الشعر قيثارة المعاني وانطلاق الكلمة واداة التعبير في رسم الخواطر وبوح الكلمات حين تسافر عبر مساحات الاحاسيس المرهفة وخصوبة الخيال المتشبع بالمعاني الثرة,,, أو هو النغمات الدافئة التي تستظل بدوحة الحروف وثمار الكلمات وهو دوزنة القوافي المشرئبة بين تموسق الايقاعات وتوهج الفكرة واستشفاف المواقف وطرح القضايا عبر تفاعل اليراع وانفعالات الشعور,, هو الشعر بما يحمله من جمال فهو مرآة النفس وبحيرة المشاعر الصادقة حينما تكون خلجات الوجدان صافية النبع عذبة المورد جزيلة العطاء,,هوالشعر ولو اختلفت لغات التعبير وهو المترجم للشعور بين التعايش والتلاقح فطائر الشعر المغرد يغني بين اغصان الشفافة الدفاقة من بين الضحكة والدمعة او كل مايجيش بالنفس من خلجات,,, والشعر العامي له رونقه ومذاقه المميز وحلاوة تعبيره في رسم المشاعر المناسبة في بساطتها الرائعة وروعتها المتكاملة.
نزف الوجدان هو ديوان شعر جديد للشاعر فرحان المطرفي بعد ميلاد ثلاثة اصدارات سبقته يرسم من خلاله لوحات رائعات واحسب ان ديوان نزف الوجدان هو اضافة واعدة تستحق الاعجاب وهو رصيد لهذه الدوحة الفينانة التي جاء تغريد الشاعر فرحان فيها سلسا رقراقا منسابا صادقا فكان لكل قصيدة من قصائده طعم خاص مميز,, وهاهو يتغنى في إحدى قصائده بحكم الملك عبدالعزيز قائلا:
مرحوم من شبه الجزيرة حكمها بالدين والسيف المهند بيمناه فوق الركايب جالها واقتحمها وبالليل هد قصورها ظرب شلفاه والصبح نادوا بالندا واستلمها لعبدالعزيز الحكم والملك لله |
والشاعرية لدى فرحان المطرفي لم تأت عرضا بقد ما هي موهبة اصيلة خلال تصاويره المنغمة والتعبير المفعم بالمعاني,,, وهو عاشق حتى النخاع في حبه للخيل وماتحمله من جمال وروعة واصالة ويمتاز بجمال الوصف ودقة التعبير وذلك في قصيدة كتبها عن الجواد الطويل وفيها يقول:
الطويل بطلته زف البشاير وفرحت بالفوز له نفس شفوقه اذكر الله يوم مر الخيل طاير كنه اللي بالهدد فكوا سبوقه بالبداية بينهن كتم السراير وبعد خط المنتصف بين لحوقه |
ثم يواصل قوله:
واهتفت بالفوز له كل الحظاير وصفق الجمهور وارتفعت عنوقه وابتسم له من خفوقه كان حاير واحد كسب المعالي هي طروقه هو سبوق وصاحبه وافي شباير ماعليه الا ان كان اخطت وفوقه |
وتظهر روعة الوصف خلابة في قصيدة بمناسبة كأس الحصان عز الخيل يقول فيها:
الخيل واهل الخيل تثني لسلطان وتذكر لبونايف مواقف وقفها يشهد لكم ياسيدي كل ميدان ومداتكم بالجود كل عرفها الخيل ياكحيلان يانسل شقران لولا مثل شرواك محد عسفها الخيل لو تنطق تقول اسم سلطان وتعد حاضرها وماضي سلفها وكل لكم ياسيد الطيب مندان لافعالك اللي شعرنا ماوصفها |
وتألق في قصائد الغزليات خاصة في انتقاء المفردات الجميلة وذلك في قصيدة المشوار:
هلابك وهبة من والي الاقدار وانا حبيت صوتك دون شوف العين للصوره هلابك والله اكثر من هلا لوهي تجي لاختار وابرد لاهب وسط الضمائر يشتعل نوره |
والحديث عن الشاعر فرحان يطول وقد لايتسع المجال في الأسهاب ولكن تظل الكلمات الحلوة من الشعر الرصين تحفة من الذهب الخالص حتى ولو طال عليها الزمن فالمعدن الأصيل يبقى دائما يمتع الناظرين ببريقه والأيام بقيمته.
منتصر النابلسي