هناك (جنون) ما , يسكن رؤوس الكثيرين منا, يجيد الكمون والتخفي في اللحظات التي نكون فيها ادينا كل واجباتنا اليومية, افطرنا, الذي منا حريص على فمه واسنانه او بقي له فم واسنان استعمل المعجون (وبالطبع ظل الصنبور مفتوحا طوال عملية المعجون وهي مسألة تدل على اننا نهدر الماء بلا ادنى تأنيب من داخلنا يذكرنا ان الماء يتناقص وانه ثروة لا لعبة نلعبها مع الصنابير!) والذي لبس حذاءه , وذهبنا الى اعمالنا وقرأنا جريدة في العمل, ووقعنا دفتر الدوام منصرفين, في البيت يشوينا الحر و(الكبسة) التي تتربع على عرش الظهيرة بثقة واقتدار ننام او لا ننام هذه مسألة متروكة للدش, ماذا نفعل؟!
هل يجب ان نحرض هذا الجنون على ان يظهر يوما بدون مناسبة؟! وكيف يكون رد فعل الآخرين؟
سنعتذر من (الشلة), ثم من (اهل البيت) ثم من صديق مفاجىء, ثم نذهب الى غرفة صغيرة, نضيف الى المنظر: كتبا مبعثرة، مجلات كثيرة, اوراقا , كرسيا مقلوبا , وبعد لصق هذا المنظر على حالتنا الراهنة, نصفق باب الغرفة بقوة, ننسى ان هذا العالم لنا! نكتب كلاما يغلي ونشطبه ونبحث عن (صديق) ونتلاسن معه, بدأ (جنوننا) يخطو , اطللنا من النافذة وقلنا لاحد عابر: تفضل تقهو ! طالعنا الاحد بازدراء وقال: الله لا يبلى عباده!, هنا يتطاير المخ, تتشظى الاشياء تكتب الى مدير بنك ما معناه انك لم تعد بحاجة الى قرض وذلك لانك شخص (تعني المدير) غير خلاق ولا دينامي! ولست مثقفا ولا تجيد غير الجلوس! وتقهقه وانت تضع المظروف في البريد, تتنفس بعمق الآن جاء دور الزوجة, تكتب: عليك ان تقرئي هذا الكلام, جيدا, انك لا تكفين عن ابتزازي, بدءا من نقودي, حتى عواطفي, لا تعرفين ما معنى ان اخلو بنفسي دعيني لله ياسيدتي) تحس ان حملا وقع من على ظهرك, بقي كثيرون لا بد من تقريعهم بدون استعمال العقل, الشركة, تريد عشرين الفا اقساطا متأخرة, الى الجحيم يا شركة! وتضع المظروف في البريد تخرج من الغرفة كالريح! تسوق ناحية دكان الصحف: (اذا رأيتك تبيع جرائد من اليوم اغلقت محلك بجنوني,, بع كوكا كولا) وتعود الى البيت تقرأ زوايا معينة كلهم يفعلون ذلك! لكن (عين الرضا), هذا (الجنون) لا يسبب تلفا في الافراد او المنشآت, انه نفس الكلام الذي ستقوله لشخص مفتون ب (التأليف), يدير ظهر الكرسي اليك متخيلا ان هذا موقف منك, يكتب منذ شهر عن قضية حية فأماتها ولم يدع كتاب (جغرافيا) لابتدائي او متوسط، او ثانوي الا ونقل منه, ومع الوقت تراكمت ملاحظاته التي يكتبها على اوراق مدرسية فرأى ان ينشرها مجزأة في الجريدة, ثم ينتظر الناشرين! الذي سيدفع اكثر يفوز بالخرابيط, وبعد اليأس, يجمع كم قرش على كم قرش ويطبع المخطوط العظيم على حسابه ويوزعه مجانا على من يريد, اشتغل جنوني, سأقول له: (خف من ربك! هل انت مصدق ان الجريدة تنشر موضوعك لانه جيد او مهم؟! انت غلطان انه سد فراغ صفحة لا تقرأ ولا يعلن فيها!).
الى هذا الحد من الجنون تبدأ في علاقاتك مع الناس كلهم, دعهم يصفونك بالجنون, خير لك من ان يصفوك ب (الضعف)!.
|