يؤدي الاعلام بوسائله المتعددة دوراً هاماً وحيوياً في خدمة المجتمع والنهوض، ويتسم هذا الدور بالحساسية الشديدة، لما يقدمه ويعرضه من افكار وادب وثقافة وتراث واخلاقيات وتشكل وعي المجتمع وتؤثر فيه.
وفي عصرنا الحاضر شهدت وسائل الاعلام ثورة اعلامية كبيرة في مجال الاتصال والاعلام الجماهيري,, وأدى ذلك الى ظهور موجة من الطفرة المتمثلة في ظهور العديد من المجلات التي تدعي انها تخدم الادب الشعبي .
هذه الطفرة في توالد وتكاثر هذه المجلات,, كنا نتوقع ونتصور بأنها ستكون موجة وعي وتفكير مستنير يضمن لنا الارتقاء والنهوض بأدب تراثنا الشعبي والوطني وتواصل معطياته ليتفاعل ويثمر مع الانجازات الحضارية التي حققتها وتحققها مملكتنا الغالية بقيادتها الرشيدة.
الا ان هذا التفاعل المستند على اصالة هذا التراث وقيمه استغله البعض عن طريق اصدار بعض هذه المجلات التي تستحق القول انها مجلات عبث شعبي من خلال ما تحمله في رسالتها وطياتها من اشكاليات عديدة جعلنا غير قادرين للاحتفاء بها والترحيب بها، لانها بصريح العبارة لم تقدم لنا مجالاً رحباً وصادقاً للتعبير عن الابداع الفكري والموروث الفكري، الذي يجعلنا نحتفظ بهوية هذا التراث وقيمه، لكي يعيشه ابناء هذا الوطن في المستقبل القريب والبعيد.
ولان حال وواقع هذه المجلات اصبح يمثل اشكالية واضحة الملامح,, تعاني منها الساحة الادبية الشعبية، دون ان تحظى باستجابة شافية واهتمام بالغ من المهتمين بالموروث العظيم لهذه الامة وهويته الاصيلة.
وفي رغبتنا للتواصل مع ما تقدمه صفحة التراث بجريدة الجزيرة من تفاعل مثمر لوعيها وادراكها بهذه الاشكالية التي اصبحنا ندركها بكافة اشكالاتها.
نجد ان هذه المجلات لم تقدم لنا من خلال رسالتها دوراً بارزاً يجعلنا نقول بأنها قد ساهمت بالفعل في توصيل الفكر والممارسة الابداعية لتفعيل وتنشيط ادبنا وتراثنا الشعبي لجمهور المتلقين، بل العكس هو الصحيح.
فمعظم هذه المجلات لا تحمل في طياتها بعداً للتعبير عن الابداع الفكري والموروث الفكري بقدر ماهي حاملة للوجاهة والبحث عن الظهور والبحث عن المادة وتصفية الحسابات بين شللية هذه المجلات الهابطة.
ولان الامر يتعلق بأدب وتراث امة لا تقبل المساومة والتسويف عليه وضياعه على حساب هذه الفئة من اصحاب الادب الرخيص والركيك والهش والذي لا يستند على مفاهيم صحيحة ورؤى سليمة ومعرفة كاملة ومنطلقات صائبة بقدر ما يستند على مواد تشد الناس بأرخص الاثمان وابسط الجهود واتفه المواضيع التي تثير وتخاطب كل من ينساق وراء هذه المجلات بسطحية عقولهم فتكسبهم الى اجل,, ولكنه اجل معلوم ومحدود!!.
اما العسير على اصحاب هذه المجلات فهو ان تشد اليك نضج عقولهم، ونقي عواطفهم، وصدق نواياهم، وفهمهم وادراكهم، ان هذا هو العسير جداً,,!!.
ومهما ادعى اصحاب هذه المجلات ومن يساندهم الرأي بأنهم قد استطاعوا غزو الساحة والسوق مستمدين على ذلك بشهادة ان هذه المجلات قد نجحت والدليل على ذلك توزيعها بكميات مذهلة,, فهذا بالطبع لا يقدم لنا شهادة نجاح نعلقها على صدورهم بقدر ماهي شهادات على نجاح الاثارة المؤقتة بأدب رخيص سرعان مايذوب ويتلاشى مع مرور الوقت.
ولاننا بحاجة الى التأثير وليس الإثارة، بحاجة الى ترسيخ القيم والمفاهيم لهذا التراث وليس تفسخه، بحاجة الى ادب شعبي ينعش النفوس وليس ترفيها والبحث عن الذات من اجل الظهور والمادة.
والمتابع لكل اصدار جديد لهذه المجلات الهابطة يكتشف كل يوم سواءات وعبث هذه المجلات.
وفي الختام نقدم دعوة تمثل مطلبا اساسيا لاعلامنا بعدم الفسح للمزيد من مجلات العبث الشعبي,, فنحن بحاجة الى مجلات تسعى الى تقديم النافع والمفيد وخدمة تراث وادب هذه الامة بحق وحقيقة,, بدلاً من السماح لاصحاب هذه المجلات بالانتشار اكثر.
وما من شك بأننا لا نفخر أن نقدم للآخرين مثل هذه النوعية من المجلات كرسالة اعلامية تعبر عن موروثنا وتراثنا وادبنا الشعبي.
كيف ذلك ونحن اصحاب تراث وقيم خالدة.
علي الحصوصة القحطاني
الرياض