Monday 27th September, 1999 G No. 9860جريدة الجزيرة الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9860


معاناة المواطنين من الأحوال
محمد بن ناصر الياسر الأسمري

منذ بضعة اعوام مضت أعلن د, إبراهيم العواجي وكيل وزارة الداخلية السابق في إحدى الندوات في جامعة الملك سعود ان اكثر من 70% من المواطنين قد حصلوا على سجل مدني,, وأن الوزارة قد مددت العمل بحفيظة النفوس القديمة ثلاث سنوات,, لعلها انتهت الآن,, وعليه فإننا نتوقع ان تكون النسبة لمن حصلوا على سجل مدني قد ارتفعت وربما شملت المواطنين.
وهذا يعني ان السجل المدني - الهوية - اكتمل في قاعدة بيانات/ معلومات في الحاسب الآلي,, وأصبح السجل المدني - كما هو من مسماه - المرجع لحياة المواطن في كل ما يتعلق بحياته المدنية,, من مواليد/ وفيات/ طلاق/ زواج/ رخص قيادة/ سيارات/ بناء وجواز سفر,,, الخ، وقد أصبحت المعلومات لكل هذه الاشياء مخزنة في الحاسب الآلي برقم خاص موحد لكل مواطن/ مواطنة,, يمكن استرجاعها في اي وقت وفي اي مكان في المملكة في سرعة فائقة,, للتناول والتداول مع قبل الاجهزة المعنية بالنواحي الامنية والمدنية,, حيث يستطيع المستعلم معرفة المعلومات المطلوبة من السجل المدني في المرور/ الجوازات/ الأحوال/ الشؤون الصحية/ البلديات وغيرها - حسب الاختصاص,, وكلمة المرور المعطاة لكل جهاز من الاجهزة المذكورة,, كل حسب حاجته واختصاصه,, من المعلومات المخزنة في السجل المدني.
كما أن هذا السجل - مركزي التداول, أدلة طرفيات في إدارة الجوازات/ المرور/ الأحوال/ دوائر الامن تدخل إليه المعلومات من مختلف انحاء المملكة من خلال ادارات الاحوال المدنية,, وهذا يسهل تحديث السجل المدني كلما طرأت أحوال جديدة من اضافة ابن/ ابنة/ زوجة,,, أو اخراج اي منهم لاستقلاليته في سجل منفصل تبعا للاجراءات النظامية المعتادة حيث ان كلاً منهم قد حصل على رقم سجل خاص.
مع كل هذا التقدم فما زالت بعض الممارسات العملية من اداء الاحوال تحتاج إلى تحسين وتطوير,, لان استمرارها لم يعد يتلاءم مع التقدم التقني والمعرفي السائد في بلادنا,, وفي استمراره عرقلة وقت وجهد للمواطن والدوائر الحكومية دون مبرر,, ونقر بوجود بعض الحالات التي لها طابع الاستثناء لكنها قليلة لا يجب ان تعم على الكل,, فتتعطل الاستفادة المتوخاة من يسر وسهولة التقنية, فبعض الاجراءات المتعبة في إدارات الاحوال المدنية قد تجاوزها الزمن بفعل تبدل الاحوال - باستخدام الحاسب الآلي,, وارتباط الطرفيات في ارجاء الوطن بمركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية - قاعدة المعلومات المركزية.
الطالب الذي يتخرج من المدرسة الثانوية,, او الذي بلغ خمسة عشر عاما يفترض ان يحمل هوية مستقلة عن هوية والده,, والمفترض المعتقد به - والله أعلم - ان كل المعلومات المتعلقة بهذا الشخص مسجلة في السجل المدني لوالده من الولادة,, وما تعاقب من احوال دخول المدرسة,, وأخذ رقم مستقل في السجل المدني مدى الحياة,, وبالتالي فإنه من السهولة واليسر استقلاله بهذا الرقم وبهوية مستقلة,, لكن ما يحدث خلاف هذا الامر فلكي يحصل الطالب/ الرجل البالغ من العمر 15 عاما على الهوية المستقلة لابد له من احضار والده,, وعلى والده ان يحضر شاهدين يشهدان أن ابنه هو ابنه!! ولكم كانت حالات الفورة والغضب لكثير من الناس الذين صعقوا بمثل هذا الطلب,, واعتبره البعض وكأنه تشكيك في ابوة الاب لابنه - وبنوة الابن لابيه!! وربما شيء اعظم بالنسبة للام,, وليتخيل اي انسان موظفا يطلب منه,, احضار شاهدين ليشهدا أن الابن هو ابنه! ماذا ستكون ردة الفعل!!
والتساؤل يمكن ان يثار,, إذن لماذا وجد السجل المدني واستكملت اجراءات شهادات الميلاد,, المذكور فيها اسم الاب والام والمولود وساعة الميلاد ويومه وعامه!
ويبدو ان النظام السائد او ربما الاجتهاد في الممارسة من خلال النمطية التقليدية المتوارثة قد ادى إلى هذا الخلل الذي لم يتعامل مع وجود المعلومات المخزنة في قاعدة المعلومات بالحاسب الآلي,, ونأمل الا يكون في ذلك مصدر لعدم الثقة فيما خزن من معلومات,, وليس هنالك من بد من احضار الشهود,, ويتطلع الابن والاب لبعضهما في ذهول وحيرة من غرابة الطلب,, ولكن لا سجل ولا هوية للابن إلا بهذا الطلب,, ولا حول ولا قوة إلا بالله,, من هذا الحال.
* وحالة أخرى من الاحوال الصعبة في الاحوال المدنية فرغم وجود اسم الابن في السجل المدني لوالده,, إلا انه يطالب بشهادة الميلاد التي ادخلت المعلومات المدونة فيها الى السجل المدني فكانت الاساس الذي بني عليه وجود رقم في هوية الاب يسجل الابن المدني,, وهل من المفترض ان يحتفظ الاب/ الابن بشهادة الميلاد حتى سن الخامسة عشرة,, وهو قد دخل ثلاث مراحل من مراحل التعليم على الاقل,, وسجل في عدة بطاقات وشهادات دراسية!! إذا لم يحضر الاب/ الابن شهادة الميلاد فإن عليه مراجعة البلدة التي صدرت منها في الاساس حفيظة النفوس!! ولا ندري ما المبرر في هذا!! لماذا سؤال احوال طريف التي ولد فيها حسن,, او نجران التي ولد فيها معاوية عن وجود اسميهما في هوية والدهما يزيد الذي استخرج هويته من ادارة الاحوال المدنية في المدينة المنورة,, طالما ان المعلومات قد سجلت هويته من ادارة الاحوال المدنية في المدينة المنورة,, طالما ان المعلومات قد سجلت في السجل المدني الذي حل آليا في نقل كل المعلومات من الطرفيات الموجودة في كل ارجاء المملكة عن اي احوال مستجدة على السجل المدني,, ام اننا مازلنا في حاجة الى ختم وبصمة في عصر الحاسوب,, ومعلومات الفضاء والانترنت.
* حالة ثالثة,, إذا اراد الطالب الالتحاق باحد القطاعات العسكرية فإنه لا يكتفي بالسجل المدني للطالب بعد استخراجه نظاما,, بل لابد من شهود وشهادات من بلد المنشأ لاجداده,, وتعريف ومعرفين!! على ماذا,, على معلومات كلها موجودة في السجل المدني,, ولم يعد لهذا الطلب وجاهة ولا حاجة فقد توالدت الاجيال,, ومن كان جده من بقعا فإن اباه قد ولد في رماح,, وولد ابنه في الرياض وأصبحنا وطنا واحدا موحداً متوحداً فلماذا,, كل هذا التعقيد,,؟!
* حالة رابعة,, إدارات الشرطة تسجل السيارات وتخرج الرخص للمركبات والسائقين بموجب بطاقة الاحوال - السجل المدني - هوية المواطن,, ويستقدم المواطن العمالة,, ويتعامل مع المصارف والبلديات,,, الخ,, إلا ان المرور لا يعترف بهذه الهوية كتعريف لحاملها,, وعند وقوع حوادث مرورية إذا لابد من تعريف من العمدة,, او مؤسسة تجارية تصادق عليها الغرف التجارية!! شيء غريب,, كيف تقبل الهوية في امتلاك السيارة,, واستقدام السائق - ولا تقبل للتعريف بالمواطن!! وما ذنب المواطن الذي ليس موظفا ولا تاجراً,, فمن يعرف به!!
السجل المدني - هوية المواطن,, اصدرتها وزارة الداخلية لتقبل في جميع تعاملات ومعاملات المواطن التي لها علاقة بحياته المدنية ولابد ان تحترم من قبل اجهزة الدولة قبل غيرها وبوجودها تنتفي الحاجة الى شهود وشهادات ومعرفين واختام الغرف التجارية.
أعلم ان هنالك بعض الحالات التي تستدعي ظروفها لدرجة عالية من التحقق والاستقصاء,, ولكن لا يجب تعميم الحالات الخاصة على الجميع,, وكل هوية سجلت بالحاسب الآلي اعتقد انها واجبة النفاذ,, والقبول والاحترام,, لاننا نثق أنها لم تعط إلا بعد استكمال كل المسوغات النظامية.
تلك احوال من معاناة المواطنين من ادارات الاحوال المدنية,, والحال يقضي بالتطوير والتحديث للانظمة والاداء المهني من اجل التسهيل والتيسير على المواطنين,, الذين ما وجد النظام إلا من اجل حمايتهم ورعايتهم وخدمتهم, واعلم بما لدى الامير نايف وزير الداخلية من محبة وتطلع إلى التطوير والتنظيم.
ان القول بأن المستوى التأهيلي العلمي لغالبية من العاملين في ادارات الاحوال المدنية ضعيف,, أمر صحيح,, فيبدو ان لا وجود لحملة مؤهلات,, القانون المدني والجنائي/ الانظمة/ الاجتماع/ الادارة/ تحقيق الشخصية والبصمات الخ,.
ولذا فإن الاداء لا يؤمل في الارتقاء به إلا بوجود كفاءات مؤهلة مدربة تستطيع العمل والتعامل مع الناس والمستجدات في العلوم والتقنية بذهنية واعية ومهارات عالية.
حالة جديدة: بدأت شركات تجارية - برعاية ومباركة من وزارة التجارة - في خلق قاعدة بيانات للسجل المدني للمتعاملين مع الاقساط وشركات التقسيط,, وعمل قوائم صفراء وبيضاء,, وسوداء, ترى هل هذا السجل المدني حق لكل من اراد ان يستخدمه ولأي غرض وهل تسمح وزارة الداخلية بهذا العبث بالهوية الوطنية,,؟!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved