Saturday 18th September, 1999 G No. 9851جريدة الجزيرة السبت 8 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9851


منعطفات
العقل البارع في تصميم الطرق والشوارع

بصدق لا أدري كيف تتم عملية تصميم الشوارع، ومن هي الجهات الممثلة في عملية التصميم، ولا ما هي الرؤية التي يستندون اليها،والمعايير التي يتقيدون بها.
ولكني اعتقد أن مبدأهم الأساسي ما شاء الله شارع وسيع، وين شوارعنا من أول، ما غير خطين رايح وجاي , ولا أريد هنا ان اعتدي على تخصص الدكتور الغامدي، الكاتب والمتخصص المعروف، ولعله لو تطرق الى الموضوع لاضاف أبعادا كثيرة، فما أراه أنا هو ما يراه أي مواطن عادي غير متخصص.
بداية، اعتقد جازما ان أكبر غلطة هي المرور المحلي في غير الطرق السريعة, فمصطلح مرور محلي(Local) أو مرادفه طريق خدمة(Service) يعنيان وجود هذا النوع على جانبي الطرق السريعة فقط, فهي محلية لأهل المنطقة الذين لا يحتاجون لاستخدام الطريق السريع، أو هي لخدمتهم أو لخدمة مستخدم الطريق السريع ليخرج فيملأ خزان البنزين، أو يستريح، أو الوصول الى مقصده, انظروا الى طريق الملك فهد، الشريان الرئيسي الذي يصل شمال الرياض بجنوبها، وأهمية طرق الخدمة فيه, وتأملوا بالمقابل طريق الملك عبدالعزيز من دوار المطار القديم جنوبا الى آخر العمران شمالا، لتجدوا ان وجود طرق الخدمة على جانبيه معطل للسير وجالب للحوادث، خصوصا في ظل الظروف السواقية اليومية, وأستثني من ذلك الاتجاه جنوب-شمال من دوار المطار القديم حتى مركز فال فندق صلاح الدين فطريق الخدمة فيه عكس الآية فتحول، لخلوه من الاشارات الضوئية، الى طريق سريع، بينما غدا الطريق الرئيسي وكأنه طريق خدمة! ولكي تتضح المسألة فلنقارن طريق الملك عبدالعزيز بامتداده الجنوبي المعروف بشارع الستين، وانسياب السير فيه، لأنه -ببساطة- يخلو من طرق الخدمة لنرى الآثار السلبية لوجود الطرق المحلية في غير محلها، وعند قيام الحفريات في طريق الملك عبدالعزيز مؤخرا، تحول الطريق الى مفازة يفوز بها مستخدم الطريق بالنجاة إذا وصل مقصده سالما غانما.
على الطرق السريعة عادة مخرج واحد، ومدخل واحد فقط لطرق الخدمة, أما في طرق الخدمة الأخرى، فهناك أكثر من مخرج ومدخل في القسم الواحد من الشارع، أو الطريق, وهذه المداخل والمخارج تم توزيعها وتحديدها عشوائيا, ولذا نرى بين وقت وآخر الحل السهل المتبع دائما: سد هذا المدخل، أو ذاك المخرج، برصفه أو بوضع الصبات الخرسانية، ويحدث هذا بعد ان يجأر رجال المرور بالشكوى من الحوادث، أو ربكة السير، التي تحدث في هذا المخرج، او ذاك المدخل.
حتى لو كان وجود طرق الخدمة في غير الطرق السريعة أمرا متبعا في أية دولة آخرى، فهو لا يناسبنا مطلقا أبدا, خصوصا ونحن، ولا فخر، ننضح بالسائقين السعداء، النشامى، من مواطنين ومقيمين,فالبرغم من وجود علامات معدنية تبين المدخل من المخرج، أو من أن كون الشكل يميز بينهما، فإن النشامى لا يأبهون لذلك.
أما تقاطع طريق الملك عبدالعزيز مع طريق الأمير عبدالله فهو نموذج فريد للعبقرية الفذة في تصميم شوارعنا، وبعد النظر في التخطيط, فهذا التقاطع سيكون في القريب المنتظر، ميدانا للحوادث، وساحة لتكدس السيارات، لنر: الطرق المحلية في الجوانب الأربعة لهذا التقاطع تتجه الى اليمين وجوبا، ومن يريد الاتجاه يمينا فليسلك الطريق المحلي, ولكن، في نفس الوقت، هناك فتحة خاصة على يمين الشارع الرئيسي للاتجاه يمينا! ولأن السائق السعيد يعتقد يقينا ان الاتجاه يمينا من أي جزء في الشارع، حقه الطبيعي، والأصيل، والمكتسب، فالمشاكل تحدث دائما هناك.
ومما يزيد في تعقيد المسألة في ذلك التقاطع النموذجي، وجود مخرج على بعد 150 مترا فقط، من الاشارة الضوئية في الجزء الجنوبي من طريق الملك عبدالعزيز, ولأن معظم المجمعات التجارية تقع في الجانب الغربي من طريق الأمير عبدالله، فإن السائق السعيد يندفع من ذلك المخرج في أقصى اليمين، ليتجه يسارا الى طريق الأمير عبدالله!.
علاوة على ذلك, هناك مخرج في القسم الشمالي في طريق الملك عبدالعزيز ويقع تماما مقابل مدخل مجمع صغير لمتاجر الكمبيوتر ومقاهي الانترنت ومحطة بنزين في جواره, ولمن لم يمر بذلك الجزء له ان يتخيل اكتظاظ السيارات عشوائيا في هذا الجزء, والسيارات المسرعة القادمة من القسم الشرقي لطريق الأمير عبدالله عبر طريق الخدمة الذي ينعطف وجوبا الى اليمين, هذه المداخل والمخارج، وبهذه المسافة تقريبا، تتكرر على كل جوانب التقاطع.
وأمر آخر، الكثير يعرف نزعة العمران شمالا، ليس في الرياض وحدها، ولكن في كثير من المدن والدول, ولذا يتوقع المرء، بقدر كبير الصواب، أن تقاطعات شمال الرياض ستكون مزدحمة يوما ليس ببعيد, بالاضافة الى الخاصية السعودية الفريدة, فكل من يملك خمسمائة مترا مربعا على شارع رئيسي، يبني عليه مجمع تجاري وسكني ! وهذا التقاطع مليء بالمجمعات والمعارض، وفي منطقته كلية الأمير سلطان، وكلية العلوم والتقنية، وعدد من المعاهد، اضافة الى مجمع كبير لوزارة المعارف, وعلى هذا، سيغدو ذلك التقاطع مثالا صارخا للازدحام وفوضى السير, ولعل الحل الوحيد هو انشاء نفق، أو بناء جسر، على أحد هذين الطريقين.
وأرجو ان يكون من خطط لهذين الطريقين قد وضع هذا الاحتمال في حسبانه.
إني أدق ناقوس الخطر والأيام بيننا, ولكنني اعتقد ان طرق الخدمة تلك ستظل غلطة قائمة، حتى يهاجر العمران من شمال الرياض الى شمال أقصى، أو طفرة قادمة تجعل التكلفة الكبيرة لنزع اعمدة الاضاءة والأشجار، وإزالة الطرق المحلية، محتملة الى حد ما.
ولضيق الوقت والمساحة وابتعادا عن جلب الملل الى القارىء الكريم ركزت على هذا الطريق، وهذا التقاطع، على سبيل المثال فحسب، إذ ان الرياض وباقي المدن السعودية تمتلىء بالآثار السلبية للعبقرية الفذة في تصميم طرقاتنا والشوارع!.
د, فهد سعود اليحيا

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved