الصين وتايوان: طبول الحرب وأغصان السلام,, من ينتصر في النهاية؟ |
* بكين- أ,ش,أ
المد والجزر هو السمة المميزة للعلاقة ما بين بكين وتايبيه ففي الوقت الذي اعلن فيه مسئولون صينيون ان بلادهم لا تزال ملتزمة باعادة التوحيد السلمي مع تايوان الا انهم اكدوا انها لن تتخلى عن استخدام القوة ضد الجزيرة في حالة اعلان انفصالها واستقلالها عنها.
وقال المسئولون في ختام مؤتمر قومي للمسئولين عن الشئون التايوانية عقد في بكين واستغرق ثلاثة ايام ان بكين لن تعود للحوار مع تايبيه مالم تتخلى تايوان عن نظرية الدولتين التي اقترحها رئيسها لي تنج خوي وذلك في اشارة واضحة الى ان كبير المفاوضين الصينيين مع تايوان وانغ داو هان لن يزور الجزيرة الخريف القادم كما كان مقررا.
واكد بيان صدر في ختام المؤتمر انه اذا ما اعلنت السلطات التايوانية علنا تخليها عن نظرية الدولتين ونظرية العلاقات الخاصة بين دولة ودولة وتبنت حقيقة مبدأ صين واحدة مجددا فان الصين الام ستكون راغبة في هذه الحال في بدء حوار مع الجانب التايواني حول سلسلة كبيرة من القضايا السياسية والاقتصادية.
واشار الى ان الصين ستحاول باقصى جهدها تحقيق اعادة التوحيد السلمي مع تايوان غير انها لن تتعهد بعدم استخدام القوة.
في الوقت نفسه تعهد المسئولون في بيانهم بحماية استثمارات ومصالح وحقوق رجال الاعمال التايوانيين على الاراضي الصينية مؤكدين ان الصين لن تقوم باي اجراءات تؤثر او تفسد التعاون الاقتصادي عبر المضايق بسبب الخلافات السياسية بين الجانبين وستواصل تشجيع رجال الاعمال التايوانيين على الاستثمار في الصين الام.
وتشير كافة الادلة الى ان الاعمال والتجارة بين الجانبين الصيني والتايواني تسير في طريقها دون ان يعكر صفوها الخلاف الاخير بين بكين وتايبيه.
ورغم ان الاستعدادات والمناورات العسكرية التي تجرى هنا وهناك على جانبي مضايق تايوان توحي بأن الحرب اصبحت وشيكة وحتمية بين البلدين الا ان الحقائق الواقعية تؤكد ان الاعتبارات المالية والاقتصادية ستساعد على استتباب الامن والسلام في المضايق وعبرها.
واذا كان الخلاف الشديد الذي تفجر مؤخرا بين بكين وتايبيه هو الاخطر بينهما ربما منذ سنوات طويلة الا انه يجيء في الوقت الذي اصبحت فيه اقتصاديات الجانبين اكثر قربا من بعضها من اي وقت مضى للدرجة التي يشكك فيها المراقبون في احتمال اقدام اي منهما على تصعيد حرب التصريحات الكلامية.
وقد يكون الخلاف الاخير تسبب في ادخال قدر من الخوف على مستثمر او اكثر لكن خبراء الاقتصاد ورجال البنوك ومسئولي الاعمال يقولون ان العلاقات الاقتصادية الصينية التايوانية مصالح مشتركة قوية ستتوسع على المدى البعيد بغض النظر عن الطريق الذي سيؤدي اليه الخلاف السياسي ويؤكدون انه لن يكون مهما كيفية تطوير النزاع لان هذا الاتجاه سيستمر وسيصبحون اوثق اقتصاديا.
وتشير التقديرات الرسمية الى انه لا يزال هناك اكثر من اربعين الف شركة تايوانية التمويل تعمل في الصين تجتذب العمالة والمواد الخام الرخيصة التي اصبحت مكلفة في تايوان الجديدة التي تتمتع بالرخاء كما ان الصين لا تستفيد فحسب من رؤوس الاموال الاستثمارية التايوانية التي يعتقد انها لا تقل عن ثلاثين مليار دولار ولكنها ايضا تستفيد اكثر من التكنولوجيا ودروس السوق الحر الهامة من رجال الاعمال التايوانيين وخبراتهم.
وتفيد التقديرات نفسها ان الصين تستهلك خمسة عشر في المائة من الصادرات التايوانية اكثر من خمسة عشر مليار دولار التي تشمل الورق والكيماويات والالات والمنسوجات ومنتجات التكنولوجيا العالية وهي ثاني اكبر مستورد من تايوان بعد الولايات المتحدة.
لكن الحرب الكلامية الاخيرة التي فجرها الرئيس التايواني لي تنج خوي بين الصين وتايوان قد اثارت مخاوف حول معركة اكبر إما عسكرية او اقتصادية ويقول المتشائمون إنه اذا سحبت الصين او قطعت التيار عن تايوان اقتصاديا فان كارثة سوف تحل على الجزيرة كما ان الصين ايضا ستكون الخاسرة الكبرى ويعتقد كثير من الخبراء انه من غير المرجح ان تقدم على هذا الهجوم لانها تصارع من اجل بناء اقتصادها الذي يكاد يصبح مشلولا بسبب سنوات طويلة من سوء الادارة في المؤسسات الحكومية والقطاع العام كما انه سيضر بمحاولة انضمامها الى منظمة التجارة العالمية وغيرها من العواقب الاقتصادية الوخيمة.
غير ان اخرين يقولون ان الصين ليس امامها اي خيار سياسي واقعي غير غض النظر عن اية مصاعب اقتصادية وشن حرب اذا اعلنت تايوان استقلالها.
ويشير المحللون الى ان الصين وتايوان تحتاج كل منهما للأخرى لكن الثانية قد تتسم بوضع اكثر حساسية وعرضة للخطر ببساطة لانها اصغر حجما وقد اثرت الانباء عقب تصريحات الرئيس التايواني في التاسع من يوليو الماضي بشأن المناورات والاستعدادات العسكرية بصورة كبيرة على سوق الاسهم في تايبيه واذا ما تعرض السوق لهزة اكبر من تلك فانه سيزعزع الثقة ويلقي بالاقتصاد التايواني في حالة من الهبوط الشديد التي لا يعرف مداها.
من ناحية اخرى وفي اطار تأثيرات حالة الفزع التي تجتاح تايوان وافق مجلس الوزراء التايواني على مسودة تقرير يوضح احتياج الجزيرة لنظام دفاع صاروخي تعتزم الولايات المتحدة إقامته في شرق آسيا ويضم اليابان وكوريا الجنوبية ايضا في محاولة منها للتصدي للتهديدات الصاروخية الصينية.
ويدعو التقرير الى سرعة انشاء نظام انذار مبكر من شأنه ان يمنح الجزيرة وقتا اكبر للاستعداد لاي هجوم من الصين وكذلك اقامة تدريجية لنظام دفاع صاروخي شامل.
وتأتي الموافقة على التقرير الذي سيعلن عقب انعقاد البرلمان التايواني اليوم بعد يوم واحد من اعلان الرئيس التايواني لي تنج خوي دعمه لمشاركة تايوان في الخطة الامريكية باقامة النظام.
في الوقت نفسه اشارت صحيفة جلوبال تايمز الرسمية الاسبوعية الصادرة عن صحيفة الشعب اليومية الى ان الصين الام قد اتمت بالفعل كافة الاستعدادات لاي استخدام للقوة ضد تايوان وانه قد تم ترتيب واعداد التعبئة العسكرية وتحركات القوات وتدريبات الاستعداد القتالي والدعم اللوجستي الامداد والتموين وغيرها من الجوانب العسكرية الاخرى مشيرة الى ان هدف الصين في هذه اللحظات الحاسمة هو اسماع العالم صوت الجماهير والرأي العام بها.
|
|
|