ان يقبل الفلسطينيون بأقل مما أبقته الأمم المتحدة لهم من وطنهم وفق قرارها رقم 181 الذي قسم فلسطين بينهم وبين اليهود، فذلك لايعد تنازلا عن حقوقهم، بل استسلاما لارادة الاسرائيليين وهو لا يجرئ على القيام به شركاء سلام الشجعان الذين يريد ان يورطهم به شريكهم ايهودا باراك الذي عمد في اليوم الثاني من بدء محادثات الوضع النهائي الى زيارة مستوطنة معالي ادوميم اكبر مستعمرات اليهود في الضفة الغربية والتي يسعى الاسرائيليون الى ضمها إلى منطقة القدس المحتلة، كونها اقرب المستوطنات للمدينة المقدسة.
زيارة باراك مؤشر يظهر للفلسطينيين ما ينتظرهم من تعنت في المحادثات القادمة، فباراك يقول للمستوطنين في معالي ادوميم بأنهم سيستمرون في أي تسوية دائمة جزءاً من اسرائيل,, بل جزءاً من القدس.
إذن ووفق هذا القول فإن الاسرائيليين ينوون ابقاء المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية تحت السيادة الاسرائيلية، حتى وان تمت التسوية النهائية، وحسب المخططات الاسرائيلية فإن تلك المستوطنات الموزعة في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي ستربط بأحزمة أمنية وطرق آمنة، ستجعل من السيادة الفلسطينية سيادة منقوصة لأن وجود بؤر اسرائيلية داخل الاراضي الفلسطينية وتحت السيادة الاسرائيلية نوع من الاحتلال الدائم، كما انها ستعطي المبررات لاي تدخلات اسرائيلية قادمة في الشؤون الداخلية الفلسطينية وبالذات الشؤون الامنية، لأن تعرض اي مستوطن لاي حادث حتى وان كان عرضيا فانه سيكون مبررا لاسرائيل للتدخل أمنيا.
هذا بالاضافة إلى وجود مستوطنات اسرائيلية في اراضي فلسطينية يفترض انها حررت بعد ان ظلت محتلة طوال اكثر من ثلاثين عاما، ووجود المستوطنات يعد ابقاء لاحتلال طالبت العديد من القرارات الدولية على انهائه واعادة الارض لاصحابها الشرعيين، كما ان الابقاء على المستوطنات يعد خروجا صريحا على اتفاق السلام الفلسطيني الاسرائيلي، وإذا كان الفلسطينيون قد قنعوا باسترجاع نصف وطنهم فعلى الاقل ان يعود هذا النصف مكتملا بدون مستوطنات يهودية وعلى الاسرائيليين ان يقتنعوا بما سلبوه من الفلسطينيين وألا يفرضوا عليهم اكثر مما يستطيعون ابرامه معهم، فان أجبر المفاوض على الاستسلام لضغوط حلفاء اسرائيل فإن الفلسطينيين والجماهير العربية لن تقبل بتسليم نصف فلسطين,, وتستلم النصف الآخر ملغما بالمستوطنات ومجردا من المقدسات.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com