب وطالبة في الجمعيات فقط، ولاشك ان السنة النبوية حية بين جوانحنا، وهي بحاجة لنفس التشجيع ولئن فعلناها اكثر وجعلناها مجالا للتنافس الشريف الطيب بين ابنائنا حفظا وفهما ووعيا لكان النفع اكثر والخير اعم في الدنيا والآخرة - ان شاء الله -
إن مسابقة الامير فيصل بن فهد للسنة النبوية مجرد فكرة، ولكنها فكرة طيبة، اشعر انها قريبة المنال وممكنة التحقيق في بلد الخير، والاكثر من ذلك هي اكثر من مسابقة عادية كونها تهتم بثاني مصدر للاسلام والمسلمين الا وهي السنة النبوية المطهرة، انها فكرة نطرحها على البساط بانتظار ان نسمع اخبار المتسابقين والمتسابقات على شرف الفوز بجوائز مسابقة امير الخير - يرحمه الله -
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved