Saturday 18th September, 1999 G No. 9851جريدة الجزيرة السبت 8 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9851


مواويل الهيار,, تداوٍ من جروح غائرة
عبدالحفيظ الشمري

الهيار مسرحية خرجت إلى النور كجوهرة,, أشاعت في الذات رغبة السؤال,, اين نحن من نص كهذا,, يكتبه اب المسرح وصديقه محمد العثيم,, تميز لا يوصف,, ومقولة تنهض بقوة الزائقة، ونضج التجربة نحو المتلقي الذي يتأمل تماثل الحلم للشفاء,, جرف الهيار الذي استحال الى قبر للاحلام يؤرق القارىء,, ويوجد لديه قناعات قاتمة توقفه كالمذهول على مفترق الطرق.
مسرحية الهيار تداخل لذيذ بين الفصحى والعامية وحشد لرؤى الانسان الموغل في غربته، ذلك الذي لايحسن حتى الموت بهدوء,, إذ يخلف رحيله لواعج من حوله من الغرباء الذين يثيرون في فرجة رحيله قامت الندب، والتحسر,, فهناك من يجأر بالنواح على موت فارس الأحلام في مذبحة الشعراء الرهيبة تلك التي صورها الكاتب العثيم على هيئة منازلة اخيرة بين شخوص عمله كانت قمة الصراع من تدبير المرأة ام عرفج فيما أضاءت لواعج الدروب حمى نار حرب الشعراء الذين يجهزون على بعضهم بحجة ان القمة لا تتسع إلا لقلة.
غابت في افق سرد الحكاية القديمة وجوه كثيرة إذ اشتدت حلكة ليل الهيار الذي تقربه قصائد العفة وهجينيات العاشقين المولعين بسلك دروب الهيار التي اغلقتها السواني الغادرة.
مسرحية الاستاذ العثيم فيض من غيض,, استطاع من خلالها نقد الواقع بسلاح اقل فتكاً يكمن في السخرية واستجلاب الشجن القديم ذاك الذي يولد الرفض والنقمة من سوق يعج بالتجارة التي يديرها الحمقى، ويطلبها المغفلون إذ في ساحته تتماهى الهموم، وتتصادم الأهواء في طلب مجد ٍ كاذب لايصل إليه الا المجازف، والمنتحر عبر دروب الهيار الموحشة.
ها هو صبح الهيار فتنة توقظها نوازع الفرقة لينشأ الصراع القديم من جديد وتعاود الروح توقها للغناء في غمرة المجازفة,, المسرحية ص 31 ,, فالمبارزة هنا تأخذ شكل الخيار الصعب الذي سيقود الى المجهول ولن يكون الراحل أحسن حالاً من هذا الذي ينتظر النهاية,, فالسافي ورمله اللحوح سيكون كريماً في تفتيت كيانه,, والعطش والسراب ينتظر الراحلين في دروب الهيار الموحشة.
وحدها ام عرفج في سياق النص هي التي تعيش في ثبات,, ولاتدخل في جدل البقاء والفناء، إذ هي في الاساس تحافظ على طريقتها في الحديث عن الأشرار الذين ازداد عددهم فلم تعد تفرق بين شاعر وتاجر، وبين شجاع وجبان,, لتحاول في هذا الجدل المرعب ان تسمي الأشياء بأسمائها,, لتحقق مجد الظل الذي يوحي بضياع الاحلام، وملازمة الصمت غير المبرر حتى انها نعت بهدوء، ورزانة عالمها الذي تلاشى في يقين المنطلق الواعي,, والضمير الحي الذي كانت له الريادة، والسيادة في محاولته نقد الاشياء,, او تسميتها بأسمائها الحقيقية,, طريق الغرباء,, مازال في الهيار والهيار مازال فرصة مناسبة لأن يجهز على اي حلم يود صاحبه الخلاص نحو الأرض العامرة تلك التي تخلف الحزن، والضجر على فقر أرض تسمى البور وفي قسمات ليل لايعرف به الرجال الا الغناء الحزين,, لعل طيف امرأة يأتي ليقرب النهاية او الهيار .
يامرجعات الصوت بطويق صوتين
ياما ثلاث الليل ثقل ورزانة
لو زلزت ياطويق زلزال عامين
ماحركت حب رسا من مكانه
(المسرحية ص 69)
يختصر الكاتب العتيم مسيرة التاريخ الشجي، ايام الهيار المعبأة بأوهام الخلاص بهذا المشهد الخلوي الموحش,, فبين العطش، وترانيم الحب الغارب في وحشة الليل علاقة قديمة متحجرة يعرفها طويق لكثرة ما لجأ إليه العشاق.
إيماءة:
* الهيار (مسرحية)
* محمد العثيم
* نادي ابها الأدبي - 1420ه.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved