أمستردام سلمان العُمري
نوه مدير المجلس الاستشاري للشؤون الإسلامية في لاهاي بدولة هولندا د, سفيان ثوري سريجار بما تبذله المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من جهود كبيرة في دعم المؤسسات الإسلامية، في أنحاء العالم عامة، وفي هولندا خاصة.
واوضح ان المجلس الذي يجد كل دعم من كافة المسؤولين بالمملكة ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد يعمل على تنسيق العمل الدعوي، وكذلك تأليف وترجمة الكتب الإسلامية باللغة الهولندية، وأهمها ترجمة معاني القرآن الكريم الى الهولندية، وذلك على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تواجهه.
ونبه د, سريجار في لقائه مع (الجزيرة) الى المشاكل والخلافات التي تعاني منها الجالية المسلمة في هولندا، حيث تكثر البطالة، وحالات الطلاق، والخلافات بين الجماعات الموجودة في الساحة، مشيرا الى أهمية التربية الإسلامية وتكوين الشخصية الإسلامية المتكاملة لتحصين شباب المسلمين من أخطار معركة الهوية التي تهددهم.
وفيما يلي نص اللقاء:
* بصفتكم مديرا للمجلس الاستشاري للشؤون الإسلامية في هولندا,, هل لنا من نبذة حول العمل الذي يضطلع به المجلس في خدمة العمل الإسلامي؟ وما أهم الانجازات التي حققها حتى الآن؟
الدور الذي يقوم به المجلس الاستشاري للشؤون الإسلامية في هولندا، هو تنسيق العمل الدعوي بين الدعاة ورؤساء وأئمة المساجد في هولندا، كما أنه يعمل على تزويد المسلمين الهولنديين خاصة الجدد بالمعلومات والدروس العلمية الاساسية الإسلامية، وكذلك تأليف وترجمة الكتب الإسلامية باللغة الهولندية.
وقد تمكنا بفضل من الله تعالى ثم بجهود العاملين في مجال الترجمة بالمجلس من إصدار عدد كبير من الكتب القيمة منها: كتاب الصوم في الإسلام، ومناسك الحج، والأدعية النبوية من خلال ترجمة كتاب الكلم الطيب للشيخ ابن تيمية كما قمنا بترجمة كتاب رياض الصالحين بالاضافة الى ترجمة معاني القرآن الكريم الى اللغة الهولندية، ويوجد أيضا في هولندا أربع دعاة تابعين للشؤون الإسلامية.
* ما المشكلات التي تواجه العمل الدعوي والإسلامي؟
هناك الكثير من المشاكل ولكن أبرزها في هولندا: وجود الخلافات بين الجماعات الموجودة في الساحة، وكثرة البطالة لدى عامة المسلمين، وكذلك كثرة حالات الطلاق بينهم, ومن المشاكل المستعصية ايضا بين أبناء الجالية المسلمة أنك مثلا تجد مسجدين في مكان واحد ولا تجد اية صلة بينهما، وكذلك تحدث الخلافات في تحديد بداية ونهاية شهر رمضان, أما بالنسبة لترجمة معاني القرآن الكريم الى الهولندية، فقد واجهت صعوبات كثيرة منها: عدم وجود كلمات هولندية لبعض الاصطلاحات القرآنية، ككلمة الصلاة، والحنيف، والحج، وترجمة أسماء الله تعالى وصفاته، وغير ذلك، الى جانب مشكلة عدم وجود المصحيين الجامعيين الذين يتقنون اللغتين الى جانب علوم القرآن الكريم، بالاضافة لعدم توفر الامكانات المادية لتغطية تكاليف المشروع.
* تبذل المملكة جهودا كبيرة في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان بأنحاء العالم وخاصة تجاه ابناء الأقليات والجاليات المسلمة حيث تسعى للاتصال بهم وتدعم كل عمل يحافظ على هويتهم الإسلامية,, كيف يجد المسلمون في هولندا هذه الجهود؟
للمملكة العربية السعودية جهود جبارة في دعم المؤسسات الإسلامية في أنحاء المعمورة عامة، وهولندا خاصة، حيث قامت المملكة بإقامة الكثير من المساجد في هولندا، كما تعمل على تقديم مساعدات كريمة للبعض الآخر سواء كانت من قبل الحكومة او من من المؤسسات الخيرية او من المحسنين جزاهم الله خيرا، وجعلهم ذخرا للإسلام والمسلمين,كما ان المملكة لا تدخر وسعا في دعم العمل الدعوي والإرشادي، ولا شك ان زيارة معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ لهولندا مؤخرا، وسوف يكون لها اثر كبير في دعم هذ المجال.
* كيف دخل الإسلام الى هولندا؟
بدأ وصول الإسلام في هولندا منذ 350 سنة حينما استعمرت هولندا إندونيسيا ولكن الوجود الفعلي للمسلمين في هولندا بدا بعد الحرب العالمية الثانية حينما استعانت دولة هولندا بأيدي عاملة رخيصة من المغرب وتركيا، لإعادة بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية.
وفي السبعينيات الميلادية من هذا القرن بدأ وصول عائلات العمال الى هولندا حيث وصل عدد المسلمين الآن الى حوالي 700,000 (سبعمائة ألف) نسمة من جنسيات مختلفة من أتراك، ومغاربة وسوريناميين، وإندونيسيين، ومصريين وصوماليين، وغيرهم من الجنسيات الأخرى.
* ما المشكلات التي تواجه المسلمين بسبب ذوبانهم في المجتمع الغربي بتقاليده المنحرفة؟
هناك مشاكل اجتماعية يواجهها المسلمون في هولندا حاليا، أخطرها ما يتعلق بمشاكل الشباب، حيث ان ابناء الجيل الثاني يعيشون ممزقين بين ثقافتين مختلفتين إن لم تكن متناقضتين، فلاهم اندونيسيين او مسلمين ولا هم هولنديين ويمكن ان نسميهم جيل بين بين فهم يعيشون ثقافتين مختلفتين: ثقافة تقليدية منزلية وثقافة اوروبية هولندية ووهم يعيشون في معركة خطيرة وصعبة، يتوقف عليها مصير مستقبل الجالية الإسلامية في هولندا، هي معركة الهوية كما ذكر ذلك فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس في خطبته في المركز الإسلامي في بروكسل ببلجيكا بمناسبة الملتقى الإسلامي والثقافي هناك.
ويزيد من خطورة هذه المعركة غير المتكافئة عدم وجود المجلس الإسلامي الذي يستطيع ان يحتضن جميع المنظمات الإسلامية من تركيا والمغرب وغيرهما من الجنسيات الأخرى، وكذلك عدم وجود المراجع والمصادر الإسلامية الكافية المترجمة الى اللغة الهولندية.
كما ان الإعلام الغربي له تأثير سلبي كبير تجاه الأسرة المسلمة، وهو ما يلزم معه مراقبة الأبناء ومشاركتهم في اختيار البرامج المناسبة لهم أثناء مشاهدتهم التلفاز حتى لا يحدث الضرر عليهم.
وهناك أيضا مشكلة التعليم غير الإسلامي، فالأبناء يسمعون شيئا عن الإسلام في البيت، ثم اذا ذهبوا الى المدرسة يسمعون شيئا آخر، مما يولد صراعا داخليا وفكريا وعائليا بين الآباء والأبناء, ويعاني الكثير من أبناء الجالية المسلمة في هولندا من الضياع، وقد اشارت احصائيات رسمية في هولندا بأن عدد السجناء في اربع مدن كبرى هي: امستردام، ولاهاي، وروتردام، وأوترخت (60%) منهم أبناء المهاجرين, وأبانت الإحصائية أيضا ان ربع أبناء الجالية المسلمة دون الثامنة عشرة لها سوابق مع البوليس (الشرطة) الهولندي في جرائم تتعلق بالمخدرات، كما ان اكثر من 25% من هؤلاء الابناء دون السنة الثامنة عشرة يغادرون المدارس بدون شهادة تؤهلهم لدخول الجامعات او التوظف بها.
* في نظركم ما الأسباب المباشرة التي تكمن وراء هذه الاحصائية؟
لا شك ان هناك أسبابا كثيرة، ولكن أهمها هو فقدان التربية الإسلامية بالرغم من وجود التعليم الإسلامي، فالتعليم لا يعد أكثر من كونه عملية لتلقين العلوم وإمداد الطلبة بالزاد العلمي بغض النظر عما اذا كان يطبق هذا العلم أم لا؟
اما التربية الإسلامية وهي عملية تكوين الشخصية الإسلامية المتكاملة فهي لا تقف عند زمن أو عمر معين، وهي ايضا تشمل البيت والمؤسسات التعليمية الرسمية وغير الرسمية، ووسائل التثقيف على مختلف مستوياتها وهو ما يحتاجه الشباب بالفعل للتحصين من خلاله ضد الأخطار التي تحدق بهم.
* تنظم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ملتقيات دعوية سنوية في أنحاء عديدة بقارات العالم، كان آخرها ملتقى خادم الحرمين الشريفين الإسلامي والثقافي في بروكسل والذي استهدف المشكلة الرئيسية في المجتمع الغربي وهي التربية الإسلامية كيف تثمنون هذا الملتقى؟
لا شك ان التوصيات التي تضمنها البيان الختامي للملتقى سوف يكون لها عظيم الأثر على مستقبل الجاليات والأقليات الإسلامية في أوروبا ونحن نشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، فهو لا يدخر جهدا في سبيل إنجاح الدعوة الإسلامية وإبلاغها إلى كافة أنحاء المعمورة.
كما نشكر معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، وكافة العاملين في هذا الملتقى على جهودهم الملموسة لصالح أبناء المسلمين في الغرب لإقامة هذا الملتقى الذي يرجى منه ان يحقق آمال المسلمين في المهجر.
|