تسرب بصيص من ضوء الأمل في امكانية رفع العقوبات الدولية المفروضة على النظام العراقي عقب طرد قواته التي غزا بها ارض الكويت الشقيقة في اغسطس عام 1990م, وجاء تسرب هذا الضوء عبرة كوة فتحتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا امام النظام العراقي لكي يبرهن من جديد على اذعانه - دون شروط او مراوغة - لقرارات مجلس الامن الدولي التي لن يتم رفع العقوبات عليه بدون تنفيذها حرفيا بما يعيد ثقة الاسرة الدولية في التعامل مع العراق من جديد كدولة متحضرة تحترم مبادئ واحكام الشرعية الدولية التي تنظم العلاقات الودية بين دول العالم صغيرها وكبيرها.
فالولايات المتحدة التي كانت وما زالت الاكثر تشددا بشأن وجوب إذعان العراق للقرارات الدولية، وافقت مع حليفتها بريطانيا - ولاول مرة منذ فرض العقوبات على النظام العراقي - على مناقشة امكانية تعطيل العقوبات وذلك خلال الاجتماعات التي عقدت الاسبوع الماضي في لندن بين الدول الخمس الكبار في مجلس الامن الدولي، وتضمنت الموافقة الامريكية والبريطانية، الى جانب مناقشة رفع العقوبات، تضمنت امكانية السماح للعراق باستيراد السلع المدنية وكذلك رفع القيود عن صادرات العراق النفطية، شريطة ان يتعاون النظام العراقي مع نظام جديد تضعه الامم المتحدة لنزع اسلحة الدمار الشامل وضمان عدم عودته الى تصنيعها مرة اخرى.
وقد برر مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية في واشنطن هذا الموقف الامريكي الجديد الذي يتصف بمرونة غير مسبوقة منذ تحرير الكويت من الغزو العراقي، برر هذا الموقف بأنه مسعى لاصلاح بعض البنود الانسانية في برنامج النفط مقابل الغذاء مما ييسر وصول (بعض الاشياء) الى العراق.
وقال ان هذا لا يعد تنازلا للعراق او للدول التي تسعى لتخفيف العقوبات عليه.
وقال - ايضا - كل شيء مرهون بإذعان العراق لتنفيذ التزاماته فيما يتعلق بنزع السلاح واطلاق سراح المعتقلين وبقية قرارات مجلس الامن التابع للأمم المتحدة.
ولهذا رأينا في هذا الموقف الامريكي والبريطاني ايضا كوة ضوء للأمل انفتحت امام العراق في جدار العقوبات الدولية الصلب.
يبقى على النظام العراقي ان يحدد رده على هذا الموقف الامريكي البريطاني الجديد، وان يستغل - النظام العراقي - مرونته، ليبدي بدوره استعدادا مطلوبا للتجاوب مع الدعوة الامريكية البريطانية، ودعوة المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في دورته الاخيرة بوجوب تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي، حتى يرتفع موقف النظام في بغداد الى هذه المواقف المتعاطفة بقوة مع الشعب العراقي الشقيق في معاناته القاسية ليس فقط بسبب العقوبات، وإنما - ايضا - بسبب تعنت مواقف النظام الحاكم في بغداد، ومماحكته الطويلة فيما يتعلق بتنفيذ القرارات الدولية التي لو نفذها بحذافيرها لما طال امد هذه العقوبات حتى اليوم، ولما تفاقمت معاناة الشعب العراقي الشقيق الذي ندعو الله ان يعجل له بالفرج مما يعاني.
الجزيرة