Saturday 18th September, 1999 G No. 9851جريدة الجزيرة السبت 8 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9851


طليطلة وبعض الآثار
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

اسمها بلغة الأسبان اليوم تُلِيدُو ,, وأما الاسم العربي طليطلة فقد ضبطه أبوعبدالله محمد بن فتوح الأندلسي- تلميذ الإمام ابن حزم- بضم الطاء الثانية، وعلق ياقوت الحموي بقوله: وأكثر ما سمعناه من المغاربة بفتحها.
وسماها ابن دريد طليطلاء، وقال المقري في الجزء الأول من نفح الطيب: وسماها قيصر بلسانه زليطة .
وعلق أستاذنا الدكتور احسان عباس بقوله: صورتها الصحيحة توليطة,, وفي الروض المعطار: تولاطو,, ومعناه: فرح ساكنوها,, وتأويل ذلك: أنت فارح,, فعربتها العرب، وقالت: طليطلة,, اسمها في دولة بني أمية الثغر الأعلى .
قال أبوعبدالرحمن: من آثار طليطلة الباقية اليوم مسجد شارع الخراطين تُورينيريا والنسبة الى الذين يخرطون المعادن,, وهذا المسجد بناه المسلمون في القرن الثاني عشر ميلادياً على آثار رومانية بمكان مختلف المستوى - ارتفاعاً ونزولاً- اختلافاً شديداً؛ فبناء المسجد في الأعلى، ومدخله من شارع على مستواه,, ويحاذيه ولكن في منخفض بعيد صالة ذات أقواس ضخمة,, والرائي يتوهم أن المسجد من دورين، وان الدور الأعلى هو محل الصلاة,, والواقع ما أسلفته من محاذاة الصالة للمسجد ولكنها شديدة الانخفاض يخرج اليها من المسجد بانحدار,, وتقع الآن على شارع آخر منخفض على منسوبها، ويتصل هذا الشارع بشارع المسجد، ولكن بانحدار بعيد من شارع المسجد.
وهذه الصالة سد صغير حاووز ماء ، ويأتي اليها الماء عبر السواقي من الينابيع، وقد بقيت على حالها، وبها آثار حفريات عمارة رومانية قديمة؛ مما يدل على أن المسجد والحاووز أقيما على أنقاض عمارة رومانية، وكانا ضمن بيت لأحد الملاك، فتكتَّم على الآثار، ثم انتزعت الدولة الأسبانية ملكية البيت، واكتشفت آثاره عام 1991م,, وهذا يرجح ان بيوت الملاَّك في المدن العربية القديمة حافلة بالآثار الرومانية والعربية.
قال أبوعبدالرحمن: أسلفتُ الاشارة الى ان كاتدرال كنيسة كبيرة أثرية في المدن العربية بالأندلس: فمن المرجح أنها قائمة على أنقاض مسجد إسلامي كبير؛ وهذا يعني ان كثيرا من أمهات الآثار العربية والإسلامية أُخفي عمداً.
ولم يذكر الدكتور السيد عبدالعزيز سالم هذا المسجد في كتابيه؛ لأن المسجد اكتشف بعد تأليفه لهما.
قال أبوعبدالرحمن: مبثوث في هذا الاستطلاع سبعة أشكال:
1- الشكل الأول مدخل للمسجد من الشارع العلوي.
2- الشكل الثاني منظر لأقواس المسجد.
3- الشكل الثالث منظر لأقواس مطلة على باحة المسجد داخله.
4- الشكل الرابع منظر لمدخل ضمن الأسوار العربية القديمة لمدينة طليطلة.
5- الشكل الخامس نفس المنظر إلا أن الساحة أظهر وأوسع,, والشكلان عن السور الدفاعي القديم.
6- الشكل السادس منظر شارع من أحد الأحياء القديمة بالمدينة.
7- الشكل السابع منظر لأحد أزقة المدينة القديمة، وهو حاليا ذو مبان حديثة.
وتشتهر طليطلة قديماً بحلاوة عربية من أجود الحلويات تسمى مرصبان، ولا يزالون يصنعونها، وربما جرى عليها بعض التطوير، وتسمى الآن ماثبان ,, قال أبوعبدالرحمن: اتجهنا من المسجد الى محل تصنيع وبيع هذه الحلوى مشياً على الأقدام، فلما صعدنا رصيف الشارع مرَّ بنا قطار سياحي من وحدتين ليس فيه غير أمريكيين ذكوراً وإناثاً,, وهو بوحدتيه مليء ببشراتهم الحمر؛ فرأيت أنظاراً محدقة بي شزراً، وصياح رِطانة موجهاً إليَّ,, كلهم عن نبرة واحدة يرمونني بالحدق في آن واحد، وسرعة القطار اسرع من كرة الطرف، وسمعت الدكتور فوازاً يقول: يخرب بيتهم شتمونا!!.
فسألته عن السبب؟ فقال: ظنوا أنك يا أبا عبدالرحمن إرهابي!!.
فقلت في نفسي: قبحهم الله إن كانت هذه فراستهم في الناس.
والعجيب أن هذه الحلوى لا تعفن عدة أسابيع عندما كان العرب يصنعونها قبل وسائل التبريد؛ لأن لهذه المدينة خاصية مناخية سترد الإشارة إليها من كلام البلدانيين.
وتشتهر طليطلة قديما بصناعة الحديد والسيوف المطعمة بالنحاس,, وجنوب أسبانيا اليوم - وهو مهد الحضارة العربية- أقل مستوى من شمالها، وإنما هو مورد رزق كثير؛ لأنه سياحة أثرية.
ولا يزال الأسبانيون يقيمون تقليداً عربياً، وهو سوق الثلاثاء لبيع كثير من المتاع مثل القماش واللباس والأحذية والمناجل وبعض الفواكه كأبوفروة,, ويسمون هذا السوق توكودوبير ,, أي سوق النظر.
قال أبوعبدالرحمن: ولم أهتد- لا من الدكتور فواز، ولا من الأدلاء، ولا من الآثار- الى أماكن مكتبات المسجد، والمكتبات العامة، ومكتبات القصور,, لا في طليطلة وحدها، بل في جميع البلدان التي زرتها.
ومن آثار طليطلة سوق الأحذية أو الحذائين، وقصر حديث استبقى سوراً عربياً مرمماً ذا مشربيات، وهي من الفولاذ,, أي من الحديد الصلب المفرغ من الداخل.
وكل أسوار البلد رومانية مع تتمات وطنية,, ومن أشهر آثار الرومان القصر، وهو متحف حربي تحيط به قلاع رومانية يقع على شارع الفارس الفِرِث .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved