قال ابراهيم بن مسعود الالبيري (,,, - نحو 460ه).
تمر لداتي واحدا بعد واحد وأعلم أني بعدهم غير خالد واحمل موتاهم واشهد دفنهم كأني بعيد عنهم غير شاهد فما أنا في علمي بهم وجهالتي لمستيقظ يرنو لمقلة راقد |
قلت: هذا واقع مشهود، يصدق فيه قول الحق سبحانه وتعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام)، وقوله جل ثناؤه: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت، ونبلوكم بالشر والخير فتنة، وإلينا ترجعون).
هكذا اذن فالموت مورد واقع، والردى حتف لا ريب فيه.
لقد تأسى الاليبري وحزن فلداته يقدمون لمصارعهم فرادى وجماعات، وهو يعلم علم اليقين فواته ولحاقه بهم، فهو يحمل موتاهم ويشهد دفنهم، ولكنه لشدة إيمانه، وخشيته من التغافل يقول:
(كأني بعيد عنهم غير شاهد).
جميل هذا الشعور، وهذا اليقين، والله عالم الغيب والشهادة يدبر الامر، ويسيره، له الامر كله، وهو العزيز العليم، (يؤمن المسلم بأن لهذه الحياة الدنيا ساعة أخيرة تنتهي فيها، ويوما آخر ليس بعده من يوم، ثم تأتي الحياة الثانية، واليوم الآخر للدار الأخرة، فيبعث الله سبحانه الخلائق بعثا، ويحشرهم اليه جميعا ليحاسبهم فيجزي الأبرار بالنعيم المقيم في الجنة، ويجزي الفجار بالعذاب المهين في النار) (1) .
الحواشي:
(1) أبوبكر الجزائري (منهاج المسلم) 44.